الأقباط متحدون - أصوليات هذا الزمان الأصولية الوهابية (29)
  • ١٧:٠٨
  • الاثنين , ٣١ يوليو ٢٠١٧
English version

أصوليات هذا الزمان الأصولية الوهابية (29)

مقالات مختارة | بقلم : مراد وهبة

٥٣: ٠٥ م +02:00 EET

الاثنين ٣١ يوليو ٢٠١٧

مراد وهبة
مراد وهبة

 تأسست هذه الأصولية فى شبه الجزيرة العربية بقيادة محمد بن عبدالوهاب (1703- 1792). وُلد بإقليم نجد، حيث سيادة المذهب الحنبلى بقيادة أحمد بن حنبل، وكانت القبائل فى حينها قد تلوثت بممارسات غير إسلامية مثل عبادة مقابر أولياء الله وإقامة السحر وقراءة الغيب. أما النخبة فقد آثرت التسامح مع هذه الخرافات التى كانت متحكمة فى الجماهير حتى تتجنب أى توتر أو حدوث فوضى. إلا أن محمد بن عبدالوهاب رفض الاستكانة لهذه الخرافات التى من شأنها أن تحض على تعدد الآلهة، إلا أن هذا الرفض قد أدى به إلى الهجرة إلى مدينة الدرعية القريبة من الرياض، التى كان يحكمها الأمير محمد بن سعود الذى سرعان ما اعتنق أفكار محمد بن عبدالوهاب، وأسسا معاً دولة جديدة سرعان ما اتسعت بفضل الغزو وتحويل البشر إلى مسلمين. كان «التوحيد» هو أساس الدعوة، وهى دعوة تتسق مع آيات القرآن الكريم والسنة المطهرة. إلا أن التوحيد لم يقف عند حد الإيمان بإله واحد مفارق بل تجاوزه إلى الحد الذى يكون فيه هو المشرع لوضع قائم لن يتغير. وأى شىء خارج هذا التشريع لن يُنظر إليه إلا على أنه بدعة وبذلك يمتنع الاجتهاد. وقد ترتبت على ذلك كله نتائج سياسية تفرغ لدعمها الأمير محمد بن سعود. وهكذا تلاحم الأمير مع الشيخ من أجل أسلمة المجتمع.

كان هذا فى القرن الثامن عشر، أما فى القرن التاسع عشر فقد أصبحت الأصولية الاسلامية أشد حدة وصلابة فى الالتزام بالقرآن والسنة وإقصاء أى تأثر بعناصر أجنبية. وقد شاع هذا الإقصاء فى العالم العربى.
 
وفى القرن العشرين تداخلت الأصولية مع القومية لتأسيس الأمة- الدولة، ومن ثم تم إحياء الفقيه ابن تيمية كمرشد لكيفية تحرير الأراضى الإسلامية المحتلة من قِبل غير المسلمين على نحو ما كان يدعو إليه هذا الفقيه فى مواجهته للغزوات الصليبية والمغولية. ولكن اللافت للانتباه هنا هو أن قوة الإسلام، فى القرن العشرين، كانت هى الدافع لتحريك الجماهير حتى لو كانت القيادات علمانية. ومع ذلك فإن النخبة، فى الأوساط الحضرية مثل القاهرة ودمشق، كانت مهمومة بتحديث المجتمع، فاتخذت من النزعة القومية نموذجاً للانطلاق حتى تحقق الاستقلال سواء بإبرام معاهدات على نحو ما حدث فى السودان وتونس عام 1956، أو بالنضال المرير على نحو ما حدث فى الجزائر فى الخمسينيات. ومع ذلك فقد كان من شأن تغيير المسار الاقتصادى فى سياق الحداثة إثارة حفيظة الأصوليين الإسلاميين لأنهم يرفضون التنوير الذى هو أساس الحداثة، بدعوى أن التنوير يعنى إعمال العقل بجرأة. وهم يرفضون هذه الجرأة لأنها تمهد للخروج على السمع والطاعة. ومن ثم نُسفت الحداثة فى كل من السودان ومصر. نُسفت فى السودان بقيادة المهدية التى كان قد أسسها محمد أحمد المهدى والتى أصبحت فيما بعد أساس الإسلام السياسى. ونُسفت فى مصر بقيادة محمد على الذى كان قد عينه السلطان العثمانى قائداً عسكرياً إثر انسحاب نابليون الذى كان قد غزا مصر فى عام 1798. فماذا فعل؟.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع