الأقباط متحدون - المصريون المتأمركون
  • ٠٧:٠٩
  • الأحد , ٢٤ ديسمبر ٢٠١٧
English version

المصريون المتأمركون

مقالات مختارة | بقلم : د. محمود خليل

٠٥: ١٠ م +02:00 EET

السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

 تلك هى النتيجة!.. عن نتيجة التصويت العلنى بالجمعية العامة للأمم المتحدة الرافض لقرار «ترامب» بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أتحدث. منظر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بدا مضحكاً. بدءاً من «ترامب» الذى توعد الدول التى ستصوت ضد قراره بالحرمان من دولارات المساعدة، ومروراً بسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة وهى تكرر التهديد، وصرخات المندوب الأممى لإسرائيل، وهو يرفع ذات العملة التى رفعها من قبل، ليدلل على أن اليهود عاشوا فى القدس منذ آلاف السنين. دول العالم، بما فى ذلك الأعضاء الدائمون ممن لهم حق الفيتو، ضربوا بتلك التهديدات والترهات عرض الحائط، وبدت الولايات المتحدة الأمريكية، كما وصفت لك من قبل، معزولة مخذولة، بسبب حماقة «ترامب» وغروره الذى صوّر له أن بإمكانه أن يسيّر الدنيا على هواه وهوى إخوانه الصهاينة.

 
بعض المصريين قللوا من شأن مشهد التصويت بالجمعية العامة ضد قرار «ترامب»، وأخذوا يتحدثون عن أن أمريكا وإسرائيل سوف تفرضان ما تريدان، وأن كل من رفض لن يكون أمامه بعد حين إلا القبول. ليس بأمانيكم!. هناك مثقفون وبسطاء يميلون إلى التماهى بالولايات المتحدة الأمريكية، وفى كل المواقف يراهنون على أنها سوف تملى إرادتها على العالم، وكذلك تتبلور نظرتهم إلى إسرائيل. وقد وصل الأمر ببعضهم إلى حد الحديث عن أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هما الجهتان الأصيلتان لرسم خرائط الحكم بالمنطقة. وينسى هؤلاء فى غمرة النشوة والذوبان فى القوة الصهيو أمريكية أن هذين الطرفين لا يتمكنان إلا من رقاب الأنظمة التى تهين شعوبها، ولا تستمد منها شرعية حكمها، ويغفل هؤلاء أيضاً عن أن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت فى تحقيق الأهداف الأصيلة فى تقسيم العراق، نعم ساهمت فى خراب هذه الدولة، لكنها فشلت فى تحقيق الحلم الصهيو أمريكى بتفتيته. كانت إسرائيل فى العلن وأمريكا فى الخفاء تدعمان توجه أكراد العراق نحو الانفصال بدولة مستقلة، لكن الخطة فشلت. أمريكا صنعت إرهاب «القاعدة» ودعمته، ثم انقلب السحر على الساحر، وتمكن التنظيم من قتل آلاف الأمريكيين فى برجى التجارة عام 2001.
 
«المصريون المتأمركون» المتماهون بقوة الولايات المتحدة ينسون درساً مهماً من دروس التاريخ. يقول هذا الدرس إن أى قوة تضع نفسها فى اختبار خاسرة لا محالة. الدولة أو المؤسسة أو الشخص الذى يشعر بقوة حقيقية لا يجد نفسه بحاجة إلى استعراض عضلات قوته على الآخرين، إذ يكفيه جداً إحساس الآخرين بها حتى يتمكن من السيطرة عليهم. الأحمق «ترامب» حوّل الولايات المتحدة الأمريكية من دولة قوية إلى دولة تستقوى بعضلاتها ومالها على الآخرين لتغلبهم على قبول ما لا يعقل قبوله، ليضعها فى مربع «البلطجة». وفارق كبير بين فكرة القوة وفكرة «البلطجة». «ترامب» ليس رئيساً قوياً، كما وصف وهلل مناصروه من المصريين عندما فاز بالانتخابات، بل مجرد «بلطجى». دفع الأحمق أمريكا إلى اختبار قوتها وفرض ما تريد على العرب، فكانت النتيجة خسارة عاجلة، وظنى أن الخسائر الآجلة سوف تكون أكبر، والثمن سوف يكون كبيراً، ولن يدفعه «ترامب» وحده، بل سيشاركه فى الدفع كل من آزره وساند جنونه.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع