الأقباط متحدون - طلب شهادة فى سبيل الله
  • ١٥:٤٦
  • الجمعة , ١٤ يوليو ٢٠١٧
English version

طلب شهادة فى سبيل الله

مقالات مختارة | حمدي رزق

٣٩: ٠٤ م +02:00 EET

الجمعة ١٤ يوليو ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

لا أذيع سراً أن أعداد ضباط الشرطة الذين تقدموا بطلبات للنقل من مواقعهم الشرطية المدنية داخل البلاد إلى الخدمة على الحدود فى سيناء بلغت أعداداً فاقت حاجة وزارة الداخلية، وتجرى المفاضلة والاختيار بين طالبى الشهادة فى سيناء، وهى ظاهرة لافتة تتحدث بها قيادات الوزارة بفخر شديد، ولنا أن نزهو بالشباب.

ما علمته من قيادات فى وزارة الداخلية يجعل البنى آدم يحس أن هناك دماً مصرياً حاراً يجرى فى عروق الشباب، وإحساساً عالياً بالواجب، ورغبة فى الشهادة، شباب الجيش والشرطة يتنافسون على قطع المشوار إلى الحدود، وكلما سقط شهيد هب شهداء، ونفروا للذود عن الحياض، كل منهم مشروع شهيد.

عندما حدثنى ضابط كبير بفخر عن قوائم طالبى الخدمة فى سيناء، توقفت لبرهة، وتذكرت قصص أبطال معركة الإسماعيلية التى تحتفل بها الشرطة المصرية فى عيدها كل عام، فى رمزية وطنية تلهب فى النفوس حمية وطنية تبرهن عليها آيات وبطولات، سجلها التاريخ فى سطور صفحاته المخضبة بالدماء.

ففى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة البريجادير أكسهام، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين فى منطقة القنال.

رفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته لوزير الداخلية فؤاد سراج الدين باشا الذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس شرطة الإسماعيلية، غير أن ضباط وجنود البوليس رفضوا قبول هذا الإنذار، وأطلق البريطانيون نيرانهم على القسم بشكل مركز وبشع ولمدة زادت على الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة، ولكن كانت مسلحة بروح النضال.

طابور الشهداء من رجال الجيش والشرطة على أحر من الجمر فى انتظار موافقة للنقل إلى سيناء، لا يعجزهم إرهاب، ولا ترهبهم عمليات إرهابية، يودعون أحبة ورفاقا سبقوا إلى سيناء، ويعودون إلى مواقعهم طالبين الثأر، النصر أو الشهادة عين المنى والمراد.

الجيش والشرطة يخوضون معركة هى الشرف بعينه، ولا يحرفهم عن هدفهم ورسالتهم فسفسات الفضاء الإلكترونى، ولا يبالون بحملة التحبيط والتثبيط التى يمتهنها نفر ممسوس إخوانياً، مثل هذه التفاهات لا تفت فى عضدهم، من ذاق طعم النصر فى رمل الصحراء يأبى أن يعود إلا بنصر أو شهادة.

أقول قولى هذا لتنظروا إلى طوابير المتقدمين إلى الكليات الحربية والشرطية، خيرة شباب الوطن، ومتفوقيها علمياً وبدنياً، شباب زى الورد، مصروف عليه دم القلب، يقف زنهار ينتظر الإشارة ليحمل العلم، أكثر من ثلاثين ألفاً فى كل طابور، مصر لم تعد تعرف صورة الطوابير إلا أمام مكاتب تنسيق القبول فى الكليات الحربية والشرطية.

هو فيه كده إلا فى وطن رائع مثل مصر المحروسة، لو فُتح باب التطوع لزُرعت سيناء بالسمر الشداد، كبار السن يبكون بدل الدموع دماً، كرت السنون من بين أيديهم، وخارت قواهم، كان نفسهم يتطوعوا جوار الأبناء والأحفاد، ومن ذاق منهم رحيق الخدمة فى سيناء يود لو عادت به الأيام، ليت الشباب يعود يوماً، بارك الله فى الشباب.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع