الأقباط متحدون - متلازمة (ملعون أبوالناس العُزاز)
  • ٠٢:١٠
  • السبت , ١٥ يوليو ٢٠١٧
English version

متلازمة (ملعون أبوالناس العُزاز)

مقالات مختارة | بقلم : دينا عبد الكريم

٠٦: ٠٩ م +02:00 EET

السبت ١٥ يوليو ٢٠١٧

دينا عبد الكريم
دينا عبد الكريم

 دائما ما كنت من المتأملين فى فكرة رواج المنتج الفنى أو الإعلامى، الذى يتحدث عن الظلم والقهر والكسرة والحسرة، وكيف تنجح أغنيات مثل «مفيش صاحب بيتصاحب»، وتحقق 100 مليون مشاهدة تقريبا.. وتتحول إلى ثقافة شعبية عند الناس ومَثَل يُستخدم عند ذكر الأصدقاء أو الصداقة بشكل عام!! حتى تحولت هذه الثقافة (الشعبية) الدارجة إلى شكلها الأنيق فى أغنية (ملعون أبوالناس العُزاز!!!)، التى تحولت أيضا وبسرعة إلى كلمة دارجة متكررة عند قطاع آخر من الناس.. وبعيدا عن أن الكلمات للرائع مدحت العدل حلوة ومُوجِعة من فرط صدقها لأنها تحدث فعلا وتتكرر فى حياة الناس، أن يخونك القريب وأن يبيعك «لأعلى سعر»، كما كان اسم المسلسل مناسبا أيضا لوصف تلك الحالة.. لكن اعتراضى هنا على استخدام تلك الكلمات كافتراض بديهى للخيانة من القريب واستقبالنا لها بكل سرور وترحاب كتقرير للواقع.. اعتراضى على ظاهرة جديدة أسميها هنا (متلازمة.. ملعون أبوالناس العُزاز!!!).

 
والمتلازمة- حسب تعريف الطب النفسى- هى: «مجموعة أعراض لحالة مرضية متزامنة ذات مصدر واحد»، أصبحت لدينا مجموعة أعراض مرعبة تصور لنا الحياة جحيما، وتصور لنا الناس- كل الناس- وحوشا تريد افتراسنا، والأخطر فى نظرى أنها تصور لنا من أنفسنا ضحايا طوال الوقت!
 
تظهر تلك الأعراض فى صور متعددة.. منها جماهيرية غير عادية لأى عمل فنى يُبرز الخيانة ويُعظِّم وجودها.. تلقيح وتلميح مستمر من الناس لبعضها على مواقع التواصل الاجتماعى، والظهور الدائم بمظهر المظلوم والمخدوع، الذى (باعوه الناس العُزاز، ولم يجد صاحبا يصاحبه!!!)، والتى مصدرها الأصيل هو نفى مسؤوليتنا الشخصية عن أى تغيير أو مقاومة.. فنحن ضحايا أبرياء!!!
 
أكتب هذا وقد نلت نصيبى- كغيرى- من خيانة الصديق وخداع الزملاء ومحاولات الركوب على أكتافك وبيعك فى أقرب فرصة، ذُقت نصيبى من التشويه والتقليل.. ذُقته واختبرت مرارته وقسوته.. وأيضا نِلت كنزى من الأحباء والأصدقاء، الذين أطمئن على نفسى معهم، والذين أثق أنهم لن يبيعونى وقد اشتريتهم، والذين يواجهوننى بعيوبى بحب ويقبلوننى بضعفاتى بكل صبر.. لذا أرفض أن أقدم نفسى ضحية، وأرفض أن أستسلم لمتلازمة اللعن لكل مَن هو قريب، والشك فى كل صديق وافتراض سوء النية فى كل الزملاء!!! هذا أمر كفيل بأن يحوّل حياة صاحبه إلى جحيم.. وأن يحوّل صاحبه شخصيا إلى مريض!!!
 
أؤمن بقدرة الفن على تشكيل الوعى.. لهذا أخاف منه جدا!! أخاف حين يأخذنا الفن إلى حيث لا نريد.. وأخاف أن نتحول إلى مجتمع من المرضى.. لا يرى أحدنا عيوبه ولا تقصيره.. لكنه يُسقط مسؤولية كل ما يتعرض له.. على الآخرين..
 
أنت مسؤول عما تأخذ نفسك إليه.. وأنت مسؤول عما تشعر به أحيانا.. والرثاء على النفس وكراهية الجميع بسبب البعض.. هو طريقك السريع للموت ببطء، بينما تنتظرك الحياة لتحياها.. وفى ميزان الحياة يفوز عدديا المُحِبون المخلصون على المنافقين، مهما بلغ أذاهم.. فالتفت إلى- الناس العُزاز- الذين يستحقون أن تباركهم.. لا أن تلعنهم طوال الوقت!!!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع