الأقباط متحدون - حاليا بالعدد الصادر هذا الاسبوع بمجلة صباح الخير
  • ٠٧:١٥
  • الثلاثاء , ٥ ديسمبر ٢٠١٧
English version

حاليا بالعدد الصادر هذا الاسبوع بمجلة صباح الخير

مقالات مختارة | بقلم: ابتسام كامل

٠٩: ٠٥ م +02:00 EET

الثلاثاء ٥ ديسمبر ٢٠١٧

ابتسام كامل
ابتسام كامل
مدموازيل من فضلك
دائما ما يستفزني ضرورة ربط اسمي بلقب يصف وضعي الاجتماعي وحالتي الزوجية .. خاصة وإن الغالبية تصرعلى مناداتي بـ "مدام".. فأردد داخلي: آنسة وحياتكم. وذلك لثقتي التامة أن لقب مدام في ثقافتنا لا يمت بصلة لما تعنيه الكلمة في الثقافة الغربية التي تطلق هذا اللقب على النساء بغض النظر عن أعمارهن وحالتهن الزوجية بحسب الدراسة التي اجرتها الباحثة إيمي إريكسون بجامعة كامبريدج تؤكد فيها أن لقب "السيدة Mrs." كان يمنح لنساء الطبقات الراقية كسيدات الأعمال، بينما أية امرأة عادية أو سيدة منزل كانت تنادى فقط بإسمها، بينما ظهرت لفظة "آنسةMiss " في إحدى الوثائق الضريبية الإنجليزية عام 1698كأول إشارة للمرأة غير المتزوجة .. وهكذا يصبح من السهل توقع انتقال تلك الثقافة الغربية إلينا في الشرق الذي لم يعدم تلك الألقاب الاجتماعية منذ تاريخ بعيد، مثلما لم يخفِ ميوله للتمييز ليس فقط بين الرجال والنساء ولكن بين أبناء الجنس الواحد. وهكذا تقول بعض الدراسات أن الألقاب الاجتماعية كانت تستخدم كوسيلة تعارف، حيث انحصر دورها في وصف المرأة بأنها والدة فلان، أو وصفها الأخلاقي باعتبارها صاحبة الصون والعفاف، وأحيانا ما كانت تلقب بإحدى صفاتها الجمالية والشكلية.. إلخ ... وهذا ما تؤكده بعض حضارات الشرق الأقصى، مثل الهند التي كانت نساؤها لوقت قريب - وربما لا تزال- تضع علامة ملونة بأعلى جباههن لوصف حالتهن الزوجية، وإلا تتعرض للوم والعقوبات الاجتماعية.
 
حملة فرتسية ضد الأقاب
فيما تعتقد بعض النسويات وبعض المدافعين عن حقوق النساء أن هذه الألقاب ما هي إلا إحدى صور التمييز الاجتماعي ضد المرأة، خاصة وأنه لا يوجد بجميع الثقافات واللغات سوى لقب واحد يصف الوضع الاجتماعي للرجل .. وهوفقط لقب "السيد “Mr.! ما يعني اهتمام المجتمع بمعرفة وضع المراة الزواجي، وتغافل وضع الرجل خاصة وأنه بالفعل لا يوجد في جميع اللغات لقب واحد يعبر عن الوضع الاجتماعي الزوجي للرجل، فغالبا هناك فقط السيد، أو الأستاذ! ورغم هذا وجدنا عمدة إحدى المدن الفرنسية في عام 2012 يستجيب للحملة التي شنتها بعض النساء الفرنسيات طلبا لإلغاء الألقاب الزوجية التي تشكل تمييزا ضد المرأة غير المتزوجة لصالح المرأة المتزوجة! فقام بدروه بشن حملة لإلغاء لقب "مدموازيل" الذي يشي بالوضع الاجتماعي وأن صاحبته غير متزوجة .. لصالح لقب "مدام" الذي يستخدم كلقب عام لجميع النساء!
 
مدام ونص
والحقيقة أن الفضل في تخطي صدمة مناداتي بـ "مدام" يعود لأحد أصدقائي الذي فاجأه رد فعلي للطريقة التي استقبلت بها كلمة "مدام" أمامه ذات مرة، فظل يستفزني بأسئلته ومناقشاته الذكورية، حتى فاض صبري، فاضطررت لشرح الأمر قائلة: أنت أكثر من يعرف أن كوني "آنسة" أو "عانسة" إذا شئت .. هو وضع اخترته بنفسي، وإلا كنت "مدام" ونص كمان! أما غضبي فليس أكثر من كونه احتجاج على طريقة تفكير المجتمع الذي يربط بين كون المرأة "مدام " - أي متزوجة - وبين استحقاقها للتقدير والاحترام؛ حيث من المفترض بالضرورة أن إحدى امتيازات كون المرأة متزوجة .. هو أنها إمرأة محترمة عفيفة، وإلا لما تزوجت! في إشارة ضمنية أخرى لكونها – طبعا- جميلة، وإلا لما وجدت من يقع في غرامها ويحبها لدرجة أن يتزوجها ..ناهيك عن اتهام المرأة التي لا توافق على أي زواج، أو التي تشترط الحب والعواطف بأنها من فئة النساء الخائبات المتمردات .. الأقرب لجنس الرجال من النساء!
 
شرف الزواج
بعد هذا الحوار مع صديقي "أحمد".. لم أعد ألقي بالا للمسألة، وقد نجح في تسليط الضوء على فكرة لم أنتبه إليها يوما موضحا: بالعكس، يجب أن تفرحي حينما ينادونك بـ "مدام" لأن هذا معناه أن الناس يرونك إنسانة طبيعية، مؤهلة لنوال شرف الزواج بحسب المواصفات التي ذكرتِها، حتى لو لم تعجبك! فاستنكرت قائلة: شرف الزواج؟؟؟؟؟ لم أعرف أنك تفكر كعامة الناس!! فتجاهل ملحوظتي، وتجاهلتُ استمرار "فذلكته"، مستطردة: وهذا يعني أن المجتمع يذكرني بأنني خذلته ولم أنل هذا الشرف، ، وأن العمر يجري وأنا لم أحقق للمجتمع توقعاته، وأنني لا أستحق العيش مادمت لم أنجح في التوافق مع متطلباتي في رفيق عمري، وأنني نصف إنسانة، وأنني دون مستوى أية إمرأة متزوجة حتى لو كانت أقل علما وذكاء وجمالا و..و..!!
ظل بيننا الحوار شديد السخونة والواقعية، لكنني أشهد أنني لأول مرة أتمكن من وضع يدي على منطقة ما في أعماقي ... ترغب بشدة في مراجعة مفاهيمي ومحاذيري، وتتمنى لو كنت أقل إحساسا ورومانسة- كما يصفني المقربون- حتى لا ألتقط ما يخفيه الناس وليس فقط ما يظهرونه أمامي! والحقيقة أنني لست وحدي التي تتمتع ببعض هذه الصفات، حيث تشير احصاءات الجهاز المركزي للتعبئة ولإحصاء لعام 2015 أن عدد العوانس في مصر بين آنسات ومطلقات .. بلغ حوالي 13.5 مليون عانسا! وأن بعض ملاحظاتي لبعض رفيقات الحالة الاجتماعية العنسوية تشير إلى أن معظمهن حساسات جداعلى طريقتي، وبعضهن على الطريقة الإنسانية التي يقمن من خلالها بإتقان دورالأخت والصديقة الجدعة، ظنا منهن أن هذا يرضي الرجال، حتى تفاجأ الأخت منهن بأحدهم يجئ لاستشارتها في العروسة إياها التي يرى فيها نموذج الأنوثة والدلال والمرح! أما بعضهن فاستقلاليات لا يحتجن للرجال (ولا حتى الاحتياج الطبيعي)، وأن بعضهن أضعن عمرهن بين الخجل في طريقة إطهارالمشاعر، أو التردد والخوف من خوض تجربة أخرى بعد فشل عاطفي عاشته ولم تتمكن من تخطيه، أو تجربة فشل عائلي عاشتها في أسرتها أو.. أو .. أما أهم اكتشاف حول هؤلاء العوانس، كما أخبرت "أحمد": فهو أن معظمهن لم تحلم بالأمومة .. حتى لو كن يعشقن الطفولة والأطفال! الطريف أنه استقبل هذا الاكتشاف بصراخ في وجهي يؤكد أنهن نساء مخنثات- إذا كان يجوز الوصف على حد قوله- !!!!!
 
كان طريق العودة لبيتي طويلا بعد هذا الحوارالشاق، وسريعا ما تخيلت لحظة دخولي البيت، وكيف يبدو بعد رحيل والدي وزاج إخوتي خاليا من الأسرة.. فلا زوج ينتظرني ولا أطفال يفرحون لقدومي، ولا أحد يطلب من شيئا يملأ اهتمامي وفراغي الداخلي ... فاجبت نفسي: الفراغ الداخلي يملأه الحب ... وطالما غاب الحب، فمن الطبيعي أن تغيب الأسرة بالنسبة لي!
 
، لا شئ سوى الصمت الذي قد يحركه وجودي بعض الوقت!! عند الوصول لهذه النقطة .. أدركتُ أنني ربما أضعت عمرا طويلا في انتظار الرجل الذي طننت انه من السهل وجوده،
نقلا عن الفيس بوك
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع