الأقباط متحدون - إلى الصامدين فى القدس: رفعتم رءوسنا
  • ١٩:٤٨
  • الأحد , ٣٠ يوليو ٢٠١٧
English version

إلى الصامدين فى القدس: رفعتم رءوسنا

مقالات مختارة | بقلم :عماد الدين حسين

٥٥: ٠٤ م +02:00 EET

الأحد ٣٠ يوليو ٢٠١٧

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

 ما هو الخطأ الأكبر الذى وقع فيه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وبقية العصابة الحاكمة فى الكيان الصهيونى، حينما حاول فرض وقائع جديدة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى الشريف خلال الأسبوعين الماضيين؟!.

 
خطأ نتنياهو أنه اعتقد أن الانهيار الكبير الذى يضرب المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، يعنى أن وقت قطف الثمار الاستراتيجية لهذا الامر قد حان، أى إكمال ليس فقط تهويد القدس العربية، بل وتغيير المعادلة بشأن المسجد الأقصى نفسه وهو الذى ظل خطا أحمر منذ احتلال إسرائيل للقدس العربية عام ١٩٦٧. لكن المفاجأة الجوهرية كانت هى صمود ومرابطة الفلسطينيين العزل إلا من إيمانهم بأرضهم وقضيتهم ومقدساتهم.
 
الصحافة والمعارضة الإسرائيلية هاجمت نتنياهو بشدة واتهمته أنه حاول «الهروب إلى الأمام» عبر افتعال معركة المسجد الأقصى، للتغطية على وقائع قضية فساده التى تكبر يوما بعد يوم والمتعلقة بمحاولة استغلال النفوذ والفساد هو وأسرته خصوصا زوجته. وفى تقدير محللين وخبراء إسرائيليين كبار آخرهم عاموس يدلين فإن النتيجة التى انتهت إليها المعركة كانت نصرا فلسطينيا واضحا وخزيا إسرائيليا كبيرا، وأن الازمة أدت إلى تآكل قدرة وقوة الردع الإسرائيلية.
 
ظنى الشخصى أن نتنياهو لم يعتقد للحظة أن الفلسطينيين سيكونون بمثل هذا الصمود، واستبعد تماما ان يرابطوا ويصمدوا بالصورة التى رأيناها.
 
ربما كان الخطأ الأكبر الذى وقع فيه نتنياهو وكل من شاركه التفكير، أنه خلط بين الحكومات العربية والشعوب العربية خصوصا الشعب الفلسطينى الذى ضرب مثلا فى البطولة يستحق الفخر. اعتقد نتنياهو أن الجلسات والاجتماعات والاتصالات السرية أو شبه السرية ــ وبعضها صار علنيا ــ مع العديد من الحكومات العربية خصوصا فى الخليج، يعنى أن الطريق صار مفتوحا للإقدام على الخطوة الكبرى التى تنتظرها إسرائيل منذ احتلالها للضفة الغربية وغزة والجولان ووادى عربة وسيناء فى 5 يونيو ١٩٦٧.
 
للموضوعية فإن نتنياهو لم يخطئ وحده فى هذا التقدير، بل إن كثيرا من الحكام العرب وربما بعض المحللين والمراقبين اعتقدوا الأمر نفسه، بسبب حالة الموات التى تمر بها المنطقة، والحروب الأهلية المشتعلة فيها. 
 
صحيح أن الانقسام الفلسطينى مايزال قائما بين فتح وحماس من جهة وداخل فتح نفسها، لكن للموضوعية فإن جميع الفلسطينيين توحدوا خلال معركة القدس الأخيرة، لكن علينا ألا ننسى أنه ما كان يمكن لإسرائيل الإقدام على هذه الخطوة لولا هذا الانقسام الفلسطينى أولا والعربى ثانيا.
 
الدرس المهم الذى خرجنا منه من هذه المعركة أن الرهان يفترض أن يظل على الناس والبشر والجماهير ووعيهم وعروبتهم، فهم الصخرة التى تحطمت عليها كل الأوهام الإسرائيلية ــ لكن الدرس الأهم هو أنه ورغم كل الانقسام الفلسطينى وشبه الموات العربى فإن إسرائيل فشلت فى فرض سيطرتها وتصوراتها على القدس والأقصى، وبالتالى فهناك نافذة أمل كبيرة، بأنه مع حد ادنى من الوعى والتنظيم والصبر والدعم يمكن إنهاك العدو الصهيونى بطرق بسيطة جدا لكنها فعالة.
 
الفلسطينيون لا يستطيعون الحسم العسكرى مع العدو المدجج بالأسلحة بما فيها النووية، وبالدعم الدولى، لكن يمكن المراهنة على أن المقاومة السلمية المنظمة والهادئة ستكون قادرة على التصدى لأخطر أنواع الأسلحة، مثلما أن الانتفاضة الفلسطينية برهنت على أن الحجر يمكن ان يهزم الميركافا. هناك نماذج عديدة ومبدعة يقدمها الفلسطينيون كل يوم فى مواجهة المحتل، ومن اهمها لجان المقاطعة مع الشركات الدولية التى تدعم الاحتلال والاستيطان. صحيح ان حقائق القوة شديدة الاختلال على ارض الواقع، لكن التجربة الاخيرة تقول ان الايمان بالحق والقضية والتمسك بالارض، ما يزالان قادرين على فعل ما كنا نظن انه معجزات.
 
تحية حب وتقدير واحترام، لكل من تصدى من أبناء الشعب الفلسطينى للعنجهية الصهيونية خصوصا فى القدس. هؤلاء ذكرونا بأننا أمة ماتزال على قيد الحياة.
 
واذا كان هذا هو دور المواطنين، فماذا عن دور الحكام والحكومات؟ سؤال يستحق التفكير؟
نقلا عن الشروق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع