الأقباط متحدون - مصرى وطنى يعنى إيه؟
  • ٠٦:٢٧
  • السبت , ٢ ديسمبر ٢٠١٧
English version

مصرى وطنى يعنى إيه؟

مقالات مختارة | بقلم مفيد فوزي

٤٧: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٢ ديسمبر ٢٠١٧

مفيد فوزي
مفيد فوزي

الوطنية ليست شعارات رنانة ولا أغانى حماسية تحرك الوجدان، وليست أقوالاً فارغة من المعنى والمضمون، الوطنية ليست فقط علماً يرفرف ونشيداً يردده أطفال المدارس. الوطنية الحقة ليست الانتساب إلى الوطن بالاسم والسكن والعنوان والجنسية دون أن نبرهن على هذا الانتساب بالعمل الخالص والفعل والممارسة، الوطنية هى ذلك الشعور الخلاب بالانتماء والحب الحقيقى والتضحية دون انتظار مقابل. إنها إحساس بالرفعة والشوق للوطن. الوطنية هى تلك الروح الوثابة التى تسكنك وتدفعك لترى وطنك فى الأعالى عزيزاً. الوطنية هى تلك المحبة التى تعتصر قلبك ليكون وطنك أفضل بقاع الأرض ريادة ونمواً ورقياً. الوطنية أن يكون أفراد وطنك على قلب رجل واحد متحدين متعاونين فى دروب البناء والتشييد. الوطنية هى صمام الأمان فى طريق العدمية القومية، وهى «الفخر القومى» والتعلق العاطفى والولاء لأمة، الوطنية عند جورج هيجل هى «تضحية الفرد بحياته لصالح الدولة فهذا أعظم اختبار لمشاعرك الوطنية»، إن بعض التقاليد الفلسفية اعتبرت الوطنية «نرجسية جماعية»، لتكن كذلك فهى نرجسية أخلاقية تمجد قيمة الولاء لوطن والخوف عليه والدفاع عنه واعتبار ترابه وحصاه ذا عطر جذاب. الوطنية إخلاص لمكان ونمط حياة محدد. كان شارل ديجول فرنسا يقول «الوطنية هى تقديم محبة شعبك أولاً».

■ ■ ■

ويروق لى هذا المعنى الذى سمعته من المفكر محمد المخزنجى «إن لقب الإرهاب يضفى أهمية على أفعال مرتكبيها الخسيسة والحقيقة أنهم قتلة»، هؤلاء القتلة «المجردون من الإنسانية» قتلوا المصلين فى المسجد بيت الله، هؤلاء القتلة استخدموا آليات الجيوش النظامية فى عمليات الغدر، لأنهم فروا بعد «أداء المهمة»، نعم هى مهمة مكلفون بها كما لو كانت «وصايا»، ولعلها كذلك لمن يتبحر فى فهم بواعث المذبحة نهار يوم جمعة، أبطال ميامين قتلوا العجائز والأطفال ويتموا بيوتاً بأكملها!! دلالة ذلك لا تخفى على أحد: هذه «حرب» طويلة مع القتلة، قتلة تسكن عقولهم أفكار سوداء، ولأنها حرب مع قتلة فهناك اعتبارات كثيرة لمواجهة هذا الكابوس.

■ ■ ■

أن تكون مصرياً وطنياً معناه ألا تثرثر كثيراً فى مقهى أو صالون أو تليفون، فالقتلة يبحثون عن «المعلومة» يلتقطونها من الشفاه ويستخدمونها، وكم من معلومة استرقوا السمع لها من المتعاطفين معهم فى الداخل ويسكنون الشقوق، هذه الثرثرة غير المسؤولة هى مصدر خطط القتلة إن كنتم لا تعلمون، الوعى بما يجرى هو الحائط السد للقتلة، أن تكون مصرياً وطنياً معناه أن تتناسى خلافاتك مع الدولة فى هذه اللحظة من تاريخ مصر، ربما كان خلافاً مذهبياً، وربما كان خلافاً مادياً وربما كانت أحلامك فى هجرة غير شرعية، وربما لست راضياً عن أمور شتى تخصك وتخص عائلتك وربما لست من أنصار السيسى، إن القتلة لا يميزون إنهم يحرقون الأخضر واليابس، فكلنا فى مركب واحد!.

أن تكون مصرياً وطنياً معناه أن تنتبه للإشاعات والمعلومات المغلوطة التى تنسج باحتراف لا مثيل له، قد تسمع الإشاعة فى المترو وقد يرددها أحد المصلين فى مسجد أو كنيسة، وربما تجدها على الفيس بوك مصاغة باحترافية ميليشيا إلكترونية، مطلوب - باسم انتمائك الأصيل لتراب البلد- أن تجرد الإشاعة من ملابسها - إذا إذن التعبير - وتصبح عارية لا تغطيها ورقة شجر الحقيقة، هذا وقت الحرب بوسائل الاتصال. فالموبايل فى يدك على صفحته أخبار مدسوسة ولقطات من أقوال مسمومة، إن وطنيتك كمصرى ألا ترددها بل تجاهلها تماماً لأن حلم القتلة هو ترديد المعلومة المغلوطة بسرعة الصوت حتى تصل لأكبر عدد من الكتل السكانية، وعليك كمصرى وطنى أن تصيب القتلة بالخيبة.

■ ■ ■

أن تكون مصرياً وطنياً معناه أن تكون «حارس مرمى» متفوقا كالحضرى ولا تدخل إليك مطلقاً «كرة التشكيك»، فالقتلة من خلال أجهزة مخابرات تعمل فى غرف مظلمة عبر عواصم كارهة لمصر تحاول أن تنقل عدوى التشكيك فى إنجازات البلد على الأرض، وسوف تلاحظ - بحسك الوطنى - أنه بعد كل إنجاز سياسى.. كالمصالحة الفلسطينية أو إنجاز عمرانى كالعاصمة الإدارية وإنجاز حياتى كالمزارع السمكية، تبدأ ميليشيات التواصل الاجتماعى فى حملات التشكيك فيما حدث على أرض الواقع، وغالباً يستهدفون البسطاء الذين يصدقون بلا مجهود يبذل.. وهؤلاء البسطاء يحكون فى بيوتهم ما يسمعون والهدف الأسمى عند القتلة هو إشاعة «تيار سخط عام»، والوطنية الحقة هى إيضاح الحقيقة على مواقع التواصل وضرب الهدف المنشود بالحقائق، كل هذا بهدوء الوعى وتفتح المسام. الوطنية أن تصبح جندياً فى جيش مصر، ليس بيدك سلاح ولكن ساحة حرب مواقع التواصل هى ساحتك الكبرى فى الرد على الإشاعة والمعلومة المغلوطة والتشكيك فى إنجازات البلد، والتوضيح لمن يشاهدون قنوات القتلة ويصدقونها فهى أكاذيب منمقة بمهارة لص.

■ ■ ■

أن تكون مصرياً وطنياً، توقع أنك قد تجلس على مقعد مفخخ وقد ينفجر فيك، فأنت تتحد مع جيش بلادك وشرطتها بذبذبات واحدة وقلب واحد، توقع أن يكون القتلة أعنف من أى يوم مضى وأشرس، إنهم قتلة أطفال والأطفال أحباب الله، إن وطنك يأمرك وأوامر الوطن لا ترد، بل الطاعة والولاء، مصيرنا جميعاً واحد، خيمتنا واحدة وهذه أرضنا أمانة فى أعناقنا، نعلم أن المعركة طويلة لأنها مع فكر دموى، كن مستعداً ويدك على زناد الفكر تطلق رصاصاتك على عتمة عقول لا تفيق، فأمطرها برصاص «الهداية»... لعلها!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع