الأقباط متحدون - إلى متـى؟
  • ٢٠:٠٠
  • السبت , ١٤ اكتوبر ٢٠١٧
English version

إلى متـى؟

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٣٤: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ١٤ اكتوبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

فى الوقت الذى تُفاجئنا فيه المملكة العربية السعودية، معقل الوهابية، ومصدرها الرئيسى بخطوات إلى الأمام، وظواهر لم تكن موجودة، تشير إلى محاولات مستميتة للخروج من نفق السلفية الوهابية، يجرّنا الفرع المصرى للوهابية إلى المستنقع، يطرح قضايا لا علاقة لها بالعقل من قريب أو بعيد، بل تنفر منها النفس السليمة وتجافى الفطرة الإنسانية، وتقدم على إثارة المشكلات فى القرى والمدن فى الصعيد والدلتا كلما همّ الأقباط ببناء كنيسة لأداء الصلوات، يثيرون العامة ويهيجون الشباب، مصورين لهم أن دينهم فى خطر فى حال بناء الكنيسة، أو أن هذا الأمر مضاد للدين، وللأسف الشديد لم تتخلص مؤسساتنا الأمنية من داء الطائفية والتعصب منذ وضع السادات البذور فى النصف الأول من سبعينات القرن الماضى، فتجد من رجال الأمن ومؤسسات الدولة من يؤمن بالفكر ذاته ويتبنى الرؤية نفسها، وتدريجياً تم زرعها فى مناهج التعليم فى مختلف المراحل، وتم نشرها عبر وسائل الإعلام، لا سيما الرسميّة التى لا تزال حتى يومنا هذا تُردّد الأكاذيب على النحو الذى تريد الحكومة أياً كانت، إخوانية أو مدنية، وما أكاذيب التليفزيون المصرى فى تغطية جريمة ماسبيرو التى حلّت ذكراها السادسة الأسبوع الماضى، إلا مثال على ذلك.

وجرى إحكام عملية تهريب المجرم من أى عقوبة فى حال الجرائم الدينية أو الطائفية، وبالقانون، ومن خلال تواطؤ جماعى تشارك فيه أجهزة الدولة المصرية ومؤسساتها، ففى حال جرائم القتل الجماعى يجرى تهريب المجرم أو المجرمين من المحاكمة عبر الاستناد إلى مبدأ قانون شيوع التهمة، بمعنى عدم القدرة على تحديد من قتل من وكيف؟، وعبر هذا المبدأ القانونى أفلت عشرات المجرمين وقتلة الأقباط من الحساب (الكشح نموذجاً) وإذا تم القبض على الجانى أو المجرم تبدأ الأجهزة المعنية -قبل فحصه طبياً- فى الترويج لمقولة إن الجانى مختل عقلياً أو مريض نفسياً، حتى لا تتم محاكمته ويوضع لفترة فى دار للصحة النفسية ثم يُفرج عنه سراً. وفى حال القبض على المجرم أو المجرمين، وفشلت خطة تهريب المتهم عبر ادعاء الجنون أو المرض النفسى، فبيت العائلة جاهز لإبرام صلح عرفى يفلت من خلاله المجرم من العقاب، وإذا لم يُتح لك بيت العائلة، تتحرك بيوت أخرى وعوائل جاهزة لذلك. هذه هى مكونات بنية التطرف والطائفية التى تُعشش فى قلوب وعقول قطاع من الشعب المصرى يقف على رأسه التيار السلفى بجميع ألوانه ومكوناته، وتأتى خلفه مباشرة جماعة الإخوان المسلمين، والأكثر خطورة أن هذا الفكر ضرب عقول ونفوس قطاع من عامة المصريين نتيجة مواد فى مناهج التعليم وما يبث فى قنوات وهابية، إضافة إلى جوقة من كهنة السلطان، فقد تم بناء صورة نمطية للأقباط متخمة بالمكونات السلبية والخرافات والأساطير، على النحو الذى شهدناه فى واقعة هدم كنيسة أطفيح، فالعامّة وجدوا فى الكتابات القبطية الدليل الدامغ على ما قاله لهم شيوخهم بأن الأقباط يقومون بعمل «سحر» للمسلمين والمسلمات، وما الكتابات إلا صلوات باللغة القبطية الغريبة على أهلها..

فى مثل هذه الأجواء، طبيعى أن نشهد جرائم قتل جماعى وطعن واعتداءات وبذاءات بحق رجال الدين المسيحى فى الشوارع، طبيعى أن نشهد مقاومة لبناء كنائس، واستعداداً للتضحية بالنفس والمال للحيلولة دون أن يعبد الأقباط ربهم، وفى مثل هذه الأجواء يبدو مشهد ملاحقة شاب حليق الرأس والذقن لرجل دين مسيحى وبالساطور فى الشارع دون تدخل من أحد لمنع الجريمة، طبيعياً أيضاً، فى مثل هذه الأجواء طبيعى أن يشعر المواطن المصرى المسيحى بالاغتراب فى وطنه، وطبيعى أن يتساءل: لماذا يحدث ذلك؟ الأقباط مواطنون مصريون يعشقون تراب الوطن، الأقباط لا ولاء لهم خارج حدود وطنهم، الأقباط يقدّسون تراب مصر من منطلق وطنى ودينى أيضاً ولا توجد قطعة أرض لديهم أكثر قداسة من أرض مصر.. السؤال هنا: لماذا لا تتوقف آلة زرع التطرف والكراهية فى مصر؟ ألم يسأل مسئول نفسه إلى متى يمكن أن يصبر الأقباط على ذلك، وتحديداً الأجيال الجديدة؟ وإذا انفجر الشباب، هل يمكن توقع عاقبة ذلك؟

أسئلة مفتوحة موجّهة إلى من بيدهم الأمر!!!!!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع