الأقباط متحدون - أمريكا.. الطرف الثالث
  • ١٤:٤١
  • السبت , ٨ يوليو ٢٠١٧
English version

أمريكا.. الطرف الثالث

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٥٥: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٨ يوليو ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

حالة اللخبطة التى سيطرت على المؤتمر الصحفى الذى أعقب اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، للرد على رفض قطر مطالب مصر والسعودية والإمارات والبحرين، بإيقاف كل الفعاليات والأنشطة التى تدعم من خلالها الدولة الصغيرة الإرهاب، تقول إن الطرف الثالث تدخّل. كتبت فى هذا المكان منذ عدة أيام مقالاً بعنوان «بياكل بإيديه الاتنين» أصف فيه حال دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذى يلعب على وتر المال الخليجى، فيعزف لحناً سعودياً مرة، ويعزف لحناً قطرياً فى أخرى، وقد ظهر ذلك فى صفقات الأسلحة التى أبرمتها الدولتان مع «العم سام» بمليارات الدولارات. يبدو أن «النُقطة القطرية» هذه المرة كانت كبيرة، فدفعت الطرف الأمريكى الثالث إلى التدخّل من أجل تهدئة موقف الدول الأربع، وحماية قطر من الغضبة العربية، التى أعقبت رفضها المطالب المتعلقة بإيقاف تمويل ورعاية الإرهاب.

كنت أستمع بدقة إلى كلمات وزير الخارجية السعودى، السيد «عادل الجبير»، ولاحظت أنها فقدت الكثير من خشونتها، ونحت إلى النعومة، وهو يتحدث عن الأزمة مع «الأشقاء القطريين»!، ظهر ذلك أيضاً فى لغة وزير الخارجية الإماراتى. لغة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى كانت الأكثر خشونة بين وزراء الخارجية الأربعة، بحكم أن مصر أضيرت كثيراً من أفعال قطر، لكن يبقى أن التدخل الأمريكى كان حاسماً فى الجنوح إلى التهدئة، على الأقل على المستوى الدبلوماسى داخل الدول الأربع، ولسنا نعلم ما يمكن أن يحدث على المستويات الأخرى، خصوصاً أن اجتماع وزراء الخارجية سبقه اجتماع آخر عقده مسئولو المخابرات فى الدول الأربع.

فى كل الأحوال، يبدو موقف «ترامب» مفسراً. فمنذ ظهوره على شاشة الأحداث السياسية، وقبل وصوله إلى البيت الأبيض، كان طمع الرجل فى مال الخليج واضحاً، ونظر إليه مثلما ينظر إلى «المال السايب»، واعتبر أن له نصيباً أو حقاً معلوماً فيه، وهو يستغل الموقف بصورة براجماتية تتسق مع «البراجماتية الأمريكية» المعهودة، ليخرج منه بأعلى المكاسب. أداء «ترامب» يبدو مبرَّراً من زاويتين، أولاهما الحرص على النجاح فى حل بعض المشكلات الاقتصادية التى تواجه المواطن الأمريكى، وقد قدم الكثير من الوعود على مستوى هذا الملف. الزاوية الثانية تتعلق بالاتساق مع الذات، فالولايات المتحدة تدعم الإرهاب بصورة أو بأخرى. تنظيم «القاعدة»، الذى قاده أسامة بن لادن، ويقوده حالياً أيمن الظواهرى، نشأ برعاية أمريكية، ليقوم بعد ذلك بأكبر عملية إرهابية تعرّضت لها الولايات المتحدة (سبتمبر 2001)، وتنظيم داعش نشأ فى العراق فى حضن الغزو الأمريكى، ولعلك تذكر أن كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، وقفت ذات يوم لتُعبر عن انبهارها بأبى مصعب الزرقاوى، أول المبشرين بفكرة «داعش»، وفى ظل حالة من الصمت الأمريكى الذى يعكس نوعاً من «الرضا» كان التنظيم الإرهابى يبيع البترول الذى استولى عليه فى المناطق التى سيطر عليها، ليمول عملياته الإرهابية. الولايات المتحدة تملك تاريخاً فى رعاية الكثير من التنظيمات والرموز والشخصيات التى ترعاها قطر حالياً، وفى هذا السياق نستطيع أن نفهم تدخّلها لحماية قطر من الغضبة العربية الحالية.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع