الأقباط متحدون - اقتلوا الدكتور «الخُشت»
  • ١٣:٥٢
  • الجمعة , ١١ اغسطس ٢٠١٧
English version

اقتلوا الدكتور «الخُشت»

مقالات مختارة | رامى جلال

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ١١ اغسطس ٢٠١٧

رامى جلال
رامى جلال

مواقع التواصل الاجتماعى بشكل عام، وموقع «فيس بوك» خصوصاً، أصبحت من صُناع الجنون واللامنطق، ومن مرسخات ومعمقات الجهل.. على تلك المواقع ظهرت أفعال دارجة جديدة لا بد أن تنضم لقاموس اللغة العربية الفصحى، مثل: أفعال «الهيصة»، و«الهرى»، و«الهذى».

بعيداً عن آفة التعميم القاتلة، فإن التيار العام الموجود فى تلك المواقع هم مجموعة من الباحثين عن الشهرة بأى ثمن، والراغبين فى قيادة الرأى العام دون وجه حق، يتبعهم أفواج ممن لا يملكون أى مقومات ثقافية أو بنية معرفية أو حتى الحد الأدنى من التعليم الجيد الذى قد يحصنهم ضد كل فكرة جوفاء.

تشارك تلك المواقع فى بناء المواطن اللامنطقى، وهو مواطن مجنون يستغنى عن الموضوعية، ويعتقد أن الإدلاء برأيه غير المنطقى هو من قبيل حرية الرأى والتعبير، بينما الحقيقة أن هذا يسمى تضليلاً وتدليساً وفبركة وجنوناً.

جماهير مواقع التواصل الاجتماعى، مثل جماهير المقاهى، تميل لاتباع سلوكيات الرجل البدائى: كالعاطفة الجامحة، وسهولة الانفعال، والمزاج المتقلب، والاستجابة للتحريض، وغياب العقل النقدى، واللأوسطية فى التأييد والمعارضة.

هذا الأسبوع سيطر على تلك المواقع موضوع تعيين الدكتور «محمد عثمان الخُشت»، الذى لا أعرفه، رئيساً لجامعة القاهرة، وثار المعترضون بدعوى أن الرجل سلفى.. والواقع أن قطاعات من المجتمع، قوامها «المتعلمنون» من العلمانية، وأنصاف المتنورين، مع قطاع واسع من المسيحيين، كلهم يعترضون على هذه الوقائع للاعتراض، ويعيشون فى دراميات وبكائيات وأجواء سوداوية مُحبطة، وهذا سيعزلهم لاحقاً كما حدث مع فصيل النشطاء السياسيين (وطبعاً هناك محترمون ومثقفون يعترضون أيضاً).. والملاحظات الثلاث التالية قد تُسلط الضوء على زاوية أخرى من الأمر:

1- يشغل «د. الخُشت» منصباً إدارياً وليس دينياً، وبالتالى فمهاجمته أو تأييده تنطلق من طبيعة قراراته الإدارية (التى لم نرها بعد)، وليس عبر معتقداته الدينية (التى لا شأن لنا بها).

2- آراء «د. الُخشت» الدينية، من واقع كتاباته، تُوصف بالرقى وتتحدث بشكل محترم عن التعايش بين الأديان.. أما ما قد لا يعجبنا من آرائه تلك، فهى أمور لا يحاسب عليها هو أو غيره، بل نراجع فيها الدين نفسه وتراثه، وإن كانت مشكلتنا مع الدين، وليس مع المتدينين، فلنكن صرحاء مع أنفسنا.

3- استعدوا للصدمة الكبرى: السلفيون، وحتى الوهابيين، أصلاً هم جزء من المجتمع المصرى، وكون هذه الأفكار دخيلة على مجتمعنا، أو لا تعجبنا، أو حتى فلنفترض أنها أفكار فاسدة بالفعل، فهى فى النهاية تمثل الآن جزءاً من النسيج المصرى، واستبعادها يساوى مثلاً استبعاد الطائفة المسيحية البروتستانتية.. وبيننا وبين السلفية أو غيرها القانون الوضعى الذى يُنظم عمل المجتمعات، وليس عمليات الإقصاء البائسة.. والمضحك والطريف أن من يهاجمون «د. الخُشت» يطالبون فى الوقت ذاته بالمساواة بين كل أفراد المجتمع بغض النظر عن الدين والمعتقد!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع