الأقباط متحدون - لماذا خرج «مبارك» عن صمته؟
  • ٢١:٤٨
  • الخميس , ١١ يناير ٢٠١٨
English version

لماذا خرج «مبارك» عن صمته؟

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١١ يناير ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

 آن الأوان لأن يخرج الرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك» عن صمته، ليس دفاعاً عن سمعته الشخصية أو ذمته المالية، إنما دفاعاً عن قدسية أرض الوطن.. لطالما كنت ضد «مبارك» أثناء وجوده فى الحكم، وضد «التكويش على السلطة».. لكننى لم أنس أبداً أنه ابن «المؤسسة العسكرية»، وأنه مقاتل محترف ومفاوض محنك انتزع «طابا» من أنياب الإسرائيليين بمفاوضات مضنية.

 
عقب ثورة يناير 2011، كنت ضمن مجموعة من الكتاب والمثقفين نتحاور مع بعض أعضاء المجلس العسكرى للمشير «طنطاوى».. وقتها سألت: عن الذمة المالية لـ«مبارك»، عن محاسبة المسئولين عن «الفساد السياسى»، عن سر وجود الدكتور «زكريا عزمى» فى قصور الرئاسة بعد الثورة.. والآن بدأت تتدفق المعلومات: بحسب المحامى العقر «فريد الديب» فإن كل ما يملكه «مبارك» هو «تحويشة» عمره منذ عمله بالقوات المسلحة إلى خروجة بالمعاش 6 ملايين جنيه، موجودة بأحد البنوك المصرية، وأن ذلك وارد فى إقرار الذمة المالية!.
 
وبحسب مصدر رفيع المستوى فإن «زكريا عزمى» قام بتوثيق كل قطعة أثاث أو أنتيك فى قصور الرئاسة، مما جعل الحفاظ على ثروة مصر المعمارية والأثرية ممكناً.. أما «الفساد السياسى» فقد تفرقت دماء المسئول عنه بين القبائل.
 
كان لا بد أن يرد «مبارك» على ادعاءات هيئة الإذاعة البريطانية BBC، التى نشرت وثائق زعمت خلالها أن الرئيس الأسبق «مبارك» قبل طلباً أمريكياً بتوطين فلسطينيين فى مصر ضمن تسوية سياسية مع إسرائيل قبل أكثر من 30 عاماً.. وجاء رد «مبارك» كالتالى: «لا صحة إطلاقاً عن قبول مصر أو قبولى بتوطين الفلسطينيين أرض مصر».. ووفقاً لبيان الرئيس الأسبق فقد شملت أهم دفوعه فى الرد على تلك المزاعم، اتخاذه قراراً بسحب السفير المصرى من إسرائيل رداً على العدوان الإسرائيلى واجتياحه لبلد عربى ووصول قواته لبيروت، وعمله على تأمين خروج الفلسطينيين المحاصرين فى بيروت.
 
أضف إلى ذلك إصرار «مبارك» على تحرير أرض «طابا» ولجوءه للتحكيم حتى عادت إلينا، والدور الأمريكى فى دعم سقوط «مبارك» ومساندة الإخوان فى تحقيق أهدافهم حتى يحققوا ما رفضه «مبارك».
 
يقول الكاتب الكبير «عادل حمودة» -نقلاً عن «هيكل»- إن عروض البيع والشراء الأمريكية تكررت علينا أكثر من مرة: فى سنة 1950 عرضت الولايات المتحدة على مصر مشروعاً حمله السياسى الأمريكى «كلاب» لشراء سيناء وتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها حلاً لمشكلتهم، وتركت شيكاً على بياض للملك «فاروق» ليحدد المقابل المادى الذى يرضيه لإتمام الصفقة لكنه رفض.
 
وبعد خمس سنوات حاولت الولايات المتحدة شراء صلح منفرد بين مصر وإسرائيل يكون تمهيداً لصلح عربى شامل مقابل تعهد بالمساعدة فى بناء السد العالى وحمل العرض «روبرت أندرسون» وزير مالية «أيزنهاور» الرئيس الأمريكى وقتها.
 
لكن ما رفضه جمال عبدالناصر فى عام 1955 سعى إليه «أنور السادات» فى عام 1977.. بعد اندلاع «انتفاضة الجوع»، استغلت أمريكا الأزمات الاقتصادية والسياسية فى مصر وأقنعت «السادات» بأن الحل هو الصلح مع إسرائيل ودفعت به إلى السفر إليها.. ومرة أخرى كان دفتر الشيكات حاضراً.. معونة عسكرية واقتصادية قيمتها 2.1 مليار دولار سنوياً أصبحت فيما بعد منحاً لا ترد، وإن راحت تتناقص عاماً بعد عام فقد استنفدت أغراضها.
 
وكان منطق الصفقة المضلل دائماً: إذا كانت سيناء أرضاً بلا شعب والفلسطينيون شعباً بلا أرض فلمَ لا نعقد زواجاً استراتيجياً بينهما ونريح العالم من صداع قضية مزمنة عجز الجميع عن حلها؟.
 
وأمريكا مستعدة دائماً لأن تفتح خزائنها، أو تمنح رئيس مصر جائزة «نوبل» مقابل تحقيق مشروع توطين الفلسطينيين فى سيناء!.
 
كانت الخرائط مرسومة، ودفتر الشيكات جاهزاً، لدرجة أن مجلة «نيوزويك» نشرت تقريراً وصفت فيه «غزة» بأنها محور خطة أمريكية سرية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فى «سيناء» تمهيداً لإعلان دولتهم!.
 
وحين حكمت جماعة الإخوان «الإرهابية» مصر كانت جاهزة لعقد الصفقة المشينة: «الأرض مقابل الحكم».. فالجماعة لا تعترف بالحدود ولا بالسيادة الوطنية، وتنازل دولة مسلمة عن أرض لدولة مسلمة أخرى أمر تقره الشريعة.. لتحقيق حلم الخلافة الأكبر.
 
الآن، تشهد مصر حرباً ضارية ضد الإرهاب فى سيناء، وتمر بأزمات اقتصادية مؤلمة، تسهم الدول الكبرى فى مضاعفتها، ورغم ذلك تخوض حرباً تنموية فى مختلف أنحاء مصر.. وتحتل سيناء القلب منها.
 
من هنا نفهم لماذا تصر القيادة السياسية على عدم تهجير أهالى سيناء، رغم ما يعانونه من أهوال خصوصاً المسيحيين منهم، ونفهم كذلك لماذا تنفق المليارات فى تعمير «مدن القناة» وتطوير حركة الملاحة فى «قناة السويس».. فهذا ما يسمى «السيادة الوطنية» على أرضنا، وزرعها بالبشر.
 
«سيناء» هى المطمع الدائم للإدارة الأمريكية، وحمايتها لا بد أن تكون بمزيد من التنمية، ووضع عوامل جذب لتوطين البشر فيها، وهنا لا يجب أن تبحث الدولة عن «مكسب ما».. فالمكسب الحقيقى أن تظل سيناء قطعة من قلب كل مصرى.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع