الأقباط متحدون - العلم عصا موسى التى تلتهم حيّات الخرافة
  • ٠١:١١
  • السبت , ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧
English version

العلم عصا موسى التى تلتهم حيّات الخرافة

مقالات مختارة | بقلم د. خالد منتصر

٥٤: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

 د. خالد منتصر
د. خالد منتصر

أن يخرج علينا فى فضائية شهيرة مَن يسمى نفسه باحثاً ويعلن عن اكتشافه علاجاً للسرطان وأنه مرشح بسبب هذا الاكتشاف الرهيب لجائزة نوبل، ويتبجح أكثر فيقول إن شيخ الأزهر يرعاه ويرعى اكتشافه ولا يخرج علينا الأزهر بأى تكذيب رغم إعادة البرنامج أكثر من مرة فهذا كارثة، والكارثة الأكبر أن يزدحم المرضى طوابير وجماعات وزرافات للحصول على هذا العلاج السحرى!

عشوائية طبية وفكرية وإعلامية مرعبة نعيش فيها، ينتفض مجلس الإعلام من أجل منع إعلان «أبلة فاهيتا» ويشجعون أبلة فهلويتا ونصبيتا ودجليتا! أرواح المرضى لا تهم. المهم ألا يستثار الناس جنسياً من كليب عندى ظروف! وما دامت البرامج المشتراة تدفع «الأظرُف» لصاحب القناة فلا توجد مشاكل حتى ولو ذهب ضحيتها الغلابة المضحوك عليهم بالوهم المصدّر عبر الشاشات، لكن إلى متى سنصبح ضحايا لتلك المافيا الإعلامية؟ ومتى تنتهى عصابات تجار الموت الذين يرتدون أحياناً قبعات برامج طبية وأحياناً برانيط برامج «توك شو»، وكل شىء مباح، المهم أن نقدم القرابين لصنم الإعلانات والرعاة؟! إلى متى ستصبح برامج الجن هى الخلطة المضمونة للنجاح فيلهث مذيع خلف الجن الذى يرسم لفظ الجلالة على سيراميك صالة المنزل، وتسهر مذيعة مصر لكى تتابع القطط التى تتحول إلى عفاريت فى منتصف الليل!!

ما هو البديل يا سادة؟ البديل هو العلم الحقيقى، البديل هو تقديم الثقافة العلمية وتكوين جهاز مناعة عند المشاهد بحقنة تطعيم المنهج العلمى فى التفكير، العلم هو بمثابة «عصا موسى» التى تلتهم حيّات السحرة والدجالين وسماسرة الوهم.

تتذكرون برامج مرضى فيروس «سى» التى كانت تتحدث مرة عن حمامة توضع على السرة فتشفى المرض، ومرة عن أعشاب عبدالباسط وجهاز عبدالعاطى وبول ناقة الشيخ فلان وحجامة الحاج علان والرقية الشرعية التى يقرأها ذو اللحية الكثيفة والعسل الجبلى الذى يبيعه ذو الجلباب القصير... إلخ، عشنا كل تلك الأوهام والألاعيب حتى الثمالة وصدّقها الملايين، عشناها حتى جاءت «عصا موسى» التى التهمت كل تلك الحيّات السامة فى لحظة حين اكتشف العالم الحقيقى شينازى «السوفالدى» نتاج أبحاث معملية جادة وليس بالجلا جلا، هنا اختفت كل تلك البرامج التافهة وتوارت تلك الفضائيات النصابة وخرست وصمتت كل حناجر السماسرة وأصحاب بازارات الدجل الإعلامى، لكن ما زالت هناك ملاعب مفتوحة للعب هؤلاء الضباع البشريين الذين يجنون ثرواتهم من مص دماء البشر، ما زال هناك السرطان والعقم والروماتويد والشلل والتصلب المتناثر والأمراض الجينية... إلخ، كل تلك الأمراض يحاربها العالم الحقيقى فى معمله، وسنصل حتماً إلى الحل نتيجة هذا العلم الذى لا يعرف إلا الحقيقة العلمية والتجربة المعملية، سيأتى اليوم الذى تصبح فيه تلك الأمراض فولكلوراً متحفياً مثل الطاعون والجدرى والزهرى وغيرها من الأمراض التى كانت تحصد أرواح الملايين وتمحو بلاداً من على الخريطة، لكن حتى تتحقق تلك اللحظات سيظل هناك من يسترزقون منها ويجنون السبوبة ويتمنون أن يسود الجهل وتنتصر الخرافة حتى تتضخم أرصدتهم فى البنوك، ولسان حالهم يقول: فليذهب الوطن والعقل ومعهما الإنسان المصرى إلى الجحيم ما دام الجهل يأتى إلينا بصُرة الدنانير.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع