الأقباط متحدون - عيد انتقال العذراء
  • ١٥:٣١
  • الخميس , ١٠ اغسطس ٢٠١٧
English version

عيد انتقال العذراء

مقالات مختارة | بقلم الأب هاني باخوم

١٤: ٠٩ م +02:00 EET

الخميس ١٠ اغسطس ٢٠١٧

العذراء مريم
العذراء مريم

عيد انتقال سيّدتنا مريم العذراء. هذا العيد هو أقدم الأعياد المريمية، وتم إعلانه رسميا من قداسة البابا بيوس الثانى عشر، عام ١٩٥٠.

فيه نحتفل مع كل الكنيسة بانتقال السيّدة العذراء مريم، أم الله، والدة المخلص، بنفسها وجسدها إلى السماء. ونتأمّل تكليلها ملكةَ السماء، منتصرةً مع ابنها الإلهى للأبد، فى السماء، فى الفردوس.

لكن، ما السماء، وما هذا الفردوس؟ عندما طلب اللص الذى صُلب مع المسيح: «أذكرنى يارب، إذا جئتَ فى ملكوتك»، أجابه يسوع: «اليوم تكون معى، فى الفردوس» (لوقا ٢٣: ٤٢-٤٣). نعم هذا هو الفردوس، أن نكون مع المسيح. الفردوس ليس مكانًا ماديًا، أو أكلًا أو شُربًا، أو متعةً جسديةً.

هو علاقةٌ دائمة ومتجددة أبديًا مع المسيح، ولا حتى الموت يفصلنا عنها.

وهذه هى نقطتنا الأساسية: فى بعض الأوقات يحيا الإنسان وكأنه لن يموت أبدا، معتقدًا بأنه هو مصدرُ حياته، وأن جهده وعلمه وقدراته تستطيع وحدها أن تمنحه الحياة والسعادة. فيعمل ويعمل وفى لحظة كما يقول صاحب كتاب «الجامعة» (٢: ٤-١١): «قمتُ بأعمالٍ عظيمة: بنيتُ لى بيوتًا. اقتنيتُ عبيدًا وإماءً. وكان بيتى عامرًا بالبنين.. وما حرمتُ عيْنَيَّ شيئًا تمنَّتاه، وما منعتُ قلبى شيئًا من الفرح… ثم التفتُ إلى جميع ما عمِلتْ يَداىَ، وإلى ما عانيْتُ من التعبِ فى عمله. فإذا كلُّ شىءٍ باطلٌ وقبضُ ريح».

نعم، هناك لحظة يجد الإنسان نفسه وحيدا، لا أحد ولا شىء ينفعه، لا أخ ولا صديق، لا حبيب ولا ابن، لا ممتلكات ولا شهادات. هكذا فى الوحدة، أو المرض، أو عدم معنى الحياة. وعندما يدرك الإنسان هذا، يسقط فى هوة الإحباط. ولا يجد أمامه إلا أن يتمنى الموت، ليحرره من باكورة الموت الآتى. فيحيا كميتٍ هاربٍ وخائفٍ من الموت، وقد يُنهى حياته بنفسه.

لذلك، عندما تحتفل الكنيسة بعيد انتقال سيّدتنا مريم العذراء، تعلنُ الرجاء لنا ولكل إنسان: السماءُ مفتوحة، الفردوسُ موجود، والموت منهزم. فقد انكسرت شوكته، ولم تعد له الكلمة الأخيرة. وها نحن نؤمن ونعرف أن مريم العذراء فى السماء الآن. وهى تعلن لنا مع جوقة القديسين: هذه الأرض ليست وطنكم الدائم، فارفعوا أعينكم وانظروا إلى السماء.

نعم.. فلننظر إلى السماء؛ حيث مريم مكللة. وعلينا أن نعيش راجين أن نكون هناك يوما فى صحبتها المجيدة. وبهذا يصبح للأرض معنى وقيمة أكبر. فلا تستطيع صعوبات الحياة اليومية وقسوتها، أن تزرع فينا بذور اليأس، أو تسرق منا فرحة حياتنا ودعوتنا ورسالتنا.

فيا رب.. يا من رفعت مريم العذراء بالنفس والجسد إلى هذا المجد، امنحنا نحن أيضا فى حياتنا الأرضية، أن نشتاق إليك ونرجوك، وعند لحظة موتنا، نجدك أنت تستقبلُنا للأبد، بشفاعة أمنا العذراء مريم، سيدة السماء. آمين.

عيد مبارك.

نقلا عن البوابة نيوز

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع