الأقباط متحدون - الوقوع بين طرفى نقيض
  • ٠٥:٥٣
  • الاثنين , ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧
English version

الوقوع بين طرفى نقيض

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٣٥: ١٢ م +02:00 EET

الاثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

تمر العلاقات المصرية - الأمريكية بمرحلة جديدة من مراحل التوتر، بحيث لم تثمر مرحلة التحسن التى كانت متوقعة قرارات أمريكية جديدة مغايرة لتلك المرحلة الممتدة من «بوش» الابن فى بداية الألفية الثالثة حتى باراك أوباما الذى أنهى ولايته الثانية فى العشرين من يناير الماضى. كان الأمل يحدونا فى مصر أن تتبدل الأحوال وتتغير السياسة الأمريكية بمجىء الرئيس الجمهورى دونالد ترامب، ويبدو أن مبالغات كثيرة وقعت من جانبنا تجاه التحسن القادم فى العلاقات المصرية - الأمريكية نتيجة حالة التوافق التى كانت بادية على علاقة الرئيس السيسى بالمرشح الجمهورى ترامب، مقارنة بتلك الحالة التى كانت عليها علاقة الرئيس المصرى بالمرشحة الديمقراطية، امتداد إدارة باراك أوباما، هيلارى كلينتون.

ويبدو أن غلبة البعد العاطفى لدينا على البعد التحليلى والقدرة على استيعاب حقيقة أن العلاقات الدولية تقوم على المصالح وليس المشاعر، دفع البعض فى مصر إلى القفز إلى استنتاجات غير صحيحة بالمرة، فتصرفات الرئيس الأمريكى بعد أن جلس على كرسيه فى البيت الأبيض اختلفت كثيراً عما كان يصرح به ويقوله، فالرجل جاء إلى المنطقة فى جولة لم تكن القاهرة محطةً فيها. وكان قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بمدينة القدس المحتلة كعاصمة أبدية لإسرائيل، بمثابة الخطوة الكاشفة لحقيقة التفاعلات القادمة فى العلاقات المصرية - الأمريكية، فقد تحركت مصر كعضو فى مجلس الأمن وقدمت مشروع قرار ضد القرار الأمريكى وافقت عليه جميع الدول الأعضاء عدا واشنطن، التى استخدمت حق الفيتو لمنع صدور القرار، وعندما تم التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت مندوبة واشنطن فى المنظمة الدولية أن الدول التى ستصوّت عكس رغبة واشنطن لن تحصل على معونات من الولايات المتحدة، وصوّتت مصر ومعها 123 دولة على القرار بينما صوَّت مع واشنطن 9 دول فقط، منها جزر مارشال وترينداد، وميكرونيزيا...

هناك مؤشرات على توتر قادم فى العلاقات المصرية - الأمريكية، وفى سياقه يمكن فهم تحرك منظمة التضامن القبطى التى يرأسها مجدى خليل تجاه الكونجرس، للدفع نحو مشروع قرار يناقش أوضاع الأقباط فى مصر ومشكلاتهم وقصة بناء الكنائس، وهنا أقول: إن لدينا فى مصر مشكلات حقيقية وهناك تضييق بالفعل على بناء الكنائس وتهميش للأقباط فى الوظائف العامة، وهى مشكلات تعود إلى أسباب اجتماعية وثقافية ودور لمؤسسات وأجهزة أمنية، لكننى أؤمن إيماناً تاماً بأنها مشكلات مصرية وتحل بين المصريين، ونرفض على نحو مطلق أن تناقش قضايانا المصرية داخل الكونجرس الأمريكى، ولا نريد أن نرى أى دور أمريكى فى مثل هذه القضايا، فمشكلاتنا مهما تنوعت وتعددت وتعقدت، سنحلها فى مصر وعلى أرضية مصرية خالصة.

هذا الكلام لن يعجب الأستاذ مجدى خليل، الذى سبق أن اتهمنى فى عدة مقالات بأننى عميل لأجهزة الأمن المصرية، لأنه ببساطة يريد تدويل القضية ويعتبر أنه مبعوث العناية الإلهية لحل مشكلات الأقباط وإنهاء معاناتهم. كما لن يعجب هذا الكلام المحامى رجائى عطية، الذى سبق أن اتهمنى فى سلسلة مقالات بالتعصب والتطرف، وفى تقديرى أن اتهامى من طرفى نقيض بتهمتين متناقضتين كاشف فى ذاته عن طبيعة موقفى وموقعى أيضاً، فالأول يعتبر أن الأقباط يعانون اضطهاداً فى مصر، ورفضى لمنطقه ولأسلوبه ورفضى الجازم لأى تدخل خارجى فى شئون بلادى تحت أى دعاوى، وإيمانى بأن الحل مصرى، جعله يتهمنى بالعمالة للأمن، والثانى لأنه متعصب ومنفصل عن الواقع، يرفض رؤية الحقائق كما هى على الأرض، بل يرد على الوقائع باستغراق فى ذكريات ومرويات مرّ عليها زمن، ويستخدم أسلوباً عفا عليه الزمن فى الرد على حقائق التمييز بسرد شخصيات شغلت مواقع وصداقات قديمة، لذلك يرى فيما أكتب دفاعاً عن دولة المواطنة والقانون تطرفاً وتعصباً...

إذا هاجمك طرفا نقيض وبتهم مضادة لبعضها البعض، فاعلم أنك كشفت تطرّفهما وتعصّبهما.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع