الأقباط متحدون - السند.. الأخت (2)
  • ٠٣:٠٤
  • السبت , ١٤ اكتوبر ٢٠١٧
English version

السند.. الأخت (2)

مقالات مختارة | بقلم :رولا خرسا

٠٠: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ١٤ اكتوبر ٢٠١٧

رولا خرسا
رولا خرسا

 أخت موسى وهارون (الجزء الثانى)

 
لا يعرف الناس عن أخت موسى وهارون عليهما السلام سوى أنها تتبعته واقترحت اسم والدتها على القصر لإرضاعه. ذكرتُ فى الجزء الأول أن المتعارف عليه هو أن اسمها مريم وأن البعض قال إن اسمها كلثم.. مريم أو كلثم كانت ثالث أخويها فى أوقات كثيرة وكانت الكبرى. تزوجت من كليب أو كلاب، اختلف الناس فى نطق اسمه، وهو أحد أتباع سيدنا موسى المخلصين الذى حكى عنه القرآن مع رجل آخر فى سورة المائدة فى الآية 23 دون ذكر اسمه، عندما تحدث سبحانه عن رجلين «أنعم الله عليهما» لأنهما نفذا أوامر موسى وهما يوشع بن نون، وكلاب بن يافنة، زوج أخت سيدنا موسى عليه السلام.. تتحدث التوراة عن مريم كنبية وتذكر كيف أنها لحظة شق البحر طلب موسى من الرجال ترديد آيات معينة كانت هى تقولها للنساء ويرددنها وراءها.. شاركت مريم أو كلثم أخويها عليهما السلام فى معظم مواقف حياتهما إلى أن حدث أمر جعل الله سبحانه يعاقبها.. لم تكن مريم راضية عن زيجة سيدنا موسى ممن لقبت بالكوشية أى الإثيوبية.. وهى الزوجة الثانية لسيدنا موسى حسبما يعتقد لأن زوجته الأولى «صفورة» كانت من مدين.. بدا خصام هارون ومريم مع سيدنا موسى عندما اختار موسى سبعين شيخًا وسلمهم زمام القضاء والحكم بين الشعب. غضب هارون ومريم واعتقدا أن هذه بدعة جديدة اتخذها سيدنا موسى بسبب تأثير زوجته بنت يثرون الكوشية.. وكان تذمر هارون ومريم على الكوشية نفسها ولون بشرتها الداكن لا على اقتران سيدنا موسى بها. ويقال إنها من الكوشيات الأفريقيات اللواتى جئن من مصر، أو إحدى الكوشيات الساكنات فى بلاد العرب، إذ كان بعض الكوشيين يومئذ يسكنون فى جوار سيناء. وسيدنا يوسف أيضا تزوج كوشية. عودة إلى الإخوة الثلاثة نذكر أن هارون ومريم أو كلثم كانا يعتبران نفسيهما نبيَّين، لأن الرب أوحى إليهما من خلال الرؤيا، إلَّا أنهما شعرا بالغيرة على ما يبدو من أخيهما موسى وكانا يرددان لبعضهما البعض: «هل كلَّم الرب موسى وحده، ألم يُكلِّمنا نحن أيضاً؟!»، معتبرين نفسيهما فى مساواة موسى، هنا كانت الخطيئة الكبرى التى أغضبت الرب منهما، لقد سقطا فى الغرور والكبرياء وخطيئة الحكم على موسى رجل الله. لاحظ موسى تغيُّر معاملتهما له، إلا أنه لم يتغيَّر قلبه نحوهما، وكان صبوراً متسامحاً. إلا أن غضب الـرب على هـارون ومريم كان عظيماً، وعوقبت مريم عقابا شديدا.. أصيبت بمرض البرص وأصبحت بيضاء كالثلج وكأن الله يرد على انتقادها من سواد الكوشية. ويعتبر البرص فى الشريعة اليهودية عقابا شديدا، ويأمر دينهم بأن يُعزل الأبرص بعيدا سبعة أيام باعتباره نجساً إلى أن يبرأ من برصه ..».
 
ولكن لماذا عاقب الله مريم النبية ولم يعاقب هارون النبى بنفس المرض على نفس الخطيئة التى اشترك فيها مع مريم؟!، وإن كان البعض يعتقد أنه أصيب بالبرص فترة قصيرة ثم برئ منه.. يعتقد المفسرون أنه لم يُصْب أو برئ بسرعة لأن مريم هى التى بدأت بالنميمة ضد موسى، وربما لأن هارون كان رئيساً للكهنة، وكان بحكم مسؤوليته فى خدمة الكهنوت لا يمكن أن يُصاب بهذا المرض الذى يحرمه من الخدمة التى استؤمن عليها، فاكتفى الرب بأن عاقب مريم أخته أمام عينيه كى يراها على هذه الحال، فتكون هكذا أعظم تذكير له على خطيئته. وهذا ما حدث بالفعل، فبمجرد رؤية هارون أخته وقد صارت برصاء كالثلج، صرخ مستنجداً بموسى معتذراً طالباً منه أن يدعو الله أو الرب أن يشفيها ودعا فعلا سيدنا موسى ربه لأخته فشفاها. وأكمل الإخوة معاً رحلتهم فى الحياة..
 
ماتت مريم أو كلثم فى قادش، ودفنت هناك. حكاية مريم أو كلثم دليل جديد يثبت أن الأنبياء بشر يتعرضون لما نتعرض له من مشاعر بشرية طبيعية من حب وخوف وغيرة.. انفضوا عن أنفسكم أى غل وتذكروا أن الأخت والأخ نعمة وسند حافظوا عليها.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع