الأقباط متحدون - هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (5).. ما فرطنا فى الكتاب من شىء..
  • ٢١:٤١
  • الاربعاء , ٣١ مايو ٢٠١٧
English version

هل هذه حقاً بديهيات دينية؟ (5).. ما فرطنا فى الكتاب من شىء..

مقالات مختارة | خالد منتصر

٣٨: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ٣١ مايو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

استُخدمت هذه الآية الكريمة، أو على الأصح، هذا الجزء من الآية للمصادرة على أى فكر خارج دفتى القرآن، وللتدليل على أنه حوى كل شىء من أمور الدين والدنيا، وأنه لا مجال للعقل البشرى فى ميدان التشريع، وأن التشريعات التى كانت بنت ظروفها وبيئتها لا يمكن التفريط فيها أو الحياد عنها، وأن الحدود لا بد أن تُطبّق بحذافيرها، حتى لو تغيّرت الظروف، المهم عندهم هو التطبيقات الحرفية، وليس المقاصد الأخلاقية، حد السرقة فى ما هو فى حرز، يعنى أن النشال الذى يسرق عشرة جنيهات من جيب موظف تُقطع يده، أما الهاكر الذى يدخل على كمبيوتر بنك، فهو آمن، لأن هناك شبهة فى أحقيته فى بيت المال، وأن ما هو مكتوب فى الكمبيوتر ليس حرزاً!، المكاتبات على «الواتس آب»، أو فى الخطابات والإيميلات، التى يعترف الاثنان فيها بممارسة الزنى لا تثبت شيئاً، بل لا بد من رؤية الرشاة فى البئر بتفاصيل العملية من أربعة شهود عدول فى زمن الشقق المغلقة بأبواب حديدية لا خيام مفتوحة سداحاً مداحاً!، وعندما يُقال إن الرجم يتعارَض مع إعلان حقوق الإنسان الذى وقعنا عليه يكفرونك ويصفونك بالزنديق!،

يرفعون فى وجهك تلك الآية عند محاولتك الاجتهاد أو قولك إن هذه الحادثة جديدة ومستحدثة على الواقع الإسلامى والعقل المسلم، يرفعون آية ما فرطنا فى الكتاب!، هم فى الحقيقة يرفعون فى وجهك تفسيرهم للآية، وليس الآية، يرهبونك بتفسيراتهم واشتقاقاتهم وكأنها وحى منزل!، وقد استفاد من هذا الاجتزاء المخل للآية أناس ادعوا التفسير العلمى للقرآن والإعجاز العلمى لآياته، وبأن كل النظريات والاكتشافات العلمية قد ضمّها المصحف، وأفصح عنها، وما علينا إلا انتظار الغرب حتى يكتشف، ونخرج عليهم ونُقسم بأغلظ الأيمان إنها بضاعتنا رُدت إلينا، وبهذا نضر الدين والعلم على السواء، يظل أصحاب بوتيكات الإعجاز وبازارات الأوهام يستخدمون التفكير بالتمنّى المسيطر على عقول المسلمين نتيجة الفجوة الحضارية الحالية الرهيبة، التى بدلاً من أن تستفزنا للتغيير والخروج من حفرتها العميقة، إذا بها تتحول للحفر أعمق والنزول فى قاع القاع ونحن نتوهم أننا نصعد ونتفوق!، يكتشف آينشتين النسبية فنقول إنها عندنا فى كتابنا ونرفع آية ما فرطنا فى الكتاب!، رغم أنه ليس كتاب فيزياء!، يحارب جاليليو ويسجن نتيجة قوله بدوران الأرض ويأتى بعده علماء الفلك لبيان شكلها شبه البيضاوى.. إلخ،

فنصرخ ما فرطنا، ولدينا الدليل كلمة «دحاها»!، نشف ريقنا من تكرار أن القرآن ليس كتاب بيولوجى ولا فيزياء ولا كيمياء ولا بيولوجى، إنما هو كتاب هداية أخلاقى ودينى، وليس انتقاصاً منه ولا من أى كتاب دينى ألا يتحدّث عن نظرية الكم، وليس عيباً أو إهانة، ألا نجد الجدول الدورى لمندليف ضمن سوره، أو علاج الجلطة بالقسطرة ضمن آياته!!، ولنقرأ التفسير لإزالة اللبس والغموض عن هذه البديهية، يقول الدكتور عبدالمجيد مطلوب فى كتابة أصول الفقه الإسلامى ص 57 «المراد من الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ وليس القرآن، كما هو واضح من السياق قبله، إذ تقول الآية (وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء)، هذا السياق يعطى أن المراد بالكتاب هو اللوح المحفوظ، وأظهر الأقوال فى معنى المثلية أن أحوال الدواب من العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاء موجودة فى اللوح المحفوظ، مثل أحوال البشر»، فهل سيظل زغلول النجار وتلامذته يرفعون تلك الآية ويستخدمونها فى التدليل والتأكيد على أن القرآن به نظريات علمية؟!، أعتقد أنهم سيظلون يستخدمون ويتاجرون ويكسبون أرضاً طالما هناك جهل وتخلف وإحساس عميق بالدونية والكساح تجاه التقدم العلمى الغربى الذى يجرى بسرعة الضوء ونحن وراءه كالسلحفاة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع