الأقباط متحدون - المعمرون فى السجون..
  • ٠٨:١٤
  • الأحد , ٣٠ يوليو ٢٠١٧
English version

المعمرون فى السجون..

مقالات مختارة | بقلم : حمدي رزق

٠٣: ٠٥ م +02:00 EET

الأحد ٣٠ يوليو ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

 بمناسبة الإفراج عن 596 سجيناً، احتفالاً بذكرى ثورة يوليو، وصور المفرج عنهم وهم كالطيور فرحة بالنور، أتذكر مقولة أديب نوبل نجيب محفوظ: «تعلمت يا مولاى أن الحرية حياة الروح، وأن الجنة نفسها لا تغنى عن الإنسان شيئاً إذا خسر حريته».

 
مشكور الرئيس أن قرر الإفراج عن هذه الدفعة من المساجين، ولربما يأتى يوم أراه قريباً تخلو فيه سجون المحروسة من مستحقى الحرية، ياما فى السجن مظاليم، وكما قال محفوظ أيضاً: «السجن كالجامعة مفتوح للجميع، وأحيانا يدخله إنسان لنبل فى أخلاقه، لا لاعوجاج».
 
وعليه أستفتى الفقهاء القانونيين فى مسألة سن قانون للإفراج عفواً عن السجين إذا بلغ الثمانين من عمره، وتقنين الإفراج عن هؤلاء المعمرين حتى لو كان إفراجاً شرطياً باحترازات أمنية، تطبق على هؤلاء فى بيوتهم أو مصحاتهم أو نزلهم.
 
أناشد الضمائر الحية الأخذ فى الاعتبار أن للسن أحكاما، وما إن بلغ السجين هذا العمر اقترب كثيراً من أجل محتوم، وإذا كان يحمل وزره فكفاه ذنبه، وإكرام الإنسان فى أخريات العمر عفواً أو إفراجاً مشروطاً مكرمة.
 
وفعلها الرئيس السيسى أخيرا بقراره الإنسانى بالإفراج «عفواً» من سجن أسيوط العمومى عن السيدة فتحية عبدالعال بخيت أبوحشيش، أكبر معمرة فى السجون المصرية.. بالله عليكم، لولا أن بلغ الرئيس قصة هذه السيدة لربما خرجت من السجن إلى القبر.
 
الجدة فتحية سجينة ناهز عمرها 103 أعوام، وكانت قد صدر بحقها حكم بـ25 عاما لقتلها ابنها لسبب ما، تخيل الصورة وابنتها وجمع من أحفادها يستقبلونها بالزغاريد، وتودع السجينات جدتهن بالدموع!
 
هذه النماذج المعمرة ليس مكانها السجون، وإذا كانت الإصلاحيات تستقبل الجانحين من صغار السن تهذيباً وإصلاحاً، فإن دور المسنين مؤهلة لاستقبال المعمرين استعداداً لمقابلة وجه كريم، أما السجون فسكنى المجرمين والقتلة والإرهابيين.
 
إذا صادف هذا المقترح قلوباً تعطف وعقولاً تعقل، فسنرسم صورة ملونة لهذا الوطن، هذا المقترح القانونى لو قدر له من يقوم على إعداده وعكف عليه قانونيون محترمون فى مجلس النواب، وتبناه الرئيس، سيحسن من جودة الملف الحقوقى المصرى، سيرسمنا متحضرين، سيعيد رسم صورتنا أمام العالم، قانون بألف مما تعدون.
 
وأمامنا سوابق معتبرة، قرار الرئيس بالإفراج عن دفعات متتالية من الشباب المسجونين نموذج ومثال، وحتى القرار الأخير بالعفو بمناسبة ثورة يوليو، بشأنه تشكلت لجان أمنية وعدلية، انتهت إلى انطباق القرار الرئاسى على (493) نزيلاً ممن يستحقون الإفراج عنهم بالعفو، وإلى الإفراج عن (103) نزلاء إفراجاً شرطياً.
 
وحتى لا تذهب بكم الظنون أن خلف السطور سطورا مخفية، تخص مساجين الإخوان، ممن بلغوا الثمانين، أتحدث هنا عن قاعدة قانونية عامة ومجردة، وليست مجسدة على سين أو عين أو صاد، قاعدة تتشح برداء حقوق الإنسان، فحسب.
 
هؤلاء ممن أقصدهم بهذه السطور بلغوا من العمر أرذله، وهن العظم، واشتعل الرأس شيبا، وبقاؤهم فى السجن يحمّلهم ما لا طاقة لهم به، ويكلفنا ما لا نحتمل من مرضهم ووفاتهم فى السجون، يموتون على فرشتهم وبين أهليهم أرحم بهم وأرحم بنا.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع