الأقباط متحدون - هل تجوز اللغة التكفيرية فى الأحكام القضائية؟
  • ٠١:٠٣
  • الجمعة , ٧ يوليو ٢٠١٧
English version

هل تجوز اللغة التكفيرية فى الأحكام القضائية؟

مقالات مختارة | خالد منتصر

٣٤: ١٢ م +02:00 EET

الجمعة ٧ يوليو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

اندهشت وأنا أقرأ حيثيات أحد الأحكام القضائية على مجموعة من عصابة الإخوان الإرهابية فوجدت عبارة «لأنهم يحاربون الله ورسوله»، الأحكام كانت عادلة وفيها القصاص من تلك الجماعة الفاشية والعقاب الرادع لهؤلاء الضباع القتلة وفى هذا الكفاية ولا داعى لزخرفتها بتلك العبارات التى لها ألف لون طيف فكرى، الإعدام كان لأنهم قتلة مجرمون مع سبق الإصرار والترصد طبقاً لشروط القانون المصرى المدنى الذى شرع لدولة مدنية وليست دولة دينية، واستخدام تلك المصطلحات من قبيل «حاربوا الله ورسوله» ينقلنا مباشرة لمربع السجال الدينى الدينى، وسرعان ما تجد السهم مرتداً إلى صدرك من الجهادى التكفيرى الإخوانى السلفى صارخاً فى وجهك «لا، أنت الذى تحارب الله ورسوله»، ويعطيك قائمة بحيثيات تكفيرك وعلى رأسها أنك لا تطبق الشرع ولا تنفذ الحدود.. إلخ، سجال لن ينتهى، وللأسف أنت كرجل قانون مدنى من منحت التكفيرى الفرصة لأنك استعرت نفس لغته من نفس قاموسه، القانون لا يعرف الكلمات المطاطة التى ليس لها ضابط ولا رابط، فكيف ستشير وتحدد أن فلاناً حارب الله ورسوله؟!، أسامة بن لادن والظواهرى وأبوبكر البغدادى متأكدون وجازمون وحازمون بأننا نحارب الله ورسوله، ومن قبلهم سيد قطب وصفنا بالمجتمع الجاهلى الذى لا بد أن يحارب،

ولو حكمنا بالإعدام انطلاقاً من أن المجرم يحارب الله ورسوله، وقدم لنا ذلك المجرم القاتل أنه لم يحارب الله ورسوله بل مجتمعنا هو الذى حارب بناء على كتاب فقه لابن تيمية مثلاً أو تفسير لبعض الآيات والأحاديث، وأتى بعالم أزهرى كبير حاصل على الدكتوراه مثل القرضاوى ليؤيده ويمنحه الفتوى، ألن يحس قطاع كبير من الناس أنه قد أُعدم ظلماً وعدواناً؟، وأنه قد شُنق من أجل دفاعه عن العقيدة وعن دين الله!!، هل المحكمة تنتدب محامين أم شيوخاً؟!، استخدام هذا القاموس فيه خطر، وأرجو من رجال القانون الالتزام بنصوص القانون المحددة المنضبطة الدقيقة التى لا تدخلنا فى مبارزات فقهية تضعف اقتناع الناس بالأحكام، نحن نحترم قضاءنا ورجاله ورموزه، وغرضنا هو الحفاظ عليهم من الوقوع فى فخاخ الرمال المتحركة للفتاوى المختلفة والجدل الفقهى المعقد المتشابك، وللأسف إذا كان رجل القانون يظن أن مثل تلك المصطلحات ستردع التكفيريين وتقنعهم لعمل مراجعات، فهو حسن الظن، وبمجرد نظرة على قوائم من أجروا المراجعات فى السجون وأقنعونا بأنهم اهتدوا إلى الحق عن طريق المشايخ الذين زاروهم فى السجن، سيجدون أن كل هؤلاء قد تراجعوا عن المراجعات وعادوا إلى سيرة الإجرام الأولى، أرجوكم لا تستخدموا دواء السجال بتلك النصوص الدينية فى أحكامكم القضائية، هذا الدواء به سم قاتل.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع