الأقباط متحدون - أصوليات هذا الزمان تأثير الدعوة الأصولية على ماليزيا وإندونيسيا (44)
  • ٠٣:١٧
  • الاثنين , ١١ ديسمبر ٢٠١٧
English version

أصوليات هذا الزمان تأثير الدعوة الأصولية على ماليزيا وإندونيسيا (44)

مقالات مختارة | مراد وهبة

٥١: ٠٢ م +02:00 EET

الاثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧

مراد وهبة
مراد وهبة

تغلغلت هذه الدعوة فى مجالات الحياة فى ماليزيا إلى الحد الذى دفع الحكومة الفيدرالية إلى توظيف مؤسساتها الرسمية لتدعيم الإسلام، إلا أن جماعات الدعوة كانت الأقوى فى الجامعات، حيث انضم إليها الطلاب بنسبة 70% وبنفس النسبة انضمت الطالبات مع الالتزام بالملبس الإسلامى الأسود الذى يغطى معظم أجزاء الجسم.

وقد تولد حديثا عن هذه الدعوة ما يسمى «الجمهورية الإسلامية» التى تضم طلاباً أطلقوا على أنفسهم «جماعة الطلاب الثوريين» وهى جماعة مبهورة بالثورة الإسلامية فى إيران تمهيداً لإقامة الدولة الإسلامية التى ستفرض بالقوة على الطوائف غير الإسلامية. هذا بالإضافة إلى انضمام الطلاب الماليزيين الذين يتعلمون فى جامعات خارج ماليزيا إلى حركة الدعوة مع الالتزام بالملبس الإسلامى ومراقبة سلوك الطلاب فى المدينة الجامعية. واللافت للانتباه هنا أن هذه الجماعة تستقبل الطلاب الجدد إثر وصولهم وتحقنهم بأفكار الدعوة ثم تراقب سلوكهم وتعزل مَنْ لا يلتزم. والمعضلة فى ماليزيا تكمن فى كيفية تعامل الدعوة مع الجيش الماليزى العلمانى، إلا أن هذا التعامل قد أصبح إيجابياً بعد إعلان الحكومة الماليزية برنامجاً إسلامياً وظفته الدعوة لصالحها. ومن هنا يمكن القول إن حركة الدعوة هى أقوى فاعل فى الثقافة السياسية فى ماليزيا. ومع ذلك فإن الحكومة الماليزية لم يكن فى إمكانها معارضة الحركة إنما فى إمكانها الحد من تأثيرها وذلك باستحداث قاعات للصلاة فى المؤسسات الحكومية وبرامج دينية فى وسائل الإعلام الحكومية مع التنويه بأن تطرف بعض الجماعات من أنصار الدعوة مناقض لحقيقة الإسلام. إلا أن بعض المسؤولين فى المحافظات استعان بالروتين الحكومى لمنع قيادات الدعوة من إلقاء العظات. ولكن ما هو أهم من كل ذلك هو اهتمام الحكومة الفيدرالية بخلق دولة الرفاهية وبمساعدة من الجمعية التبشيرية الإسلامية التى تكتفى بأن تكون نموذجاً بالمسلك وبالإقناع العقلانى بحيث تكون النتيجة المحافظة على النسيج الوطنى. ولكن مع دخول الدعوة فى ثنايا هذه الجمعية بزغت حركات دينية إصلاحية فى التجمع الصينى والمسيحى والبوذى والهندوسى.

هذا ما حدث فى ماليزيا فماذا حدث فى إندونيسيا فى سياق المقارنة بين البلدين؟

بالرغم من التاريخ الثقافى المشترك بين البلدين فإن ثمة تباينا. فإندونيسيا مكونة من 13.600 جزيرة وعدد السكان 120 مليوناً. وهكذا تبدو ماليزيا قزماً بالنسبة إلى إندونيسيا، ومع ذلك فالمقارنة مطلوبة لفهم التباينات الإسلامية فى جنوب شرق آسيا. فقد دخل الإسلام فى جنوب شرق آسيا وكان ممزوجاً بعناصر صوفية وفارسية فى مواجهة ثقافة هندو- بوذية. ولكن مع الوقت أصبح الإسلام هو الأقوى فى هذا المزيج، وبالتالى أصبح المسلمون هم الغالبية. أضف إلى ذلك ما يحدث فى التعليم فالعلوم الدنيوية تُدرس فى المؤسسات الإسلامية المحافظة، والعلوم الإسلامية مع اللغة العربية تُدرس فى المدارس العلمانية، ومن ثم أصبح فى إمكان الأحزاب السياسية الإسلامية وحركات المدرسين الإسلاميين التأثير على الفلاحين والعمال.

وبالرغم من ذلك كله فمازال الصراع قائماً بين العلمانيين والأصوليين فى كل من ماليزيا وإندونيسيا فى شأن الدور الذى يمكن أن يؤديه الإسلام فى الحياة المعاصرة وفى الدفاع عن الإسلام الأصولى.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع