الأقباط متحدون - تدهور التعليم الجامعي بين الأمس واليوم سؤال منذ 64 سنة
  • ١٢:٤٩
  • الأحد , ١٧ سبتمبر ٢٠١٧
English version

تدهور التعليم الجامعي بين الأمس واليوم سؤال منذ 64 سنة

مدحت بشاي

بشائيات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الأحد ١٧ سبتمبر ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com

" لماذا تدهور التعليم الجامعي ؟ " كان العنوان المثير لتحقيق صحفي رائع أجرته مطبوعة " الإثنين " الدورية  بدار الهلال "عام 1953 ، و في عناوين فرعية تصدرت التحقيق كتب مُعد التحقيق للنشر:

•    تدخل السياسة وتقديم الكم على الكيف!
•    لماذا لا تأخذ الجامعة بنظام العرفاء ؟
•    أحاديث صريحة للشباب عن عيوب الشباب !
وكان ذلك الاستهلال الطيب للتحقيق ..

" يهتم ولاة الأمور في هذه الأيام اهتماماً بالغاً بشؤون الطلبة وجامعاتهم ، وتنصب جهود المصلحين على مناقشة أنجع الوسائل في النهوض بالحياة الجامعية إلى المستوى اللائق بها في بلد كمصر ، يريد أن تكون الثقافة العالية فيه وسيلة فعالة في بناء النهضة المرجوة ... وقد رأت " الإثنين " أن تساهم في بحث هذا الموضوع الخطير ، ولذلك دعت إلى ندوة جامعية أقيمت بدار الهلال ، اشتركت فيها هيئة تمثل أهم العناصر التي تتألف منها جامعة القاهرة ، وقد حضر هذه الندوة الأستاذ حسين عارف عميد كلية الزراعة ، والدكتور عبد العزيز صالح وكيل كلية الهندسة ، والدكتور عثمان أمين الأستاذ بكلية الآداب ... وكان بين الحاضرين لفيف كبير من الخريجين والطلبة والطالبات ، فتحدثوا بصراحة فيما يأخذونه على الجامعة من أوجه النقص ، كما تحدثوا فيما يأخذونه على أنفسهم من عيوب وأخطاء ! وقد أدارت المناقشة بالنيابة عن " الإثنين " السيدة أمينة السعيد ، وعاونها الأستاذ مرزوق هلال " ..
وعلى صفحات مجلتنا " المصور"  بعددها الصادر في 25 نوفمبر 1955 كان التحقيق بالعناوين                       الفرعية التالية "
نحن نستفتي أساتذة الجامعات الثلاث

كيف نسمو برسالة الجامعة ؟
•    الوزير الذي ورث جامعة مثقلة بالديون !
•    الهروب من الجامعة ... للاستماع لمسلسل " سمارة " !
•    تقرير المجانية ... مهمة وزارة الشئون الاجتماعية !
قضية الجامعة هي قضية مصر ... وهذا البحث الذي نقدمه إلى رجال ثورة 23 يوليو عن مشاكل الساعة في الجامعة ، قوامه اسفتاء ضخم اضطلع بعبئه صبري أبو المجد مندوب " المصور " بين مجموعة كبيرة من أساتذة الجامعات الثلاث ، وعاد بهذه الحقائق الأرقام ، هي كفيلة بأن تبعث أضواء قوية تنير طريق الإصلاح .

كارثة هذا البلد في عهوده الماضية ، أن حاكميه كانوا يتخبطن في سياساتهم الداخلية الخارجية خبط عشواء فلا برنامج ... ولا تخطيط !
وأمل هذا البلد ، أن حاكميه اليوم يؤمنون بالبرنامج ، ولا يسيرون خطة بغير تخطيط للخطط التالية .
ونحن اليوم بصدد مشكلة المشاكل : الجامعة ! .. وأقول مشكلة المشاكل ، لأن الجامعة مجموعة من المشاكل ، لا مشكلة واحدة !
آلاف من الشباب يقفون على أبواب الجامعة ، يدقون هذه الأبواب بعنف ... إنهم يريدون الدخول ! آلاف من الشباب خارجون من أبوابها .. إنهم يريدون العمل .. يريدون الحياة .. بين هؤلاء وأولئك ، جيش من الشباب يزيد على خمسين ألفاً ، تفتحت لهم أبواب الجامعة ... لكن لهم ألف مشكلة ومشكلة في حاضرهم ... وأمامهم المشكلة الكبرى ... المستقبل !

جامعة مثقلة بالديون
وأعود فأقول أن أمل هذا البلد ، أن حاكمية اليوم يؤمنون بالتخطيط .. ومن ذلك ، أن السيد وزير التربية والتعليم ، قد استفتى وزارة الصحة في الرقم الذي تتطلبه حاجة البلاد من الأطباء خلال السنوات العشر القادمة ، على أساس طبيب واحد لكل 2500 نفس (  وعندنا في الوقت الحاضر طبيب لكل 3500 نفس ) فجاءه الجواب بأننا في حاجة إلى مزيد من الأطباء قدره نحو 3000 طبيب في غضون السنوات العشر
وعلى هذا الأساس ـ مع مراعاة الإمكانيات الحاضرة لكليات الطب ـ كان فتح أبواب هذه الكليات لنحو 815 في هذا العام ، والسيد وزير التربية والتعليم يعلم ، إذ هو بسبيل هذا التخطيط ، إنه ليس بالتخطيط المثالي الذي ينشده ، لأسباب خارجة عن إرادته " لقد ورث هذه الجامعة مثقلة بالديون ، وسداد هذه الديون أمر لا يتم في ثلاث سنوات               " وأول القائمة في هذه الديون ، أن الجامعة قامت منذ إنشائها على سياسة خاطئة ، هي فتح أبواب الكليات النظرية على مصراعيها بدون مراعاة لحاجات البلاد من كل كلية منها ... وتضييق ثغرات الدخول إلى الكليات العملية ، لضيق إمكانياتها من أساتذة ومعامل مع شدة حاجة البلاد إلى خريجيها !

حينما تتكلم الأرقام
والنتيجة الصارخة أنك تقرأ كل يوم في إعلانات الوظائف والموظفين بالصحف " مطلوب صيدلي لأجزخانة ... المرتب سبعون جنيهاً "  ! وتجد إلى جانب ذلك خريجي الحقوق ، الذين قيدوا أسماءهم في سجل المحامين تحت التمرين ، يطالبون نقابة المحامين بحق الحياة ... يطالبونها بما يكفل لهم لقمة العيش !
وتجد خريج التجارة أو الآداب يطوف بأبواب ديوان الموظفين والبنوك والشركات ، في طلب وظيفة متواضعة ، ليفوز بعشرة جنيهات في الشهر ! وهذا وذاك ... هذا الذي يحلم بعشرة جنيهات ... وذاك الذي يبحثون عنه ليعطوه سبعين جنيهاً ... خريجا جامعة واحدة ، وحاملا درجة جامعية واحدة اسمها                    " البكالوريوس " !
ثم نقفز إلى أعداد مجلة " المصور " وتحقيقاتها الهامة في مجال التعليم باهتمام وتفرد وحرفية من جانب قسم التعليم برئاسة الكاتبة الصحفية الرائعة إيمان رسلان .......

 وإليك عزيزي القارئ جانباً من لقاء مع رئيس جامعة ، و أيضاً رئيسها السابق وحوار للمصور نشر مؤخرا ..وبعض مما قالا لتعقد عزيزي قارئ " الأقباط متحدون بين الأمس واليوم ..

د. عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس : كجامعة نحن أخذنا على عاتقنا أن تكون الأسابيع الثقافية كلها لتأصيل الهوية المصرية بدايةً من العصر الفرعونى إلى يومنا هذا، و أن نتحدث للشباب عن تاريخ بلده، لأنه يوجد أجزاء فى التاريخ لا يعرفها الطلبة..  بدون شك عدم معرفة المصريين وشبابهم بتاريخ بلادهم قولًا واحدًا يهدد «الأمن القومى المصري»، وأنا لدى تجربة بعد ثورة «٢٥ يناير»، عندما كنت نائبا لرئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وأتذكر أنه فى فبراير أو مارس ٢٠١٢ كانت هناك دعوة للاعتصام والإضراب فى مصر، وكان وقتها هناك زيارة لوزير التعليم العالي، وجلس مع اتحاد طلاب الجامعة، وتناقشوا فى هذه الفكرة، وعندما جاء دورى للحديث سألت الطلاب وقلت لهم: «كم شخص منكم قرأ تاريخ مصر المعاصر وهو كتاب مبسط من عام ٣٠ إلى عام ١٩٥٢وفى هذه الفترة الحركة الطلابية المصرية كانت ثرية وغنية جدًا، والطلبة كانت تخرج من المحاضرات لعمل مظاهرات وطنية، والمظهر الشهير والكل يعرفه عندما تم فتح كوبرى عباس لمنع الطلبة من المرور»، وسألتهم: هل رأيتم مظاهرة فى يوم من الأيام طالبت بالإضراب والاعتصام، أو مظاهرة حرقت مبانى أو متاحف؟، الطالب كان يُعبر عن رأيه فى وجود أحزاب فاسدة وملك غير مصري، واحتلال إنجليزي، بالإضافة إلى ظروف معقدة جدًا، مقارنةً فى ٢٠١٢ بطالب لا يعرف تاريخه، ويطالب بالإضراب والاعتصام فى جامعة تقدم العديد من الخدمات التى يحتاج إليها عدد كبير من المواطنين الفقراء من عمليات جراحية وكشف طبى وعدد ضخم يحاضر فيها!.. وسألتهم هل الطلاب فى الثلاثينيات والأربعينيات كانوا أكثر وعيًا وثقافةً بتاريخ مصر منكم؟، والإجابة الكبرى كانت نحن نعرف أن طلاب زمان كانوا أكثر ثقافةً ووعيًا وإدراكًا بمعطيات الأمن القومى المصرى منا، وهذا اعتراف من الطلبة، لذلك هذه الجلسة مع وزير التعليم العالى كانت تاريخية.. إذن بهذا المثال البسيط نحن نجنى على الشباب الذى لا يعرف تاريخه، ومعرفة التاريخ ليس معناه مللا، وللأسف التاريخ يُدرَس فى مصر بطريقة غير صحيحة.

د.حسين عيسى: نحن ضد أى وقف للاتحادات الطلابية فنحن دائما مع وجود الاتحادات وأن تقوم بدورها.. ودعنى أقول أن تاريخى داخل الجامعة علمنى شيئا هاما وهو أحيانا يكون اتحاد الطلاب هو أحد معوقات النشاط الطلابى، على سبيل المثال فى عام ٢٠٠٢ كان هناك احتكار للأنشطة لعدد من الطلبة، وجميع الأشياء هم فقط من يتمتعون بها، فقررت كسر هذا الاحتكار بتنظيم رحلة إلى مكان معين، وكانت تكلفة الرحلة فى ذلك الوقت ٣٠ جنيها الطالب يدفع ٥ جنيهات، والاتحاد يتحمل باقى المبلغ ٢٥ جنيها، وبالفعل تحركت هذه الرحلة بعدد لم يحدث فى تاريخ عين شمس ووصل عدد الطلاب المشاركين إلى ١٦٠٠ طالب بحوالى ٣٥ أتوبيسا، وشارك طلاب لأول مرة فى هذا النشاط.. وقبل الرحلة بـ ٤٨ ساعة قررت رئاسة الجامعة إلغاء الرحلة لصعوبة السيطرة على ١٦٠٠ طالب، وتحدثت مع الإدارة بأن هذه تجربة جديدة فى الجامعة يشارك فيها طلاب لأول مرة، بالإضافة إلى إرسال رسالة إلى الطلاب بأن الاتحاد يقدم أشياء لزملائهم فى الجامعة، وفى النهاية أرى أن أى مصالح شخصية تفسد النشاط قيمته، وأى روح تعاون تكسب معنى وهدفا.

وأخيراً عزيزي القارئ ، هل ترى أننا عبقر كل هذه الحقب من عمر البلاد والعباد والأنظمة قد استطعنا أن نجد الإجابة على سؤال " دار الهلال " :
لماذا تدهور التعليم الجامعي ؟ و هل حقاً بات لدينا إرادة التطوير ونحن نكرر مقولة " التعليم قضية أمن قومي " ؟!!!!