الأقباط متحدون - علموا أطفالكم ركوب خيل الفضول والشغف
  • ٢١:١٩
  • الخميس , ١٧ اغسطس ٢٠١٧
English version

علموا أطفالكم ركوب خيل الفضول والشغف

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٠٣: ١٢ م +02:00 EET

الخميس ١٧ اغسطس ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 رأيت فى متحف التاريخ الطبيعى بلندن أطفالاً تعلموا الشغف لا الشغب، كانت المفاجأة أن هناك قسماً كبيراً فى الدور أسفل الأرضى مكتوب عليه investigation and school learning أخذنى الفضول فضغطت على زر المصعد وهبطت إلى حيث هذا القسم فوجدت مشهداً رائعاً، عشرات الأطفال فى سن الابتدائى أمام الميكروسكوبات يشاهدون عينات من النباتات والحشرات والحيوانات والحفريات وعلى الشاشة تظهر معلومات عن كل عينة، عدسات، فرجار مقياس لمحيط الجمجمة للتفرقة مابين إنسان الماضى السحيق بمراحله المختلفة والإنسان المعاصر، يتعلمون ما هى الحفريات وكيف يستطيع العالم أن يحسب عمر حفرية وما هى الطبقات الجيولوجية التى تحدد زمنها... إلخ، كل طفل هو بذرة عالم وجنين مكتشف، وخبراء المتحف يجيبون عن أسئلتهم بكل رحابة صدر وأيضاً بكل دقة وبدون تسطيح مخل، لا يوبخونهم على أى سؤال، لا يوجد ما يسمى «سؤال متجاوز» أو «ساذج»، راقبت شغف الأطفال وفضولهم واندهشت من جديتهم حتى فى الألعاب العلمية المقدمة لهم على الشاشات، المتحف مجانى من دون تذاكر دخول مثله مثل معظم متاحف لندن، يعد أكبر متحف فى العالم من حيث المقتنيات فيوجد به نحو 80 مليون قطعة وعينة، رقم رهيب وضخم ومدهش!!، يدهشك أيضاً طابور المنتظرين للدخول الذى يسد أحياناً الشارع، وأيضاً عدد سيارات المدارس التى تتخذ من المتحف مكان نزهة ورحلة وتعليم أيضاً، تمثال داروين الموجود فى مدخل المتحف هو أول المستقبلين للكبار والصغار، يحتفى بهم مثلما احتفى به المتحف ووضع تمثاله مكان تمثال من أنشأ المتحف نفسه اعترافاً من الإنجليز ومن المجتمع العلمى كله بداروين كأعظم عالم بيولوجى أنجبته البشرية، ولكى يتأكد كل طفل من أن العالم والدنيا بعد هذا الرجل العظيم ليست هى الدنيا وليس هو العالم قبله، بعد البهو مباشرة هناك قاعة لجسم الإنسان، هى الإبهار نفسه، هى درس فسيولوجى وأناتومى مجانى لن ينسى، من خلال الألعاب والأفلام والمجسمات والصور التوضيحية يناقشون بجاذبية وسلاسة ما يتعلق بجسم الإنسان. أما ما جعلنى أقف مشدوهاً وفى الوقت نفسه حزيناً على أطفالنا ومراهقينا فهو القسم الخاص بالرد على السؤال الخالد «أنا جيت منين وازاى؟!»، بدلاً من إجابة لقيناك على باب الجامع أو النهر والزعيق الذى ينتهى بالعبارة التى سمعناها جميعاً من آبائنا «انت لسه صغير على الكلام ده عيب ادخل كمل مذاكرة»، أو الطريق الثالث وهو معرفة تلك المعلومات من أصدقاء الفصل الأكثر جهلاً والأكثر صياعة!!، من الخلية والـ«دى إن إيه» وشرح الجهاز التناسلى إلى تخصيب البويضة بالحيوان المنوى حتى عملية الولادة، ما هى التغيرات الهرمونية التى تصاحب مراهقتك كولد ومراهقتك كبنت، ليس مفهوم الثقافة الجنسية هو ما قدمه فيلم «التجربة الدنماركية» ولكنه ما شاهدته فى هذا المتحف الرائع المعجزة، أيقنت أن جدران المدرسة ليست هى مكان التعليم الوحيد بل لا أبالغ إذا قلت إنها بصورتها الحالية ليست أفضل أماكن العلم والتعليم، ما شاهدته من استفزاز للشغف الطفولى بالمعرفة والسؤال وتحويله إلى طاقة إيجابية هو أفضل رد على سؤال «لماذا تقدموا ولماذا تخلفنا؟!».

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع