الأقباط متحدون - هل التفكير العلمى للعلماء فقط؟
  • ٠١:٥٩
  • الخميس , ٦ يوليو ٢٠١٧
English version

هل التفكير العلمى للعلماء فقط؟

مقالات مختارة | بقلم :خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الخميس ٦ يوليو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 سؤال يفرض نفسه، ودائماً ما تعكس إجاباتنا عنه جهلاً بما هو التفكير العلمى، فمن الممكن جداً أن يفكر أستاذ جامعة بمنهج غير علمى ويفكر «بقّال» بمنهج علمى. يذهب الأستاذ الحاصل على الدكتوراه لقراءة الفنجان بعد خروجه من المعمل ويخطط البقال ويشترى للمحل بناء على دراسة احتياجات الحى!، هنا يصبح الأول صاحب تفكير خرافى، حتى إن لقبوه بالبروفيسور، ويصبح الثانى صاحب تفكير علمى، وإن كان يفك الخط بالعافية!، وصلتنى رسالة من أستاذى د.عصمت شيبه، أستاذ الباطنة بقصر العينى، يتحدث فيها عن المنهج العلمى فى التفكير، فيقول:

 
يعتقد كثيرون أن منهج التفكير العلمى يقتصر على العلوم العلمية كالطب والهندسة والعلوم، وهذا بالتأكيد غير صحيح، بل إنه يشمل أيضاً العلوم الإنسانية، ولا نبالغ إذا قلنا إنه يمتد أيضاً إلى أسلوب التفكير فى المشاكل اليومية التى يواجهها الإنسان، ما هو تعريف منهج التفكير العلمى؟ المنهج العلمى هو مجموعة من التقنيات للتحقيق فى الظواهر والأفكار، واكتساب معارف جديدة، أو تصحيح ودمج المعرفة السابقة، ولكى يطلق عليها مصطلح «علمى»، فإن طريقة التحقيق تستند عادة إلى أدلة تجريبية أو قابلة للقياس تخضع لمبادئ منطقية محددة، مع أن طبيعة وطرق المنهج العلمى تختلف حسب العلم المعنى، فإن هناك صفات تميز البحث والتقصى العلمى عن غيره من أساليب التقصى وتطوير المعارف، عادة يضع الباحث العلمى فرضية أو مجموعة فرضيات كتفسير للظاهرة التى يدرسها ويقوم بتصميم بحث تجريبى لفحص الفرضيات التى وضعها عن طريق فحص تنبؤاتها ودقتها. ويمكن أن تتشكل فرضيات جديدة يتم فحصها. وبناء على التجربة يكون استنباط الحقائق.
 
ولشرح هذا أكثر، فإننا سوف نعطى مثلين، أحدهما يخص أمراً علمياً بحتاً، وآخر يخص قراراً اقتصادياً، ونرى كيف يمكن تطبيق منهج التفكير العلمى فى الأمرين، أولاً المثل العلمى: هل يمكن استخدام عقار الإسبرين للإقلال من احتمال حدوث أورام بالقولون، البداية هى الظاهرة، وهى ملاحظة أن المرضى الذين يأخذون الإسبرين لتفادى حدوث جلطات، نسبة حدوث أورام بالقولون لديهم أقل، هذه هى الظاهرة، ولكن ما الأدلة التجريبية القابلة للقياس؟، يجب تصميم تجربة تقارن نسبة حدوث سرطان القولون فى الذين يأخذون، والذين لا يأخذون الإسبرين، وفى تصميم واستنتاج النتائج من مثل هذه التجربة هناك ضوابط دقيقة جداً (ليس هذا مجال لتفاصيلها) ولا يمكن الإخلال بها حتى نتمكن من الوصول للحقيقة، وبعد ذلك تكون هذه التجربة عرضة للإعادة مرات ومرات، حتى يمكن أن ترسخ كحقيقة.
 
هذا فيما يخص الأمور العلمية، فهل ينطبق هذا المنهج أيضاً على الاقتصاد؟ الإجابة بالتأكيد نعم. ولنأخذ مثلاً لذلك، لاحظ أحد الأشخاص أن الناس يستخدمون الأطباق الفخّار، المعرضة للكسر، خاصة مع الأطفال وقد تساعد فى انتشار العدوى، هذه هى الظاهرة. فدرس إيجابيات وسلبيات أن يصنع أطباقاً من أنواع مختلفة من البلاستيك، فوجد أن الإيجابيات قد تفوق السلبيات، قرر أن يقوم بالتجربة، وهى إنشاء مصنع صغير لا يتجاوز غرفتين كان يعمل فيه هو وزوجته فقط. هذه هى التجربة، وسوق للمنتج الجديد، فوجد أنه يلاقى إقبالاً شديداً، هذه هى نتيجة التجربة، فتوسع فى مصنعه ليكون مبنى منفصلاً يعمل فيه نحو 50 عاملاً، ونجح المصنع الجديد، هذه هى إعادة التجربة، والآن أصبح من كبار العاملين فى هذا المجال، السؤال: هل لو كان أقام مصنعاً كبيراً عندما أتت له الفكرة، هل كان سيحقق نفس النجاح؟، الإجابة كان سيكون احتمال النجاح 50%، إذا كنت تريد أن تكون خطواتك ثابتة، فلا مناص من اتباع المنهج العلمى حتى فى الاقتصاد، والقياس على ذلك هو التجربة المصرية الشهيرة فى إلغاء، ثم عودة سنة سادسة ابتدائى.
 
والآن، ما أهمية ذلك؟ أهميته هو أن ندرك أن منهج التفكير العلمى هو أسلوب الحياة المناسب لهذا العصر، ويجب أن يكون الهدف الأساسى من أى منهج تعليمى من التعليم الأساسى إلى أعلى الدرجات العلمية. ومن المفارقات أن أول من دعا إلى هذا المنهج هو عالم الرياضيات العربى الشهير ابن الهيثم من العراق 965-1039 وأخذه عنه الأوروبيون، وها نحن ما زلنا لم نع هذه الحقيقة، فكانت قراراتنا عشوائية قد تنجح مرة، ولكنها تفشل فى كثير من المرات.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع