الأقباط متحدون - القبح مطبخ الإرهاب والبيوت المتشابهة مصنعه
  • ٢١:٥١
  • الجمعة , ٤ اغسطس ٢٠١٧
English version

القبح مطبخ الإرهاب والبيوت المتشابهة مصنعه

مقالات مختارة | خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ٤ اغسطس ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

«البيوت المتشابهة تصنع الإرهابى»، جملة عابرة قالها منفعلاً الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة السابق أثناء حواره معى، لكنها فتحت مجالاً كبيراً للنقاش ومساحة واسعة للجدل حول مفهوم الجمال كسلاح مضاد للإرهاب، كانت وجهة نظره النابعة من كونه فناناً يلتقط التفاصيل، ويستشعر ما وراء الأشياء، وما بين السطور وما هو مستتر فى خلفية اللوحة الاجتماعية، أن المساكن المتشابهة تقتل الطموح والتفرد وتحسسك بالانسحاق، وحكى لى «حسنى» عن جلوسه على البحر صغيراً على شاطئ الإسكندرية وتأمله للبحر وأيضاً للطرز المعمارية المختلفة المطلة على هذا البحر، وكما هو اتساع البحر الذى يمنحك طاقة الفن، كان تباين أطياف العمارة هو الذى يهبك سحره وتألقه، أما الآن فى الإسكندرية وعلى امتداد مصر كلها صارت العشوائية المعمارية مصدراً للكراهية والتطرف والغل والشجار، إنها أخلاق الزحام، تشابه وتلاصق للعمارات والبشر، هرس وانسحاق لذواتهم، بشر مخنوقون فى مساكن لا تتنفس، سألته: اشمعنى المساكن الشعبية؟! هل تستثنى الكومباوند؟، فأكد أن الكومباوندات أيضاً سياسة اجتماعية ومعمارية خاطئة،

فبرغم الأناقة والفخامة، فإننا نعيش التشابه، والأخطر أننا نعيش الانعزالية، السور العالى الضخم الفاصل بين سكان الكومباوند وبين مارة الشارع وعابرى السبيل وسكان العمارات التى هى خارج السور المطرودة من جنة الكومباوند، هو سور نفسى قبل أن يكون سوراً خرسانياً، يحكى فاروق حسنى عن البيه ساكن العمارة، الذى يصافح الأفندى جاره على السلم ليقابلهما البواب والحلاق والسباك.. إلخ، التحام اجتماعى دون عزلة، دون توجس وتربص وتأفف، هذه هى الحياة الطبيعية التى تفرز إنساناً طبيعياً، التشابه المقيت الكريه ليس هو التناسق وليس هو الإيقاع، الاستنساخ شىء مختلف عن الهارمونى، والكورس شىء مختلف عن الكورال، كل ما ذكرته وأثير فى حوارى مع الفنان فاروق حسنى، الذى سيذاع كاملاً السبت بعد المقبل يصب فى خانة الجمال ضد التطرف،

والفن ضد الإرهاب، القبح يؤجج نار الفتنة والتطرف، وللأسف معظمنا تآلف مع القبح، لم تعد تصدم العين المصرية مشاهد القبح، لم يعد اللون الشاذ والبناء العشوائى والقمامة المتراكمة، والزى الكئيب صادماً للعين المصرية، تصالح الوجدان المصرى مع كل مظاهر الدمامة والتشوه، للأسف لم يتصالح معها فقط، بل أدمنها، تتسلل هذه المظاهر ببطء لتسمم آبار الوجدان والعقل، يحدث التكلس والتحنط، يجد القبح أرضاً صالحة فى شخص محبط، يسأل نفسه: كل هذا القبح يحيط بى وكل تلك الكراهية تنام معى فى سريرى، لماذا لا أحطم كل ما حولى بحزام ناسف لأصعد إلى الجنة!!، ماذا سأخسر؟!، إنه ترامادول القبح الذى أدمناه وسكرنا به حتى الثمالة، سألته: هل معنى كلامك أن قصر الثقافة فى الريف فى نفس أهمية مديرية الأمن؟، كان الرد: بل أكثر أهمية وخطورة، عندما يرتقى الشاب وجدانياً ويتحرر نفسياً بالموسيقى والمسرح والسينما لا يمكن أن يتحول إلى إرهابى، لا يمكن أن يفجر نفسه ويقودها ويقود الآخرين إلى الموت، لأنه عرف معنى الحياة وأحبها، عرف أنها تستحق أن تعاش، لمس جوانب الجمال ومواطن الإبداع ونقاط التألق، فقرر أن يكمل الرحلة ليسعد ويفرح ويبتهج، لذلك الخطوط الأمامية لمقاومة الإرهاب لا بد أن تكون قصور الثقافة وأكشاك الموسيقى، لا أكشاك الفتاوى.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع