الأقباط متحدون - السند 1- الزوجة
  • ١٤:٤٨
  • السبت , ٥ اغسطس ٢٠١٧
English version

السند 1- الزوجة

مقالات مختارة | بقلم : رولا خرسا

٥٩: ٠٧ م +02:00 EET

السبت ٥ اغسطس ٢٠١٧

رولا خرسا
رولا خرسا

 عندما أفكر كيف تكون الزوجة سندا لزوجها لا يتبادر إلى ذهنى إلا السيدة خديجة.. رضى الله عنها وأرضاها.. تفاصيل حياتها كلها عبارة عن مساندة.. بدأت الحكاية قبل الزواج يوم أن قررت اختياره ليقوم بتجارتها عندما سمعت عن أخلاقه واحتياجه للمال.. فهو ابن واحدة من أعرق عائلات قريش وأفضلها، إلا أنه كان فقيرا.. ولأن الله رحيم كريم، أرسل إلى محمد خديجة.. «ألم تكن عَائِلا فأغنى».. وسافر بتجارتها، وعاد بأكثر مما توقعت بكثير، فأجزلت له العطاء، وقررت أن تتزوجه.. هى مَن قامت بالخطوة الأولى.. هى مَن أرسلت إليه برغبتها.. لم تفكر فى أنه لا يمتلك مالا، أو أنه أصغر منها، فقد كانت فى الأربعين عندما تزوجا، وكان يصغرها بخمسة عشر عاما.. ورغم سنى عمرها الأربعين، فإنها أنجبت له البنات والبنين. وكأن الله سبحانه وتعالى أراد بكرمه أن يجعلها سببا لسعادة سيدنا محمد الرجل بألا يحرمه من مشاعر الأبوة.. عندما وافق سيدنا محمد على طلب السيدة خديجة قال عمه أبوطالب فى حفل الزواج كلمة لابد أن يتخذها كل مَن يُقدم على الزواج نبراسا عندما يتعلق الأمر باختلاف المستوى المادى: «إن ابن أخى هذا- محمد بن عبدالله- لا يُوزَن به رجل من قريش شرفاً ونبلاً وفضلاً إلا رجح به، وهو إن كان فى المال قِلّ، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة، اليوم معك، وغداً يكون مع فلان وفلان، وهذا يكون غنياً، ثم فقيراً، والفقير يصبح غنياً، والدول هكذا»..

 
وتزوجا.. وبدأت المساندة الفعلية.. وكانت خديجة تشعر أنها تزوجت رجلا مختلفا عن الرجال الآخرين.. كانت تستشعر هذا بحكم سنها وخبرتها وأيضاً بحكم قرابتها من ورقة بن نوفل، فقد كان ابن عمها وكان حنيفا موحِّدا من أيام الجاهلية وقارئا للإنجيل والتوراة..
 
كان سيدنا محمد يقضى الكثير من وقته فى خلوة فى غار حراء.. والخلوة هى أحد أهم الطرق لله.. تجدها فى كل الأديان.. فالخلوة تسمو بالروح، وتُدخل النور إلى القلب، وتفتح الحجب، وتُنقى النفس، وهى أولى الخطوات الفعلية للقرب.. كانت السيدة خديجة- إضافة إلى اهتمامها بأولادها وبيتها وتجارتها- تحضر له طعامه.. كل ما يحتاجه فى خلوته من طعام وشراب، تُجهزه له قبل خروجه، وتحمله إليه إن طالت غيبته، وفى بعض الأحيان تصحبه فى خلوته، تخدمه وتؤنسه وتسقيه وتُطعِمه، كل هذا دون تذمر أو اعتراض.. بل بكل محبة وإيمان وثقة.. فلقد كانت فى مهمة اختارها الله لها.. اختارها سبحانه أكبر منه كى تكون حكيمة.. غنية كى لا يشغله السعى وراء الرزق عن السعى وراء الله.. حتى قرابتها من ورقة بن نوفل لم تكن صدفة، فقد كانت تزوره دوما وتحكى له عن رؤاها وتطرح عليه أسئلتها. لا شىء فى الحياة صدفة.. كل شىء بتدبير..
 
وللحديث بقية..
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع