الأقباط متحدون - «مكارثى» المصرى
  • ٠٣:٣٧
  • الثلاثاء , ١٢ ديسمبر ٢٠١٧
English version

«مكارثى» المصرى

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٧

 د. عماد جاد
د. عماد جاد

 كتب المحامى رجائى عطية أمس الأول (الأحد)، مقالاً فى جريدة «الوطن» الغراء، وصفنى فيه بالاسم بالتعصّب والتطرّف، بل ذهب إلى حدّ التلميح بمعاداتى للإسلام عبر الإشارة إلى وجود قنوات مسيحية فى الخارج تهاجم الإسلام، ثم تحدّث كثيراً عن علاقاته الطيبة بالمسيحيين وموقفه الإيجابى من المسيحية، وفى ختام مقاله هدّدنى بأنه لن يتركنى، وسوف يُخصّص مقاله التالى للهجوم على شخصى. بداية أنا لا أعرف الصفة التى يتحدّث بها المحامى عطية، والتى تعطيه الحق فى أن يقول إنه صبر كثيراً علىّ، ولكن ما كتبه المحامى عطية يذكّرنى بظاهرة المكارثية التى ظهرت فى الولايات المتحدة فى خمسينات القرن الماضى، وذلك نسبة إلى «مكارثى»، ذلك المتطرف اليمينى الأمريكى الذى كان يوجه الاتهام باستمرار إلى مواطنين أمريكان بأنهم شيوعيون، وهذه التهمة كانت كفيلة بالاغتيال السياسى والوطنى للشخصية التى يوجه إليها الاتهام، فقد استغل «مكارثى» أجواء الحرب الباردة مع السوفييت ليصف كل من يختلف معه أو يكتب رؤية لا تصادف هواه، بأنه شيوعى، ولم يسلم من لسانه حتى أبرز الشخصيات الأمريكية التى تركت ميراثاً إنسانياً هائلاً، مثل السيناتور فولبرايت الذى سماه «مكارثى» «هاف برايت» واتّهمه بالشيوعية، وهو صاحب المنحة المخصّصة لتمويل نفقات دراسة غير القادرين فى أمريكا والعالم والمعروفة بمنحة فولبرايت.

 
يُذكّرنى المحامى عطية بـ«مكارثى»، وأجد أنه نسخة مكرّرة منه فى لى ذراع الحقائق وفبركة أكاذيب بغرض تشويه كل من يكتب على غير هواه، ويستخدم لغة شعبوية تقحم الدين إقحاماً، بمناسبة ودون مناسبة.
 
وسوف أضع ردّى على عطية المحامى فى مجموعة نقاط:
 
1 - اتهمنى بالطائفية، لأننى كتبت أكثر من مرة عن وجود تمييز ضد الأقباط فى مصر، فى المناصب وداخل المؤسسات، وسؤالى هنا: ألا يوجد تمييز ضد الأقباط فى مصر؟ أيوجد أقباط فى مؤسسات أمنية حساسة ومهمة فى البلاد؟ ألا يعانى الأقباط من التمييز فى الجامعات والمؤسسات، ألا توجد مشكلات حقيقية فى بناء وإصلاح الكنائس فى مصر؟ كتاباتى تأتى من منطلق إيمانى التام بالدولة المدنية الحديثة، دولة كل مواطنيها لا تميز بينهم، كتاباتى للدفاع عن دولة القانون وعن فصل الدين عن السياسة بشكل مبدئى كمدخل للدولة المدنية الحديثة.
 
2 - لا يعلم المحامى عطية عنى سوى أننى صحفى، والانتماء إلى نقابة الصحفيين أمر أشرُف به، لكننى فى الوقت نفسه أعمل باحثاً فى العلوم السياسية، أشغل موقع نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ«الأهرام»، وأشغل عضوية مجلس النواب بالانتخاب، وقد سبق لى أن رفضت لقاء وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون عام 2013 بمقر السفارة الأمريكية بالقاهرة، بعد أن علمت أن الاجتماع مخصّص لبحث أوضاع الأقباط فى مصر، وكان ردى برسالة موجودة لدىّ على الموبايل، إننى أرفض الحديث مع وزيرة الخارجية الأمريكية فى شئون بلادى الداخلية، وأن مثل هذه الموضوعات تناقش بين المصريين. أيضاً رفضت قبل شهر لقاء لجنة الحريات الدينية التى أرادت أن تناقش معى أوضاع المسيحيين فى مصر، وهو ما أكدت أن مثل هذه الموضوعات تناقش بين المصريين، لا دخل للأجانب بها. ولا يعلم المحامى عطية أننى ذهبت عدة مرات بشكل رسمى وغير رسمى مع وفود مصرية إلى الكونجرس والخارجية الأمريكية، وكان ردى على الحديث عن التمييز ضد الأقباط فى مصر، أن لدينا مشكلات نابعة من ميراث ثقافى اجتماعى، وسوف يتم حلها مع السير على طريق التنمية والتطور.
 
3 - كشف المحامى عطية عن تعصّبه وتطرّفه المقيت عندما قال إن مشكلة مصر الطائفية التى بدأت مطلع السبعينات تعود إلى الكنيسة المصرية، ولا تعود إلى سياسات الرئيس المؤمن ودولة العلم والإيمان ولا إلى تأسيس وتسليح الجماعة الإسلامية وإطلاق عناصر جماعة الإخوان من السجون والإتيان بهم من السعودية وتسليمهم الإشراف على التعليم.
 
4 - اتهمنى المحامى عطية بالتعصب والتطرف، وأشار إلى حديث لرجل دين مسيحى تحدث عن الأقباط، باعتبارهم أصل البلاد، وأن المسلمين غزاة، وهنا أقول إن المحامى عطية إما أنه لا يقرأ أو هو شخص مغرض، فقد كتبت عشرات المقالات فى جريدة «الوطن» استهللتها بأن الغالبية الساحقة من المصريين من أصل عرقى واحد، كانوا فراعنة ثم اعتنقوا المسيحية ثم تحولت الغالبية إلى الإسلام، فنحن من أصل عرقى واحد، فمن أين أتى هذا المحامى بهذا القول، وما علاقتى شخصياً به؟
 
5 - أشار عطية المحامى إلى القنوات الأجنبية التى تهاجم الإسلام، وسؤالى هنا: وما علاقتى شخصياً بذلك؟ هل يملك معلومات سرية عن مثل هذه العلاقة؟ وإذا كان ذلك كذلك فلينشرها. ولم يسبق لى إطلاقا أن تحدّثت فى القضايا الدينية، لأنها ليست تخصصى، ولأننى مؤمن بالدولة المدنية التى تفصل الدين المقدس المطلق عن السياسة المتغيّرة المتلونة، ولأن تجارب الدول الدينية فى الغرب والشرق خربت الأوطان ودمرتها.
 
6 - كتب عطية المحامى مقاله وتوعّدنى بالملاحقة كتابةً، لأننى كتبت مقالاً يرحب بإنشاء أكاديمية رياضية للأقباط، ولم يقرأ أننى كنت أُعلق على مشروع يقوم به مجموعة من الشباب للرد على استبعاد الأطفال الأقباط من الأندية الكبرى، ويبدو أن المحامى عطية لا يقرأ ولا يتابع الأحداث فى بلادنا (واقعة طرد الكابتن إكرامى للطفل مينا، بمجرد سماع اسمه، والتعرّف على ديانته، قائلاً له اخرج، ولا تعد مرة ثانية).
 
كتبت مشجعاً الفكرة على أنها رد إيجابى على التمييز، واشترطت أن تكون الأكاديمية مفتوحة لجميع المصريين ولا تميّز بينهم على أساس الدين أو الطائفة، ودعوت القائمين على المشروع إلى أن يقتدوا بنماذج المدارس الكاثوليكية والبروتستانتية الموجودة فى مصر، لا تميز بين أى مصرى.
 
أخيراً أقول للمحامى عطية مهلاً، خذ نفساً عميقاً، وفكّر قليلاً قبل أن توجّه الاتهامات إلى أحد، فما كتبته ينضح تعصباً وكراهية ولا أخشى أمثالك ممن يوجّهون الاتهامات على طريقة «مكارثى».
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع