الأقباط متحدون - التمثال العارى يصرخ لا تطمئنى يا جزائر
  • ٠٦:٤٣
  • الاربعاء , ٢٠ ديسمبر ٢٠١٧
English version

التمثال العارى يصرخ لا تطمئنى يا جزائر

مقالات مختارة | خالد منتصر

٠٦: ١١ ص +03:00 EEST

الاربعاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

أثار تحطيم تمثال عين الفوارة بمدينة سطيف بالجزائر من قِبَل مواطن سلفى غضب المثقفين الجزائريين، بل والمثقفين المستنيرين فى العالم العربى كله، فقد كان مشهد هذا الملتحى وهو يكسر التمثال بمعوله بكل انتقام وتشفٍ وكأنه يقتل تنيناً!! كان مشهداً مثيراً للغثيان والقرف والمرارة والحزن، والصدمة أن الجزائر كانت قد اطمأنت أنها قد قضت على الإرهاب بعد أن دفعت أنهار دماء، لكنهم استيقظوا أمس على كارثة أن مفرخة الإرهاب لم تعطل بعد، وأن المستنقع ما زال يُفرز عفن التطرّف، سأختار ثلاثة تعليقات من مثقفين جزائريين معروفين منهم من يعيش فى باريس مثل الكاتب الكبير واسينى الأعرج، ومنهم من يعيش فى لندن، مثل هاجر حمادى، ومنهم من يعيش فى الجزائر نفسها، مثل كمال داود، كتبت هاجر حمادى: «سلفى جزائرى يحطّم تمثال عين الفوارة بمدينة سطيف، بحيث تهجّم على التمثال وهو لامرأة عارية وأخذ يضربه بالفأس، وانفجر كبته كبركان تناثرت شظاياه على سطح الحضارة، لم يتحمّل هذا المريض المعتوه الإرهابى صنماً عارياً، فبدأ يشوه الأثداء وتفاصيل الصنم على مرأى من المارة، إلى أن جاءت قوات الأمن وألقت عليه القبض..!!، لقد تكلمنا كثيراً عن هذا الدمار الفكرى وحاربناه ونحاربه يومياً، لكن الأمر لا يكفى فى انعدام رجال حقيقيين فى الجزائر ليمنعوا هذه الكارثة، ولم أستغرب كثيراً الأمر لأنّ هذا السلفى هو ابن من ذهبوا إلى أفغانستان، وشاهدوا تحطيم المجاهدين لتمثال بوذا بمباركة القرضاوى آنذاك، وحتى لو تم إعدامه فلن يفيد الأمر، لأنّ هذا الفعل مرتبط بأفكار تُعشّش فى عقول أغلبية الشعب، وتنتشر على مرأى من الدولة وهياكلها الأمنية..!!

أكثر ما آلمنى فى الموضوع هو الرسالة التى وصلتنى من دكتور نمساوى، وهو مختص بالشئون الفكرية والنفسية للمجتمعات الإسلامية، حين قال لى: «لم أكن أتوقع أن أرى تكسير التماثيل فى شمال أفريقيا العريقة حضارياً، بينما أشاهد رياح الموسيقى والفنون تهبّ على صحراء السعودية..!».

شعرت بحرج كبير لكننى صريحة ولا أحب الشعارات الفارغة وتزوير الحقائق، فأجبته قائلة «نعم، هذه حقيقة، وأضف إلى بحوثك أنّ أغلبية الشعب، أو على الأقل، أكثر من نصف الشعب، توافق على أفعال كهذه، وتحمل نفس أفكار هذا المجرم، فقط لا يملكون الجرأة كى يفعلوا مثله خوفاً من الأمن، وكذلك أضف إلى معلوماتك أنّه نفس الأمر ينطبق على بقية دول المشرق والمغرب، وحتى على معظم المهاجرين المسلمين الذين يعيشون عندكم، الأغلبية تحرّم الفنون والتماثيل والحريات وكل ما يندرج فى هذا السياق، الأغلبية تريد الخراب والدمار ونموذج الخلافة لو أتيحت لها فرصة الاختيار، فالكارثة فكرية ويتم تدريسها فى كل المساجد والمؤسسات الدّينية».

أما كمال داود فقد كتب بالفرنسية تحت عنوان: حان وقت محاربة الإسلاميين والفئران الملتحية فى الجزائر بشكل عملى، كتب ما يلى والترجمة لهاجر حمادى:

يا إلهى ما هذه المأساة، ما هذا الشعور بالعجز، وما العمل لإنقاذ البلاد والدفاع عنها!!؟، هل نحمل الأسلحة من جديد؟، هل نُشكّل ميليشيات لحماية أرضنا طالما النظام لا يفعل ولا يريد أن يفعل شيئاً إزاء الوضع الراهن!!؟؟، يجب أن نفكّر بذلك، وإلا فلنستسلم للهزيمة ولنترك لهم الساحة..!!، كيف سنترك بلادنا لهذه الفئران الملتحية، ولهذه الأيديولوجيات الخاضعة!!؟؟، لقد تجاهلنا كثيراً الوضع وأغمضنا أعيننا عنهم، فى حين هم القتلة وليس نحن..!!، لقد شعرنا بالذنب لأنهم استخدموا سلاح الدّين، وجعلوا من أنفسهم أولياء لله وملاكاً لإسلامه، وتم اتهامنا نحن بأننا خونة وغرباء..!، لن ندع أى شىء يمر مرور الكرام، علينا تقديمهم للعدالة والضغط عليها، ومحاصرة المنافقين والفاسدين منهم، ومراقبة ومهاجمة الدول التى تساعدهم وتموّلهم..!

كتب واسينى الأعرج هذا التعليق القصير البليغ الحزين:

«عين الفوارة.. القتلة مروا من هنا، النحت الرخامى الجميل فى شكل امرأة معطاءة للخير من خلال تدفق مائها وأنوثتها، أو عين الفوارة التى يتبرك بها السطايفيون الطيبون، تعرضت صباح اليوم للتحطيم المنظم من طرف شخص هيئته لا تنبئ بأنه مجنون. فقد اختار تدمير ثدييها وتشويه وجهها. من قال إن القتلة انتهوا أو خرجوا؟ إنهم يعيشون بيننا، بل فينا».
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع