الأقباط متحدون - عقاب الأقباط!
  • ٠٧:٤٧
  • الاربعاء , ٣١ مايو ٢٠١٧
English version

عقاب الأقباط!

مقالات مختارة | حلمي النمنم

١٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٣١ مايو ٢٠١٧

حلمي النمنم
حلمي النمنم

هل صحيح أن الأقباط يعاقبون لأنهم شاركوا فى ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بالإخوان، ولأنهم يؤيدون الرئيس السيسى؟ وهل صحيح أنه يتم الانتقام منهم لأن الرئيس السيسى أقدم على ما لم يقدم عليه حاكم قبله، حيث زار الكاتدرائية ليلة عيد الميلاد، وهنأ المواطنين الأقباط بعيد الميلاد، وأعلن من داخل الكاتدرائية أنه فى بيت من بيوت الله؟!

جماعة الإخوان الإرهابية تزعم ذلك، وتردده فى أبواقها، وهى مزاعم سياسية، كما نرى، وكأنه مطلوب من الأقباط أن يكرهوا الرئيس أو- على الأقل- لا يحبوه، وكأن المشاركة فى ثورة 30 يونيو المجيدة جرم.

وباختصار يعيش الأقباط فى الوطن كماً مهملاً، لا يكون لهم رأى وموقف سياسى كمواطنين، ينضمون إلى من كان يقال عنهم الأغلبية الصامتة.

وهذه المزاعم تقوم على فرضية أخرى مفادها أنه من المفترض ألا يحب رئيس الجمهورية المواطنين الأقباط، وألا يشاركهم أفراحهم، وألا يذهب إليهم مهنئاً، وأنه إذا أراد التهنئة فليرسل ببرقية وكفى، أو يبعث أحد أمناء رئاسة الجمهورية للتهنئة، وألا يعزيهم ويشاركهم أحزانهم.

وفى فترات سابقة، لم يكن الحاكم يهتم بتهنئة الأقباط، فى عيدهم، ولا يعزيهم، ولم يكن الأقباط يهتمون بإبراز تأييدهم للحاكم، ومع ذلك قامت الجماعة الإرهابية بنهب محلات الذهب المملوكة للأقباط، وحاولت الاعتداء على الكنائس وعلى حياة بعض المواطنين الأقباط، وقائع الكشح نموذجاً.

وحين أحرق الإخوان كنيسة فى السويس، وأخرى فى الزقازيق، فى أربعينيات القرن الماضى، لم يكن الرئيس السيسى موجوداً، ولا كان هناك ثورة 30 يونيو، كان الملك فاروق هو الذى يحكم، وكانت هناك أحزاب مدنية قوية ومؤثرة فى مقدمتها حزب الوفد، ومع ذلك كانت تلك الجماعة تحمل عداء وكراهية تجاه الأقباط.

أحد الناجين من مذبحة المنيا ذكر أن الإرهابى طلب منه أن ينطق الشهادتين، أى أن يتخلى عن ديانته وعقيدته، هذا هو جوهر المشكلة، وما دون ذلك يدخل فى باب التفصيلات والحواشى.

هذه المزاعم تخفى شيئاً أو أشياء أخرى، نحن أمام تنظيم يصر على أن المسيحيين كفار، المسيحى يؤمن بإله واحد، ومن ثم فإن اتهامهم بالكفر خلل فى الفهم، ومع ذلك لو أن هناك مواطنا «كافرا» هل يجوز قتله؟ هل من حق المسلم فى الهند أن يقتل البوذى أو الهندوسى؟! وهل مسموح للمسلم فى الصين أن يقتل الكونفوشى؟ وهل من حق المسلم فى أوروبا أن يقتل غير المؤمن أو الملحد؟! لابد من الاعتراف بوجود من يساعد على اعتبار المسيحيين المصريين كفارا مؤخراً.

زعم- أحدهم- على إحدى الفضائيات أنه يفسر القرآن الكريم، رغم أنه ليس متخصصاً فى التفسير، وراح يطعن فى عقيدة المسيحيين، فى الديانة المسيحية كلها، لم يقل ذلك فى مكان مغلق، بل على منبر إعلامى متاح للكافة، داخل مصر وخارجها، ولما أثار حديثه الرأى العام، أعلن اعتذاره عن أن كلامه أساء لمشاعر الأقباط، لكنه تمسك بفكره ورأيه، قال ذلك بعد حادث كنيسة طنطا وقبل حادث المنيا مباشرة، صحيح أنه تكلم فقط، لكن الكلام، لا يلقى فى الفضاء العابر، بل يجد ميليشيات جاهزة، مدربة ومسلحة، تمارس العنف والإرهاب.

أقباط مصر ليسوا كفاراً، هم أيقونة هذا المجتمع، تاريخهم يسبقهم، والوطن شاهد. نحن بإزاء فريق من الإرهابيين، يرفض تماماً التنوع والتعدد، يرفضون التنوع والتعدد فى الفقه داخل الدين الواحد، فى الإسلام، هم يكفرون الصوفية، والليبراليون والعلمانيون، حتى لو كانوا مسلمين، وهم كذلك يرفضون أتباع الديانات الأخرى، هل ما فعلوه فى الموصل ونينوى بالعراق والرقة فى سوريا- يتصورون أن بإمكانهم القيام به هنا فى مصر، موطن التعدد والتنوع والتوحيد معاً؟! لكنهم لم ينجحوا.. ولن ينجحوا.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع