الأقباط متحدون - لا أرُيد «هذا» الإسلام بل أريد «ذلك»
  • ١١:٤٤
  • السبت , ٩ سبتمبر ٢٠١٧
English version

لا أرُيد «هذا» الإسلام بل أريد «ذلك»

٥٨: ١٢ م +02:00 EET

السبت ٩ سبتمبر ٢٠١٧

نيوتن
نيوتن

(قالوا لى هل تريد أن يكون الإسلام مصدراً من مصادر التشريع؟ فقلت لهم: نعم، ولكنى أريد ذلك الإسلام الذى أعطى للإنسان حرية الفكر واختيار العقيده فقال تعالى «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» (الكهف- 29). قلت لهم: إنى أُريد إسلاماً لا يُكره أحدا على أداء شعائره كما قال القرآن الكريم «لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى» (البقرة- 256). أُريد إسلاماً يُقِيّم الناس بالمحبة التى فى قلوبهم. وليس ذلك الإسلام الذى يُقيمهم بما يلبسون، فالله تعالى قال: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم» (الشعراء- 88).

نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يحنو على المسكين واليتيم والأسير أيّاً كان دينه أو عرقه أو عقيدته، فقد قال تعالى «ويطعمون الطعام على حبهِ مسكيناً ويتيماً وأسيراً» (الإنسان- 76) ولم يقل: ويطعمون المسكين المسلم أو اليتيم المسلم أو الأسير المسلم فقط.

نعم أُريد إسلاماً يُدافع أتباعه عن كنائس ومعابد غير المسلمين. كما يدافعون عن المساجد، فالله تعالى هو القائل «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً» (الحج- 40).

نعم أُريد إسلاماً يعلو بالتواضع ويسمو بالرحمة والمغفرة. لا باللعنات والكبر، فالله تعالى هو القائل «وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين» (المؤمنون- 118).

نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يتعبد أتباعه مع أهل الديانات الأخرى ويصلون معهم كما قال تعالى «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم» (الكهف- 28) فلم يقل القرآن: واصبر نفسك مع الذين يدعون (ربك)، بل قال«ربهم».

نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يشهد أتباعه بالحق والصدق ولو حتى على أنفسهم. كما قال ربى «كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين» (النساء- 135).

نعم أريد ذلك الإسلام الذى تسمو فيه الروح فوق الأحرف والكلمات كما قال ربى «وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدى به من نشاء من عبادنا» (الشورى -42).

نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعل أتباعه ربانيين كما قال ربى «ولكن كونوا ربانيين» (آل عمران- 79) أى أولئك الذين يرى الناس أعمالهم الحسنة فيقدسون وجه خالقهم ومبدعهم.

نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعلنا نُقدس الإبداع فالله تعالى هو «بديع السماوات والأرض» (البقرة- 117) ونحترم الفكر المخالف ونرى فيه جمالاً لأهميته، فقد قال ربى «ولو شاء ربك لجعل الناس أُمةً واحدة ولا يزالون مختلفين» (هود- 118).

نعم أُريد إسلاماً تذرف أعيُن أتباعه دمعاً حينما يسمعون آيات الله فى القرآن والإنجيل والتوراة وتقشعر جلود من آمن بهِ حينما يرون جمال الله فى الورود والفراشات وقواقع البحار، فالله تعالى كما قال فى حديثه القدسى «جميل يحب الجمال».

نعم صدقونى إنى أُؤيد ذلك الإسلام الذى هجره ونسيه الكثيرون، كما قال ربى فى يوم الدين «وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا» (الفرقان- 30).

فإن كانت تلك الصفات والتى تسمح باحترام الفكر والتنوع والاختلاف وتقدس الجمال والإبداع هى مرجعية الإسلام فأهلاً وسهلاً بها. وإن كان مفهوم المرجعية عند البعض هو إكراه الناس على شعائر الدين وقمع بناء كنائسهم ومعابدهم وإصدار الأحكام على البشر ونعتهم بالكفر والزندقة فلا أهلاً ولا سهلاً بتلك المرجعية.

الدكتور طارق عبدالحميد ـ واشنطن).
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع