الأقباط متحدون - دفتر زيارة ترامب الأولى للشرق الأوسط (5)
  • ١٦:٥٠
  • الاثنين , ٢٩ مايو ٢٠١٧
English version

دفتر زيارة ترامب الأولى للشرق الأوسط (5)

مقالات مختارة | بقلم:جهاد عودة

٢١: ٠٥ م +02:00 EET

الاثنين ٢٩ مايو ٢٠١٧

جهاد عودة
جهاد عودة

 الغائب الحاضر فى زياره ترامب الأولى للشرق الأوسط  هى إيران. فمن 1.636مرشحا سجلوا نفسهم في نيسان/أبريل لخوض انتخابات الرئاسة، وفي النهاية لم يبق سوى أربعة مرشحين: الرئيس حسن روحاني ومصطفى هاشمي طابا اللذان يُحسبان على المعسكر الإصلاحي، وإبراهيم رئيسي ومصطفى أغا ميرسليم المرشحان المحافظان لخوض السباق الانتخابي.

 
 لكن فرص الفوز الحقيقية تُحسب فقط لروحاني ورئيسي. ولدى المرشحين سبل النجاح الذين يربطهما تشابه في الهيئة الخارجية، فقط لون عمامتيهما هو الذي يميز بينهما. وفيما يخص توجهاتهما السياسية فقلما يمكن التمييز بينهما.
 
 وعندما توجه نحو 56 مليون ناخب الجمعة (19 أيار/مايو 2017) إلى صناديق الاقتراع، فإنهم اختاروا بين الانفتاح السياسي الخارجي أو المواجهة.
 
 حسن روحاني: الرئيس الحالي المعتدل يرغب في مواصلة نهجه في التقارب السياسي الخارجي مع الغرب الذي تمثلت ذروته في التوقيع على الاتفاقية النووية الدولية في تموز/يوليو 2015.
 
ويتقدم روحاني البالغ من العمر 68 عاما استطلاعات الرأي، لكن المعركة من أجل ولاية حكم ثانية قد تصبح أكثر صعوبة مما كان متوقعا. روحاني يدعو لمنحه مزيدا من الوقت من أجل مواصلة نهجه في الانفتاح. وفي الحملة الانتخابية ركز في المقدمة على موضوعات الحقوق المدنية والحريات الثقافية، وهو يلقى الدعم في ذلك من كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني.
 
 ومن الناحية الاقتصادية يُلاحظ أن إيران سجلت مؤخرا نموا خافتا. وخلال حكم سلفه أحمدي نجاد كانت العملة المحلية قد تدهورت بسبب ضغط العقوبات الدولية. ونجح روحاني في جلب الاستقرار للعملة والرفع من قوة إنتاج النفط. لكن البطالة وانعدام الآفاق تبقى ذات مستويات عالية لاسيما في صفوف الشباب، وليس أخيرا لأن الشركات الأجنبية رغم تخفيف حدة العقوبات تظل جد متحفظة للاستثمار في إيران.
 
المرشح إبراهيم رئيسي: إبراهيم رئيسي: المنافس القوي لروحاني يريد الاستفادة تحديدا من هذه المواطن المذكورة آنفا. فهو يهاجم الإدارة الفاشلة المفترضة للحكومة الحالية وينادي بمزيد من العدالة الاجتماعية. ويتهم المرشح رئيسي روحاني بنهج سياسة لمصلحة النخب وإهمال الفقراء والعاطلين عن العمل. وعلى مستوى السياسة الخارجية، فهو يساند نهج المواجهة السياسية، وشعاره هو “عدم إظهار أي ضعف في وجه العدو”.
 
رئيسي لا يشكك في نجاعة الاتفاقية النووية إلا أنه يعارض انفتاحا إضافيا للبلاد حتى في قضية الاستثمارات الخارجية. ومقابل ذلك يشدد على استقلالية سياسية واقتصادية من الغرب. وكان رئيسي قد تسلق سلم المهنة في جهاز إدارة العدل الإيرانية، وهو له ماضي مظلم، إذ يتحمل المسؤولية في الثمانينات لإعدام آلاف المعتقلين السياسيين. وفي مواقع التواصل الاجتماعي يتم وصفه “آية الله في الإعدام”. وقبل شهرين تم تنصيبه من المرشد الأعلى في منصب مدير أغنى مؤسسة دينية في البلاد.
 
 وفي النقاشات المتلفزة وجهت الاتهامات لرئيسي بأن مؤسسته الثرية بالمليارات لا تدفع ضرائب. مصطفى ميرسليم: حتى ميرسليم يُحسب على المعسكر المحافظ. وزير الثقافة السابق انسحب قبل 20 عاما من الصف الأول للسياسيين الإيرانيين، وكان مؤخرا عضوا عاديا في مجلس التحكيم الذي يتوسط في القضايا العالقة بين الحكومة والبرلمان. وقلما تُحسب له فرص للفوز بالانتخابات مثل مصطفى هاشمي طابا البالغ من العمر 76 عاما والذي كان نائب الرئيس في عهد الرئيس محمد خاتمي، وأشرف لسنوات على رئاسة اللجنة الأولمبية الإيرانية.
 
واستطلاعات الرأي الأخيرة تمنحه نسبة تقل عن 5 في المائة.
 
ومن المعلوم  انه في النظام السياسي لإيران يحتل الرئيس مرتبة ثاني أقوى رجل. المرشد الأعلى للجمهورية هو الذي يملك الكلمة الأخيرة في جميع القضايا الهامة، وهو الذي يقرر الخطوط العريضة في قرارات قضايا السياسة الداخلية والخارجية وهو القائد الأعلى للقوات العسكرية الإيرانية. والرئيس يحتل في المقابل كقائد السلطة التنفيذية دورا محوريا في جهاز السلطة الإيرانية، لكنه بحاجة في قراراته إلى موافقة المرشد الأعلى للجمهورية. ويبقى الرئيس مسئولا عن سياسة الاقتصاد، وهو يعين وزراء تُفحص كفاءتهم من طرف مجلس صيانة الدستور ويتم الموافقة عليهم من قبل البرلمان.
 
 ويُنتخب الرئيس لفترة أربع سنوات، ولا يحق له بعد ولاية حكم ثانية الترشح للمنصب، ومن أجل انتخابه يحتاج إلى غالبية مطلقة من الأصوات. وفي حال عدم حصول المرشحين الأربعة على هذه الغالبية في دورة الانتخابات الأولى، فإن الحسم يكون في جولة الإعادة. توافد ملايين الإيرانيين على مراكز الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد لاختيار رئيس جديد للسنوات الأربع القادمة.
 
 وتوقعت وزارة الداخلية التي تشرف على الاقتراع أن تتجاوز نسبة المشاركة 72%.  يصوت الإيرانيون بأعداد كبيرة الجمعة في الانتخابات الرئاسية “الحاسمة” بالنسبة للرئيس المعتدل المنتهية ولايته حسن روحاني الذي يسعى إلى الفوز بفترة ثانية ليواصل سياسته التي تميزت بالانفتاح على العالم.  ويتنافس روحاني مع رجل الدين المحافظ، إبراهيم رئيسي، الذي يقول إنه يدافع عن الأكثر فقرا وإنه يريد إعطاء الأولوية لـ”اقتصاد المقاومة” من خلال تعزيز الانتاج والاستثمارات الوطنية.
 
وصوت الرجال والنساء في غرف منفصلة أقيمت في الجوامع، إلا أنهم صوتوا في غرف مختلطة في المدارس.
 
 وصرح روحاني بعد أن أدلى بصوته في الصباح في طهران “المشاركة الحماسية للإيرانيين في الانتخابات تعزز القوة والأمن الوطني”. وتابع روحاني “من أبرز ميزات النظام في الجمهورية الإسلامية السيادة الوطنية المتمثلة بطوابير الناخبين في المدن والقرى”، مضيفا “أيا كان الفائز، علينا مساعدته”. أما رئيسي، الذي أدلى بصوته في مسجد في حي جنوب طهران، فتوقع “حدا أقصى من المشاركة”.  ودعا كلاهما إلى “احترام” خيار الإيرانيين بغض النظر عن النتيجة. ومن ناحيته، أدلى محمد خاتمي بصوته وسط حشود مؤيديه. وتولى خاتمي منصب الرئاسة بين عامي 1997 و2005 ويعد زعيم المعسكر الإصلاحي وحرم بعض الشيء من حرية التعبير والتحرك وكان قد أعرب عن دعمه لروحاني. وكان المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي من بين الأوائل الذين أدلوا بأصواتهم، ودعا مواطنيه إلى التصويت “بكثافة وفي أبكر وقت ممكن”.
 
ومن بين الناخبين الذين أدلوا بصوتهم، هادي، وهو نجار يبلغ من العمر 28 عاما، والذي قال إنه صوت لروحاني مع أن حياته “لم تشهد أي تغيير ملفت” في عهده ولكنه يؤيد سياسته من أجل “إقامة علاقات مع سائر دول العالم”. وفي المقابل، اختار محسن، البالغ من العمر 32 عاما والذي يعمل في المجال الثقافي، رئيسي “لأن بلدنا محاطة بالأعداء. إذا لم نعزز قدراتنا الوطنية، سنتأثر” سلبا. وتنظم هذه الانتخابات بعد يومين على قرار واشنطن تمديد تخفيف العقوبات على إيران بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين طهران والقوى العالمية الست، بينها الولايات المتحدة. وكرس روحاني الذي انتخب عام 2013 القسم الأكبر من ولايته التي امتدت أربع سنوات في التفاوض على الاتفاق النووي الذي سمح بانفتاح بلاده سياسيا واقتصاديا. ولكن انعدام الثقة بين طهران وواشنطن اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية عقب الثورة الإسلامية عام 1979، لا يزال سائدا.وتصاعد التوتر بين البلدين أكثر مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، إذ زادت إدارته من حدة تصريحاتها ضد طهران وكثفت العقوبات غير النووية عليها منذ كانون الثاني/يناير. ويشارك ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع في قمة مع قادة العالم الإسلامي في السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي لطهران.
 
ورغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده، يطمح روحاني إلى مواصلة الانفتاح على العالم بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، في حين يسعى رئيسي إلى الدفاع عن الطبقات الأكثر حرمانا. ويصب الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي بلغ 40% عام 2013 وبات نحو 9,5% حاليا في صالح روحاني أيضا. ولا يشكك رئيسي بالاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد الأعلى، لكنه ينتقد نتائج هذه التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقرا والتي اجتذبت استثمارات ضئيلة مقارنة بما كان متوقعا. وخلال التجمع الأخير الذي نظمه الأربعاء في مشهد (شرق) قال رئيسي “بدلا من استخدام قدرات شبابنا، إنهم (روحاني وحكومته) يضعون اقتصادنا في أيدي الأجانب”.
 
 وسلط رئيسي الضوء على نسب البطالة المرتفعة التي تطال 12,5% من السكان و27% من الشباب، متهما حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح “الأوليغارشية الأكثر ثراء” في البلاد التي لا تمثل سوى أربعة بالمئة من السكان، على حد قوله.  وإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، دعي الناخبون الـ56,4 مليونا إلى التصويت كذلك في الانتخابات البلدية، والتي يتمثل تحديها الأهم في المدن الكبرى مثل طهران ومشهد (شرق) وأصفهان (وسط)، في معرفة ما إذا كان المعتدلون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين.
 
هذا وقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدر إيراني قوله إن المرشح الرئاسي حسن روحاني يتقدم بحصوله على 21.6 مليون صوت مقابل 14 مليونا للمرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي بعد فرز 37 مليون صوت من أصل 40 مليونا أدلوا بأصواتهم. وكان فرز الأصوات بدأ، السبت، بعد إقبال كبير على التصويت في الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي شهدت منافسة حامية بشكل غير متوقع بين الرئيس الحالي حسن روحاني الذي يريد تطبيع العلاقات مع الغرب والقاضي المحافظ إبراهيم رئيسي الذي يقول إن روحاني تجاوز حدوده وباع قيم الثورة الإسلامية إلى أعداء إيران.
 
وقالت وزارة الداخلية إن ما يربو على 40 مليونا أدلوا بأصواتهم مما يشير إلى أن نسبه الإقبال تصل إلى نحو 70 بالمئة وهي نسبة مماثلة تقريبا لانتخابات 2013 التي حقق فيها روحاني فوزا ساحقا.  وذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أن السلطات مددت التصويت الجمعة لمدة خمس ساعات على الأقل حتى الساعة 11 مساء بالتوقيت المحلي (18:30 بتوقيت جرينتش) نظرا لوجود كثير من الناخبين في صفوف طويلة أمام مراكز الاقتراع.  وقالت مواقع إخبارية إلكترونية موالية للإصلاحيين إن روحاني هو الفائز. ولم تقدم هذه المواقع أي دلائل لكن الإقبال الكبير قد يكون في صالح روحاني الذي قال مؤيدوه مرارا إن أكبر مخاوفهم هي عزوف الناخبين ذوي الميول الإصلاحية عن التصويت بسبب إحباطهم من بطء وتيرة التغيير.
 
 ويواجه روحاني (68 عاما)، الذي اكتسح الانتخابات قبل أربعة أعوام بعد أن وعد بانفتاح إيران على العالم ومنح مواطنيها مزيدا من الحريات في الداخل، تحديا قويا بشكل غير متوقع من رئيسي أحد تلاميذ الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.  وبعد أن أدلى بصوته قال روحاني، الذي أبرم اتفاقا مع القوى العالمية قبل عامين للحد من أنشطة إيران النووية مقابل رفع معظم العقوبات الاقتصادية، إن الانتخابات مهمة “لدور إيران في المنطقة والعالم في المستقبل”.
 
وألقى رئيسي (56 عاما) مسؤولية سوء إدارة الاقتصاد على روحاني وسافر إلى المناطق الفقيرة حيث نظم تجمعات انتخابية ووعد بتوفير المزيد من مزايا الرعاية الاجتماعية والوظائف. ويعتقد أنه يحظى بدعم الحرس الثوري وتأييد ضمني من خامنئي الذي تفوق سلطاته الرئيس المنتخب لكنه عادة ما يفضل البقاء بعيدا عن المشهد السياسي بتفاصيله اليومية.
 
ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن رئيسي قوله بعد أن أدلى بصوته “احترم نتيجة تصويت الشعب وستلقى النتيجة احتراما مني ومن كل الناس”. لكن رئيسي ظهر في وقت لاحق في وزارة الداخلية في طهران واشتكى من نقص أوراق الاقتراع في العديد من مراكز التصويت وفقا لما نقلته وكالة أنباء فارس التي أضافت أن السلطات أرسلت أوراق اقتراع إضافية بعد ذلك.
 
وفي الانتخابات الأخيرة حصل روحاني على ثلاثة أمثال الأصوات التي حصل عليها أقرب منافسيه. لكن المنافسة أشد احتداما هذه المرة لأن المرشحين المحافظين الآخرين انسحبوا وألقوا بثقلهم خلف رئيسي. ويأمل الحرس الثوري والمحافظون في أن يتيح فوز رئيسي فرصة لهم لاستعادة السيطرة على السلطة الاقتصادية والسياسية التي يرون أنها قوضت بسبب رفع العقوبات والانفتاح على الاستثمار الخارجي. وخلال أسابيع من الحملات الانتخابية تبادل رئيسي وروحاني الاتهامات بالفساد والوحشية على شاشات التلفزيون بحدة لم تر الجماهير مثلها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وينفي كل منهما هذه الاتهامات. وفي تحذير نادر يسلط الضوء على التوترات السياسية المتصاعدة حث روحاني الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة له على عدم التدخل في الانتخابات. وكانت الشكوك في أن أفراد الحرس الثوري وميليشيا الباسيج زوروا نتائج الانتخابات لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009 قد تسببت في احتجاجات دامت ثمانية أشهر في جميع أنحاء البلاد وواجهت قمعا عنيفا. تمثل الانتخابات لعموم الإيرانيين اختيارا صعبا بين رؤى متنافسة.
 
 فقد حمل روحاني راية معسكر الإصلاح في الأسابيع الأخيرة بخطابات نارية تهاجم سجل حقوق الإنسان لمعارضيه. وكان روحاني يعرف من قبل بموقفه المعتدل المنتمي للمؤسسة القائمة أكثر من كونه إصلاحيا متحمسا. وقالت زيبا غوميشي في طهران “صوتت لروحاني لمنع رئيسي من الفوز.
 
 لا أريد أن يكون رئيس البلاد محافظا… انتظرت خمس ساعات في الصف لأدلي بصوتي”. ولا يزال الكثير من الناخبين المؤيدين للإصلاح أنصارا لروحاني وإن كان بشكل فاتر في ظل خيبة أملهم من الوتيرة البطيئة للتغيير خلال فترة ولايته الأولى. لكنهم يحرصون على عدم وصول رئيسي للسلطة ويعتبرونه ممثلا للدولة الأمنية في أشرس حالاتها فخلال الثمانينيات كان رئيسي واحدا من أربعة قضاة حكموا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام.
 
أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني اعتزامه الالتزام باتفاقية “أهداف التنمية المستدامة للعام 2030” التي طرحتها منظمة “اليونيسكو” والتي كان قد انتقدها المرشد الأعلى علي خامنئي. ولفت روحاني خلال كلمة ألقاها  في ملتقى سبابي بطهران إلى أن “اتفاقية “اليونيسكو 2010″ سيتم العمل بها في إطار القوانين الإيرانية، مشيرا إلى وجود أطراف تفسر للشعب الموضوع بطريقة خاطئة وجاهلة. وقال روحاني خلال هذا الملتقى الذي يأتي في إطار حملته  للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 19 مايو/أيار:” أضمن من هنا للمرشد والشعب الإيراني، أن الحكومة ستلتزم بالاتفاقية في إطار القوانين الإيرانية”، مشددا على ضرورة أن تعمل جميع الأطراف لتطوير البلاد لا لخداع الشعب الإيراني. وكان المرشد الأعلى علي خامنئي  انتقد الأسبوع الماضي حكومة الرئيس روحاني بسبب توقيعها ودعمها لاتفاقية أهداف التنمية المستدامة للعام 2030 التي طرحتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو”، مضيفا “لن نلتزم باتفاقيات المؤسسات الخاضعة لتأثير القوى الإمبريالية”.
 
 تخضع وسائل الإعلام في إيران للتحكم من طرف السلطة أو للمراقبة الصارمة. لكن قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في هذا الأسبوع ظهرت على الأقل فضاءات صغيرة، تحتل فيها المواقع الاجتماعية مكانة بارزة. وتُسجل قبل الانتخابات الرئاسية في إيران أجواء مفعمة في المواقع الاجتماعية. ففي الـ 19 من مايو ينتخب الإيرانيون رئيسا جديدا لهم. وكما هو الحال في الغالب عشية الانتخابات تعيش البلاد ربيعا قصيرا في حرية التعبير عن الرأي، وخاصة في المواقع الاجتماعية، حيث يعبر القراء عن مواقفهم الانتقادية فيوجهون أسئلة ونداءات لمرشحي الرئاسة.
 
 على الجانب الآخر يستخدم السياسيون أيضا المواقع الاجتماعية لتعبئة الناخبين والأنصار. ففي مطلع مايو حث الزعيم الروحي آية الله خامنئي مرة أخرى جميع الإيرانيين على الإدلاء بأصواتهم. واعتبر خامنئي أن المشاركة القوية في انتخابات الـ 19 من مايو ستشكل تأكيدا للنظام السياسي في إيران.  بالنسبة لناشطي الشبكة فإن الفترة ما قبل الانتخابات تشكل فرصة جيدة للكشف عن الأوضاع السيئة في البلاد والإعلان عن أهداف بعيدة المدى. “نشهد رغبة عامة في صناعة الموقف سياسي. وهذا تطور قوي يظهر في المواقع الاجتماعية”، كما يقول أحد الصحفيين الإيرانيين المتابع لأنشطة مستخدمي الانترنيت الإيرانيين. وتفيد إحصائيات رسمية أن أكثر من نصف عدد سكان إيران البالغ عددهم  80 مليون يتوفرون على الإنترنيت.
 
 “جزء كبير منهم لا يرغب إلا في التسلية. وهم غير مهتمين بنقاشات جدية في موضوعات سياسية. لكن الشيء الذي يدعو للأمل هو الاهتمام المتزايد لجزء من المستخدمين، الذين يريدون الوصول إلى شيء ما عبر المشاركة في الحملات الشبكية. ويتعلق الأمر هنا غالبا بموضوعات اجتماعية مثل مواضيع العنف ضد المرأة والأطفال”. لا تحصل مثل هذه الحملات في المواقع الاجتماعية على دعم كبير فقط ، بل إنها تتحول إلى موضوعات في الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة.
 
وتلاحظ الخبيرة فيكتوريا تهماسبي بيرغاني: “نحن نشهد فجأة مرشحي الرئاسة كملمين  بحقوق المرأة والمواطنين. ويتحدثون بشكل انتقادي وكأنهم ينتمون للمعارضة”. وتضيف الباحثة في جامعة تورنتو أن جميع مرشحي الرئاسة ينتمون للنظام السياسي القائم الذي يقمع الناشطين في مجال حقوق المرأة. في الحقيقة يبقى ولوج المواقع الإجتماعية مثل فيسبوك أو تويتر مغلقا في إيران. إلا أن الإيرانيين يتفادون هذه الرقابة من خلال استخدام تطبيقات أخرى. وتُعتبر إيران بلدا فتيا حيث إن متوسط العمر بمستوى 30 سنة. 80 في المائة من مجموع السكان يعرفون القراءة والكتابة، حيث يتم التركيزعلى التعليم، إلا أنه لا يوجد هناك تعليم سياسي في المدارس وفي الجامعات. كما إن وسائل الإعلام حكومية وتخضع لرقابة صارمة.
 
  “تقع التلفزة والإذاعة الحكومية في يد الدوائر المحافظة في إيران، وبالتالي فان التغطية الإعلامية تكون منحازة ولصالح التوجه السياسي للمحافظين”، كما يلاحظ صادق زباكلام. ويضيف خبير الشؤون السياسية من جامعة طهران:”وبذلك فإن التلفزة والإذاعة الحكومية غير محبوبتين لدى الشباب الإيرانيين. ومن يريد الوصول إلى هؤلاء الشباب يجب عليه أن يتكلم لغتهم. فهم فضوليون وشغوفون بالمواقع الاجتماعية وبتبادل المعارف مع العالم الخارجي”.
 
 تحت قيادة حكومة روحاني ـ لاسيما بعد الاتفاقية حول البرنامج النووي الإيراني ـ بدأت البلاد تنفتح باستمرار. وتعمل هذا الانفتاح والتبادل المتزايد مع العالم الخارجي على تقوية المجتمع المدني والوعي بأهمية الشبكة. “الجهة المستفيدة هي بعض المجالات القليلة التي لا تصطدم بقيم الجمهورية الإسلامية”، كما يقول أحد الصحفيين، ولكن “عندما يتعلق الأمر مثلا بالمساواة أو بالحقوق ـ مثل رفض عقوبة الإعدام – يتم تصنيف تلكالأنشطة في المواقع الاجتماعية سريعا كجرائم”. “مركز مراقبة ومكافحة جريمة الإنترنيت المنظمة” هي الجهة التي تحدد جرائم الإنترنيت. ويخضع هذا المركز لحرس الثورة المحافظ وهو مخول بمراقبة شبكة الإنترنيت.
 
وقد وقف هذا المركز مثلا في الـ9 من مارس الماضي خلف اعتقال الصحفية حنغامي شهيدي التي كانت قد نشرت من قبل رسالة مفتوحة عبر المواقع الاجتماعية حذرت فيها من قمع ممنهج لأصحاب الرأي ونشطاء الشبكة عشية الانتخابات الرئاسية. ومنذ نهاية مارس تخوض شهيدي إضرابا عن الطعام. ويقول صحفي إيراني:”الدولة تعرف قوة المواقع الاجتماعية ابتداءا من القائد الروحي حتى مرشحي الرئاسة، كلهم ينشطون في الشبكة، إنهم يستخدمون هذه الوسائل لمآربهم السياسية ويرفضون أن يحصل جميع المواطنين على الإنترنيت، ولكنهم خسروا معركة احتكار المعلومات”.
 
وقال الرئيس روحاني في اول حديث مباشر له مع ابناء الشعب عقب فوزه في الانتخابات، بث عبر التلفزة الايرانية مساء اليوم السبت قال، اني اتقدم بخالص التحية الى الشعب الايراني الكبير الذي قطع شوطا كبيرا للنهوض بمستوى البلاد والمصالح الوطنية من خلال مشاركته الواسعة والفاعلة في الانتخابات التي اجريت يوم التاسع عشر من ايار / مايو الحالي.
 
 وقال روحاني ان مشاركة اكثر من 41 مليون ناخب في الانتخابات انقذت تاريخ البلاد من الركود والشكوك ووضعت ايران في مسار التنمية والازدهار. واضاف روحاني ان الشعب رد بـ ‘لا’ امس الجمعة بوجه كل من كان يتهم الحكومة بالتخلف او الركود في ظل الظروف الراهنة، واستطاع ان يمضي قدما نحو التقدم. وشدد روحاني ان الحضور التاريخي الذي جسده الشعب الايراني عند صناديق الاقتراع بغض النظر عن الشخص الذي صوت له في هذه المنافسة التاريخية الفريدة، كان مذهلا.
 
 وتابع بالقول: اني اشعر بثقل المسؤولية على عاتقي لهذه الثقة التي منحتموها اياي من جديد؛ معربا عن امله بان يكون ممثلا جيدا لمطالب الشعب.  وقال روحاني ان الشعب الايراني اثبت من خلال هذا التصويت بانه شعب متماسك، ورغم تنوع الاتجاهات السياسية لا يمكن لاحد ان يبث فيه الخلافات القومية والمذهبية وغيرها من الخلافات الواهية. واستطرد قائلا ان الشعب الايراني اثبت من خلال تصويته الموحد في الانتخابات بأنه يرغب في ان يكون شعبا واحدا يحظى بحكومة موحدة ورئيس جمهورية يشمل الجميع وان يكون بطبيعة الحال خادما للشعب. هذا واعرب روحاني عن تقديره لكافة الشباب والفتيات والفتية والرجال والنساء بمختلف قومياتهم الفارسية والكردية والتركية واللورية والعربية والبلوتشية والكيلكية والمازنية والسيستانية من ابناء ايران المشرقة.
 
وقال روحاني: تحية للمعلمين الغيورين الذين ثاروا على الإتهامات السوداء وتحية إلي الطلاب والفنانين ورجال الإعلام والرياضيين والمبدعين والمزارعين والصناعيين والعمال والموظفين الذين خلقوا ملحمة كبيرة استقبلوا بها الحكومة الثانية عشرة.  وأضاف: تحية إلى القائد الحكيم الذي أوصل أمواج الإنتخابات المضطربة إلى الضفاف الهادئة مما جعل الحماسة في هذه الإنتخابات تنتهي إلى العزة والرفعة للشعب الإيراني. وقال روحاني: إن الشعب الإيراني الكبير هو الفائز الحقيقي في هذه الإنتخابات وإن الفائز هو الجمهورية والإسلامية والحرية والإستقلال الذي حققته البلاد. وتابع: إن الفائز في الإنتخابات السيادة الوطنية والسلام والتعايش البعيد عن التوتر والعنف والفائز هو الوحدة والإنسجام الوطني البعيد عن التفرقة والضياع. وأعرب عن تقديره لقائد الثورة الإسلامية والمراجع العظام وأساتذة الحوزة العلمية والفنانين والثقافيين والقانونيين والرياضيين وكل فئات الشعب. وقال روحاني: الوقت مناسب أن أخلد ذكرى رجل الإعتدال والإعمار المرحوم آية الله هاشمي رفسنجاني والذي نفتقده هذه اللحظات في صباح الإنتصار الكبير وكذلك لابد أن أذكر أخي العزيز السيد محمد خاتمي وأسرة الإمام الراحل وحفيده السيد حسن الخميني وكذلك علي أكبر ناطق نوري وأخي اسحاق جهانغيري وجميع أسر الشهداء وخاصة أسرة الشهيد مطهري وبهشتي وجميع النشطاء السياسيين وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وخاصة رئيس المجلس وجميع الأحزاب واللجان وخاصة العاملين في شبكات الإنترنت. وقال روحاني إنني أقبل جميع الأيادي التي صوتت لي أنا الخادم الصغير وحملوني مسؤولية مواصلة المسيرة سائلاً الله العلي القدير أن يمنحني القدرة على أداء المسؤولية وتقديم الخدمة الصادقة حتى لأولئك الذين لم يصوتوا لي وأن أكون حارساً لحقوق وكرامة ورفعة جميع فئات الشعب الإيراني.
حسن روحاني
واضاف روحاني ان الانتخابات كانت بمثابة ساحة لاتخاذ القرار وسبيل للحل السلمي لاختلاف وجهات النظر السياسية والاجتماعية والثقافية وعلى اساس راي الشعب؛ نافيا ان تكون بداية لتوسيع هوّة الخلافات واستمرارها او تعميقها. واكد الرئيس الايراني المعاد انتخابه، ان الشعب الايراني استطاع من خلال هذه الانتخابات ان يحدد مصيره؛ داعيا الى الاحترام لهذه الرغبة والقرار الجماهيري. وتابع قائلا: اني اليوم وبعد نهاية الانتخابات اصبحت رئيسا للجمهورية لكافة ابناء الشعب وعليه فإني بحاجة الى مساعدة جميع افراد الشعب الايراني بمن فيهم المعارضون لي ولنهجي السياسي. واكد روحاني انه سيحترم اراء مخالفيه وفقا لمبادئ الديمقراطية القائمة على الشريعة الاسلامية السمحاء وعلى اساس القانون. وقال ان ايران اليوم باتت اكثر تألقا من اي وقت مضى وهي مستعدة في اطار الاحترام المتبادل والمصالح الوطنية لتطوير علاقاتها مع العالم.
 
واردف قائلا، ان العالم باسره تلقى اليوم رسالة من الشعب الايراني الذي اختار نهجه بعيدا عن العنف والتطرف للتعامل مع الجميع. واكد الرئيس الايراني الجديد، ان الشعب يرغب في العيش بسلام ومودة مع العالم لكنه في الوقت نفسه لا يرضى بالذل والتهديد؛ مبينا ان ذلك يشكل اهم رسالة يتوقع شعبنا العظيم ان تصل جيدا الى مسامع الحكومات ودول الجوار وخاصة القوى العالمية الكبرى. واوضح الرئيس الايراني الجديد ان الانتخابات في ايران اعلنت للجيران والمنطقة ان تعزيز الامن في المنطقة يتحقق من خلال دعم الديمقراطية واحترام اراء الشعب وليس الاتكال على القوى الاجنبية. وتابع مخاطبا الشعب: ايها الشعب الايراني الابي! نحن نفخر بقواتنا المسلحة بما فيها الجيش والحرس وقوات التعبئة والامن الداخلي والشرطة ونرى في مواصلة قدراتها ضمانا للسلام والاستقرار في المنطقة وتامين الامن والرخاء للشعب. وفي ختام حديثه المباشر عقب فوزه في الانتخابات، طمأن روحاني بانه سيكون ملتزما بكافة الشعارات والخطط التي اعلن عنها للشعب الايراني؛ معربا عن تقديره لجهود كافة المسؤولين المعنيين في اجراء الانتخابات وخاصة اعضاء مجلس صيانة الدستور ووزارة الداخلية والمحافظين والجهات التنفيذية والقوات المسلحة والامنية ووسائل الاعلام؛ داعيا الى بذل الجهود لصيانة اراء الشعب.
 
وقعت إيران اتفاقا بقيمة 615 مليون دولار (550 مليون يورو) مع اتحاد شركات إسباني- إيراني يقدم بموجبه أنابيب تستخدم في صناعة النفط الإيرانية، في أول  اتفاق كبير منذ إعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني الأسبوع الماضي لتولي فترة رئاسة ثانية. ويتضمن الاتفاق وفقا لوكالة “أسوشييتدبرس” أن يقوم اتحاد الشركات والذي يشمل شركة توباتسيك الإسبانية وشركة فولاد أصفهان الإيرانية، بإنتاج أنابيب مصنوعة من سبائك مقاومة للتآكل لشبكة من 600 كيلومتر على مدار 3 سنوات. وقال بيان الأربعاء إن الأنابيب من نوع “سي أر أي” ستنتج باستخدام تكنولوجيا شركة الصلب اليابانية جيه إف إي، وسيدرب الإيرانيون على طريقة استخدامها بالتدريج. وحضر مراسم توقيع الاتفاقية وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” وزير  النفط الايراني “بيجن نامدار زنغنة”، والمدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية إلى جانب سفير إسبانيا لدى إيران ومسؤولي شركة “توباتسيك” الإسبانية. وقال المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية غلام رضا  منوجهري إن توقيع هذه الاتفاقية سيجعل من إيران البلد المصنع الوحيد لأنابيب (سي أر أي) النفطية في منطقة الشرق الأوسط. من جهة أخرى قال مسؤول كبير بشركة(أو.إم.في) النمساوية للنفط والغاز اليوم الأربعاء إن شركة النفط الوطنية الإيرانية ما زالت تدين لشركته بمبلغ قدره 148 مليون دولار.
مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
قالت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، السبت، إن فوز حسن روحاني بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يُعد “هزيمة نكراء” للمرشد الأعلى، علي خامنئي، ويعد مؤشراً لـ”نهاية نظام ولاية الفقيه.” وأضافت رجوي في بيان اطلعت عليه CNN بالعربية: “لن تُثمر الولاية الثانية لرئاسة روحاني سوى بتفاقم الأزمات وتصعيد الصراع على السلطة. تفجرت الأزمات في قمة الفاشية الدينية وستستمر حتى سقوط نظام ولاية الفقيه.” وتابعت رجوي: “فشل خامنئي لهندسة الانتخابات وإخراج الملا (إبراهيم) رئيسي من الصناديق ومن ثم توحيد نظام ولاية الفقيه، يعد فشلاً ذريعاً جداً ويعتبر من المؤشرات لنهاية نظام ولاية الفقيه.
 
واستطردت في البيان: “لم يقدم روحاني خلال السنوات الأربع الماضية للشعب سوى مزيد من القمع والإعدام والفقر وعدم المساواة، كما أن مدخول النظام من الاتفاق النووي أيضاً تم استخدامه للحروب في المنطقة وتصاعد الميزانية العسكرية والأمنية”. ورأت أن روحاني لن يقوم بتغيير يذكر، سواء فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، أو حرية الأحزاب والإفراج عن السجناء السياسيين أو دفع النظام بالانسحاب من سوريا والعراق واليمن ولبنان وأفغانستان. وفاز روحاني بفترة ولاية ثانية بعد تفوقه على منافسه الأبرز، إبراهيم رئيسي، وفقاً لوزارة الداخلية التي أكدت إحرازه لـ57 في المائة من عدد الأصوات. وقال خامنئي في بيان بعد إعلان النتائج، إن “الاحتفال الملحمي يوم الانتخابات جسّد مرة أخرى عزم وإرادة الشعب للعالم،” معتبراً أن النظام والشعب هما الفائزان، ودعا الشعب الإيراني للالتزام بـ”خط الثورة الإسلامية الذي يعتبر الإرث القيم للإمام الخميني،” حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.
هاشم صفي الدين -حزب الله اللبناني
تحدّى رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله اللبناني، هاشم صفي الدين، الإدارة الأمريكية ووصفها بـ”المجنونة”، مؤكداً انها لن تتمكن من هزيمة حزبه بعد إدراجه على”قائمة مشتركة للارهاب”.  وقال صفي الدين، اليوم الأحد في أول تعليق على إدراجه على “قائمة مشتركة للارهاب”، من قبل واشنطن والرياض، خلال مشاركته في احتفال في جنوب لبنان، إن “الإدارة الأمريكية حينما كانت على حالها وأوضاعها، لم تتمكن من النيل من المقاومة، وبالتالي فإن هذه الإدارة الأمريكية المعاقة والمجنونة بقيادة ترامب، لن تتمكن من المقاومة، ولن يحصلوا على شيء” وفق تصريحاته التي نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية .
 
واضاف “ما سيحصلون عليه هو مزيد من الصراخ الإعلامي، وسينتهي كل ما فعلوه” معتبراً أن الولايات المتحدة “باتت أضعف بكثير مما كانت عليه في السنوات والعقود الماضية”. ويأتي موقف صفي الدين، بعد إعلان واشنطن والرياض الجمعة، إدراجه على أول “قائمة سوداء مشتركة للارهاب” بين البلدين، وذلك قبل ساعات من وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، في أول زيارة خارجية له تنتهي الاثنين.  وأعلنت الخارجية الأمريكية الجمعة أن هذه الخطوة “هي مثال آخر على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والسعودية في مكافحة تمويل الارهاب”.  وأوضحت وكالة الانباء السعودية(واس)، أن المملكة اتخذت هذا الاجراء “على خلفية مسؤولية صفي الدين عن عمليات لصالح ما يسمى حزب الله اللبناني (…) وتقديمه استشارات حول تنفيذ عمليات إرهابية ودعمه لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد”. 
 
ويعد صفي الدين، المولود عام 1964،الرجل الثاني في الحزب بعد أمينه العام، وهو من المقربين من إيران. وقريب للأمين العام السيد حسن نصرالله، ويشغل منصب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، أي الجهاز الذي يشرف على الشؤون السياسية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية للحزب. وتصنف الولايات المتحدة حزب الله الشيعي المدعوم بشكل رئيسي من إيران، الخصم اللدود لإسرائيل، “منظمة ارهابية”. ويشارك حزب الله، وهو من أبرز حلفاء دمشق، إلى جانب الجيش السوري في محاربة الفصائل المعارضة بشكل علني منذ العام 2013. وكانت السعودية الداعمة للمعارضة السورية أعلنت في اذار/مارس 2016، حزب الله “تنظيماً إرهابياً”، وسبق ان اتخذت إجراءات اقتصادية عقابية بحق مسؤولين في الحزب وأفراد وشركات قالت إنها على علاقة به. كما علقت الرياض العام الماضي برنامج مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، على خلفية ما اعتبرتها “مواقف عدائية” من جانب بيروت ناتجة عن “خضوع” لبنان لحزب الله. وتتهم السعودية حزب الله أيضاً بدعم الحوثيين الذين تقود تحالفاً عسكرياً ضدهم في اليمن.
 
باشرت اﻻدارة اﻻميركية تنفيذ رؤيتها الجديدة حيال الشرق اﻻوسط. فدونالد ترامب الذي تراجع عن معظم شعارات حملته اﻻنتخابية عقب دخوله البيت اﻻبيض يبدي تصميماً معاكساً لناحية تعامله مع العالم العربي. فقد استبق تحركه صوب الخليج العربي بسلسلة مواقف سبق أن أكد عليها في السباق المحتدم مع منافسته هيلاري كلينتون، وعناوينها العريضة القضاء على التطرف وتحقيق اﻻستقرار مقابل اقتسام أميركا الموارد الطبيعية مع الشعوب العربية. خارج المكاسب المالية الضخمة، والتي ستنعكس على عمق اﻻقتصاد اﻻميركي ونحو الداخل اﻻميركي، تبدو الرياض محطة سياسية إستراتيجية ومنطلقاً أقرب من كونها زيارة للرئيس اﻻميركي ترامب ضمن إطار جولته الخارجية اﻻولى، في القمة الرئاسية الزاخرة لترامب في الخليج العربي، التي تأتي في سياق فرض ستار من العزلة على إيران ضمن خطة تقويض نفوذها قبل اﻻنتقال الى تل ابيب، ومن ثم الى الفاتيكان كتتويج لسياسة أميركية جديدة على الساحة الدولية.
 
وفي سياق قراءة مقاربات واشنطن في ظل عهد ترامب في العالم العربي، يعمد ديبلوماسي غربي في بيروت تعداد مفاصل أساسية من المنتظر أن تظهر تباعا لتشكل إكتمال “الفيلم اﻻميركي الجديد” في المنطقة، والدور المستقبلي للأكراد، كما اﻻزمة الفلسطينية والمفاوضات المعلقة وانعكاساتها على اﻻردن وصولاً حتى الحرب السورية وتداعياتها الخطيرة على السلم الدولي، تشكل أضلاع المثلث اﻻهتمام اﻻميركي. ووفق الديبلوماسي نفسه، فقد أرسلت واشنطن رسائل ميدانية ملفتة تتصل باﻻزمة السورية، أبرزها قصف مطار الشعيرات وفتح مطار رياق أمام شحنات اﻻسلحة اﻻميركية للجيش اللبناني، ومؤخرا إستهداف قافلة عسكرية على مقربة من الحدود السورية مع العراق، حيث تبدو الخلاصات اﻻولية بأن الخارجية اﻻميركية تعمد لتحضير اﻻجواء لطاولة مفاوضات شاملة في الشرق اﻻوسط تضم اﻻطراف المعنية.
 
هذه الرسائل اﻻميركية المباشرة لم تأتِ على حساب الدور الروسي الفاعل والمؤثر بل تكرس التناغم الكامل بين القطبين الدوليين اﻻميركي والروسي، ما يعطي طاولة المفاوضات المنوي انعقادها للشرق اﻻوسط عناصر قوة، ما قد يؤدي الى مشهد للشرق اﻻوسط مختلف عن كامل الحقبة السابقة عبر استبدال النفوذ الفرنسي – اﻻنكليزي القديم بدور مباشر لروسيا اﻻتحادية الى جانب اندفاع أميركا الجديدة إلى الساحة الدولية.  من الطبيعي اعتبار لبنان في قلب المثلث اﻻميركي، مع إحتمال كبير للذهاب باﻻشتباك المباشر مع إيران، ولو بالواسطة سواء في سوريا أو في العمق اللبناني، عنوانه العريض محاصرة “حزب الله” وتكثيف الضغوط على قيادته ﻻجل إجباره على سحب قواته من سوريا ووضعه بمواجهة مشاكل وعراقيل في لبنان بفعل تعقيدات الواقع السياسي اللبناني.
 
هاجمت مقاتلاتٌ أميركية قافلةً عسكرية لمُسلَّحين مدعومين من إيران جنوب شرقي سوريا في أول اشتباكٍ بين الجيش الأميركي وقواتٍ موالية لطهران منذ عودة الجيش الأميركي إلى المنطقة قبل ثلاث سنواتٍ تقريباً. وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الجمعة 19 مايو/أيار 2017 أن الضربة الجوية التي استهدفت القافلة التي كانت متجهة إلى موقع عسكري قرب الحدود الأردنية يوم الخميس الفائت “كانت ضرورية بسبب تحرك طابعه هجومي بقدرات هجومية لما نعتقد أنها قوات تقودها إيران”، مضيفاً أنه غير متأكد من وجود قوات إيرانية على الأرض، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز. وأكّد التحالف في بيان أنّ الضربة وقعت “داخل” منطقة أقيمت شمال غرب موقع التنف العسكري حيث تتولى قوات خاصة بريطانية وأميركية تدريب قوات محلية تقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وتقديم المشورة إليها. وكانت الميليشيات، التي تتألف بشكلٍ رئيسي من مقاتلين عراقيين شيعة، تتقدم نحو القاعدة طوال الأسبوع، حسبما جاء في تقريرٍ لصحيفة الغارديان البريطانية، الجمعة 19 مايو/أيار 2017.
 
وتشير الصحيفة إلى أن الاشتباك يُؤكد حالة التعقيد التي تلف ساحات القتال المتغيرة بسرعةٍ في سوريا والعراق، مضيفةً أن قوات من المعارضة السورية (بالقرب من منطقة التنف) لا تزال تتلقى دعماً من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA). وأنه جرت رعايتها من أجل محاربة “داعش”، لكنَّها وُضعت أيضاً كحصنٍ في وجه القوات المدعومة إيرانياً التي عبرت من العراق وكان لها دورٌ أساسي في المكاسب الأخيرة التي حققها نظام الأسد في سوريا. وقال مسؤولٌ بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) في واشنطن إنَّ “قافلةً كانت تسير على الطريق ولم تستجب لعديد الوسائل التي استُخدِمت لتحذيرها من عدم الاقتراب من قوات التحالف في بلدة التنف.
 
وأخيراً، نُفِّذَت ضربةٌ ضد جزءٍ كبير من تلك القافلة”. كما أشار وزير الدفاع الأميركي ماتيس إلى إن محاولات التحالف لوقف القافلة من التقدم نحو المركز العسكري اشتملت على اتصال بالقوات الروسية التي تعمل مع النظام، تلاه “استعراض للقوة” فوق الآليات، قبل توجيه طلقات تحذيرية. مضيفاً: “القافلة على ما يبدو دخلت تلك المنطقة خلافاً لنصيحة الروس. يبدو أن الروس حاولوا إقناعهم بالعدول عن ذلك”، وفقاً لما ذكرته رويترز.  وزعم نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف يوم الجمعة، 20 مايو/ أيار، أنَّ الضربة استهدفت مدنيين، وقال إنَّ ذلك ليس مقبولاً. فيما ذكر التلفزيون الرسمي في سوريا أنَّ مصادر عسكرية قالت إنَّ “الهجوم السافر” استهدف موقعاً لقوات النظام متحدثاً عن سقوط قتلى وخسائر مادية.
 
وذكرت “الجارديان” أن أحد قادة المعارضة في مدينة التنف قال إنَّ “عدة آلاف من رجال الميليشيات كانوا يحاولون طرد القوات المناهضة للأسد من الطريق السريع، من أجل التقدم غرباً نحو مدينة الميادين ودير الزور، وهما منطقتان حاسمتان في الطريق البري الذي تحاول إيران تطهيره (من المعارضة) وصولاً إلى دمشق”. وكانت صحيفة الغارديان ذكرت في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع أنَّ مسؤولين عراقيين وإيرانيين كبار غيَّروا مؤخراً مسار هذا الممر نحو 140 ميلاً (225.3 كم) إلى الجنوب من مساره الأصلي بسبب الحضور الأميركي القوي على طول المسار الأصلي، عبر منطقة الشمال الشرقي الكردية في سوريا.  وفى وقتٍ سابقٍ من يوم الخميس، 20 مايو/أيار، ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية، المرتبطة بالحرس الثوري، أنَّ 3 آلاف من أعضاء “حزب الله” انتقلوا إلى مدينة التنف للتصدي لما أسموه “مؤامرة أميركية”. وعلى الرغم من أنَّ القوات التي ترعاها واشنطن تظل محورية بالنسبة للحملة التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة “داعش” في شرق سوريا وغرب العراق، فإنَّ تلك القوات يصبح لها دورٌ محوري أيضاً في معالجة المخاوف الأميركية من أنَّ إيران تضع اللمسات الأخيرة على ممرٍ من شأنه أن يضمن نفوذها من طهران وحتى جنوب لبنان. ويُخطط القادة الأميركيون لنقل القوات شمالاً من الحدود الأردنية ومن جنوب منطقة الشمال الكردية إلى دير الزور، التي تُعَد إحدى المعاقل الأخيرة لـ”داعش” في سوريا.
 
إلّا أنَّ إيران تنظر إلى تلك المعركة المزمعة باعتبارها تهديداً. وقال مسؤولٌ عسكري أوروبي رفيع المستوى -بحسب الغارديان- إنَّ “الأمر لم يبدأ بسبب إيران، ولا يزال غير متعلقٍ بها بالكامل. لكنَّه آخذٌ في التحوُّل ليصبح كذلك”. وعشية زيارة ترامب إلى الرياض، حيث تعهَّد بإعادة ضبط العلاقات مع المملكة العربية السعودية، اتخذ الرئيس الأميركي موقفاً متشدداً ضد إيران ونظام الأسد الذي تدعمه طهران. وكانت الرياض تسعى إلى عملية إعادة ضبطٍ للعلاقات الثنائية، تعود بموجبها الولايات المتحدة عن التوجه الذي انتهجته إدارة أوباما نحو إيران، لصالح تجديد العلاقات التي كانت قد توتَّرت بشدة بين واشنطن والرياض خلال الولاية الثانية للرئيس الأميركي السابق أوباما.
 
وفور إقلاع الطائرة الرئاسية الأمريكية “أير فورس وان” إلى بلاد الحرمين، وجد الرئيس ترامب نفسه مرة أخرى في مواجهة تسريبات وإشاعات وتقارير وتحقيقات ومزاعم تتناول صلات مفترضة له بروسيا، ومحاولته التأثير على القضاء وتحقيقاته في الولايات المتحدة، من خلال أمره رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي، بوقف التحقيقات بشأن تورط مساعده السابق للأمن القومي مايكل فلين بعلاقات متشابكة الخطوط مع موسكو وسفيرها في واشنطن.
 
وربما يكون أكثر ما يقلق ترامب في جولته الخارجية الأولى، هو إعلان رئيس لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عن قبول رئيس الـFBI المقال الإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ أواخر الشهر الجاري، وتقديم تقييمه الشخصي لمدى تأثير التدخل الروسي على الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة وفوز ترامب فيها، إذ الأخير يعرف أن كومي الذي أقاله يملك الكثير من الأسرار والألغاز وما يجري في الكواليس، وأن شهادته قد تفجّر فضيحة غير متوقعة، لا سيما وأن الرجل أصبح مسكونا بهاجس الانتقام بعد الإقالة المهينة له بأسبابها وتوقيتها، وما تبعها من تسريبات تتحدث عن وصف الرئيس له بالمجنون. ويعتقد الخبراء والمتابعون، أن تداعيات قرار ترامب المتهور بإقالة كومي، ستتواصل وستتدحرج مثل كرة ثلج في منحدر جبلي، وإذا ما أضيف إليها مواقفه الصدامية مع الصحافة ووسائل الإعلام عامة، وميله إلى تجاهل الأعراف والسلوكيات التقليدية التي درج عليها أسلافه، فإن أركان رئاسته ستأخذ بالتزعزع يوما بعد آخر، وربما يصل الأمر بخصومه الدمقراطيين لطرح مبادرة لعزله إذا ما اعتقدوا أنهم قادرون على حشد التأييد الشعبي لها والأصوات الكافية في الكونغرس لتمريرها.
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز
لا الاستقبال الحميم والحار الذي لقيه ترامب في الرياض، ولا تقدم الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، شخصيا لملاقاته عند سلّم الطائرة، ولا القهوة العربية المرّة التي قدّمت له، ولا الجياد العربية المؤصلة التي أحاطت بموكبه وهو في طريقه إلى الديوان الملكي في قصر اليمامة، جعلته ينسى ما ينتظره في واشنطن، وما يحاك له من مصائد وكمائن وعثرات في البلاد التي وصل منها للتو، لذلك بدا انشراحه مهجوسا بما تخفي له الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، مع أنه يأمل بأن تساعده زيارته لقبلة المسلمين مع بقية برنامج قممه هناك على صرف الانظار عن الزلزال السياسي الذي أحدثه في واشنطن بإقالته مدير الاف بي آي والهزات الارتدادية التي ما زالت تتوالى فصولاً. حتى مرافقة زوجته ميلانيا وابنته البكر ايفانكا وزوجها جاريد كوشنر وما لاقوه هناك من حفاوة وتكريم كرمى لعين الرئيس، لم ينس ترامب المتاعب التي تركها خلفه واحتمالات تضاعفها في غيابه المؤقت عن مكتبه البيضاوي الذي لم يتمتع بهناءة الجلوس مرتاح البال والفكر في أركانه وعلى مقاعده الوثيرة .
 
وإذا كان الحذر الشديد هو السمة التي حكمت العلاقة بين حكام دول الخليج العربية والرئيس الامريكي السابق باراك اوباما، فإن الملياردير الجمهوري الذي حشد له ومن أجله حكام عشرات الدول العربية والإسلامية للخطابة فيهم  في السعودية، يشكل ظاهرة تعكس الاختلاف في النهج بينه وبين سلفه ازاء ملفات المنطقة وما يأمل به حكامها منه وما يعولون به عليه. وخلافا لكل اسلافه الذين كانوا يتبعون تقليداً يقضي بأن تكون اول زيارة خارجية لهم الى الجارة الشمالية كندا، او الجنوبية المكسيك، فان ترامب لم يجد غضاضة في ان يستهل رحلته الاولى من المملكة النفطية. من شبه الأكيد أن ترامب سيستخدم دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد إلى “شراكة استراتيجية جديدة” بين الولايات المتحدة والدول الاسلامية التي سيشارك العشرات من قادتها في قمة تستضيفها الرياض الاحد، للرد على منتقديه ومنتظريه عند كل مفرق وهفوة في واشنطن. وبحسب فيليب غوردون الخبير في مجلس العلاقات الخارجية فإن ترامب “سيرسل رسالة اكثر حزماً بشأن ايران أمام الحكام العرب والمسلمين. ولن يلقي امامهم محاضرة عن الديموقراطية وحقوق الانسان وسيلقى التصفيق. لكن المسألة الاهم تبقى معرفة ما الذي سيطلبه منهم وما الذي يمكنه ان يأمل في الحصول عليه” لتحصين رئاسته ومقارعة خصومه . ويدعو البيت الابيض باستمرار دول الخليج العربية الى انخراط اكبر في مكافحة ما يحرص ترامب على تسميتهم “الارهابيين الاسلاميين المتشددين”.
 
وبحسب مستشار الامن القومي الامريكي الجنرال اتش. ار. ماكماستر فإن ترامب “سيشجع شركاءنا العرب والمسلمين على اخذ قرارات شجاعة لنشر السلام ومواجهة اولئك المنتمين، لتنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة، الذين يزرعون الفوضى والعنف ويتسببون بآلام في العالم الاسلامي وخارجه”. والاحد سيلقي ترامب امام قمة يشارك فيها حوالى 50 حاكما  لدول إسلامية  وعربية خطاباً يشدد فيه على “آماله” بـ”نظرة مسالمة” للإسلام تناقض ما عرف به الإسلام الجهادي الذي وصل بجهاده إلى نيويورك قبل أكثر من 10 أعوام. وكان سلفه اوباما القى قبل ثماني سنوات في جامعة القاهرة خطاباً دعا فيه الى “انطلاقة جديدة” بين الولايات المتحدة والمسلمين في العالم اجمع، “انطلاقة اساسها المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل”. ومن المتوقع أن تشكل زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية مناسبة للإعلان عن صفقات تسلح ضخمة، الامر الذي سيعطي في حال تحققه جرعة اوكسيجين مهمة للصناعة العسكرية الأمريكية، ويجعل خصوم ترامب في واشنطن يغرقون في غيضهم إلى حين. وبحسب الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية “سي آي ايه” بروس ريدل، الذي يعمل حالياً محللاً لدى معهد بروكينغز، فإن “علامة الاستفهام الأكبر التي يجب أن لا تغيب عن بالنا هي إذا وقّعت السعودية عقودا قيمتها الاجمالية 100 مليار دولار فكيف ستسدد هذه الفاتورة في ظل اسعار النفط الراهنة؟”.
 
وفي الواقع فإن الرياض حيث سيمكث ترامب يومين، قد تكون المحطة الأسهل للرئيس الأمريكي في هذه الجولة الحافلة بالمحطات والمواعيد واللقاءات الهامة. ويتحدث البيت الأبيض كما الرياض عن رحلة “تاريخية” يقوم بها ترامب، في إشارة إلى محطاته في السعودية والفاتيكان واسرائيل والاراضي الفلسطينية، والتي سيتواصل خلالها مع قادة الديانات التوحيدية الثلاث الرئيسية.  وإضافة الى هذه المحطات الثلاث، فإن جولة ترامب الأولى ستقوده أيضاً إلى كل من بروكسل وصقلية حيث سيشارك على التوالي في قمتي حلف شمال الاطلسي ومجموعة الدول الصناعية السبع، في لقاءين سيسعى خلالهما حلفاء الولايات المتحدة لانتزاع تعهدات واضحة من الرئيس الأمريكي الجديد. وبالإضافة الى توجهاته السياسية والدبلوماسية، فان سلوك الرئيس السبعيني الانفعالي سيكون في اول جولة له الى الخارج تحت المجهر،ولا سيما تلسكوبات خصومه في واشنطن، إذ ان كل كلمة سيتفوه بها وكل حركة سيقوم بها وكل تغريدة سينشرها ستلقى نصيبها من التمحيص والتحليل والانتقاد وربما …الاتهام.
 
قالت صحيفة “هآرتس” إن جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشرق الأوسط ربما تشمل أول رحلة طيران مباشرة من السعودية إلى إسرائيل. ولفتت الصحيفة الإسرائيلية في تقرير لها، الخميس، إلى أن المسؤولين السعوديين ليس لديهم علم بأي رحلات طيران بين الدولتين؛ ومع ذلك قال طيار إنه يعتقد بأن رحلة طيران بين السعودية وإسرائيل تمت سرًا. وأضافت: “سبب آخر من المحتمل أن يجعل زيارة ترامب للسعودية تاريخية وهو أنها ستشهد أول رحلة طيران مباشر إلى إسرائيل إنطلاقًا من السعودية”، مشيرة إلى أن جدول الزيارة الذي كشف عنه البيت الأبيض يفترض أنه سيشمل شيئًا غير عادي تمامًا وهو أنه سيتجه إلى إسرائيل – المحطته الثانية في زيارته – انطلاقًا من السعودية”. وذكرت الصحيفة أن السعودية وإسرائيل لديهما شراكة محدودة في مجال الاستخبارات في ضوء حرب الوكالة التي تدعمها إيران في المنطقة وتوافق موقف كلاهما العدائي منها، لكنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين ولا يوجد رحلات تجارية تربط بين مطار بن جوريون الإسرائيلي وأي من المطارات السعودية؛ إضافة إلى أنه السعودية لا تسمح للطائرات الإسرائيلية بدخول أراضيها أو حتى التحليق في أجوائها. ولفتت الصحيفة إلى أنها تواصلت مع مصادر حكومية إسرائيلية أنكرت وجود أي رحلات طيران مع السعودية، لكن الطيار الذي كشف عن اعتقاده بحدوث رحلة طيران سرية بين البلدين لم يذكر الحالات التي حدثت فيها. ونقلت الصحيفة عن إليوت أبرامز، مسؤول سابق في إدارتي الرئيسين السابقين جورج بوش ورونالد ريجان بأنه سيكون شيء جديد بالمشاهدة أن نرى طائرة الرئيس الأمريكي تقلع من السعودية ثم تهبط في الأردن لدقائق لتصبح نقطة انطلاقها إلى إسرائيل من الأردن وليس من السعودية.
 
وأضاف: “لكني أود أن هذا الأمر السخيف لا يحدث”، مشيرًا إلى أنه أمر لا يمكن تخيله بين دول وحكومات، وإن كان ممكنًا مع رجال الأعمال الذين يقومون بتلك الرحلة للتغلب على العقبات الدبلوماسية بدقائق تقضيها طائراتهم على رصيف مطار الملكة علياء في عمان. وتابع: “لكنه من غير المنتظر أن يحدث شيء كهذا مع ترامب وطائرة الرئاسة الأمريكية لما يمثله ذلك من صعوبات أمنية، إضافة إلى إنشغال جدول ترامب”، مشيرًا إلى أن ترامب تحدث هاتفيًا مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لكنه لا توجد أي علامات على زيارته لعمان.  قالت الصحيفة إن زيارة ترامب للسعودية التي لا تملك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتوجه طائرته مباشرة إلى إسرائيل لن تكون سابقة بين دولة عربية وإسرائيل، ففي عام 1994 قام بيل كلينتون، الرئيس الأسبق، بالتوجه إلى إسرائيل مباشرة من العاصمة السورية دمشق، وعام 1974 توجه توجه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون إلى إسرائيل ضمن جولته بالشرق الأوسط وكانت أول زيارة لرئيس أمريكي لإسرائيل أثناء وجوده في البيت الأبيض. ولفتت الصحيفة إلى أنه إذا أصبحت رؤية ترامب حقيقة وتمكن من فتح الأجواء السعودية أمام الطيران الإسرائيلي ستصبح الهند وتايلاند على مسافة 4 ساعات فقط من إسرائيل، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يكون ضمن اتفاق للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
 
و أعلنت الرئاسة المصرية  تلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تناولا فيه العلاقات بين البلدين ، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية فقد تلقى السيسي، اتصالا هاتفيا  من ترامب، الذي اكد حرصه على مواصلة تطوير الشراكة بين البلدين في كافة المجالات، وأعرب عن تطلعه للقاء السيسي، خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية المقرر عقدها في الرياض يوم 21 مايو/ أيار الجاري، وأشار إلى دور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط ومثمناً جهودها في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في المنطقة، بحسب البيان. وأكد ترامب، كذلك خلال الاتصال اعتزامه زيارة القاهرة في أقرب فرصة، مشيراً إلى أهمية استمرار التنسيق والتشاور المكثف بين البلدين حول كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بحسب البيان. وأعرب السيسي من جانبه عن حرص مصر على مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة، وأكد على تطلعه للقاء ترامب، خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، معرباً عن ترحيبه بزيارة ترامب، للقاهرة في أقرب فرصة لمواصلة التباحث حول سبل استعادة الاستقرار والتصدي للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وفقا للبيان.  وكان الرئيس السيسى، زار العاصمة الأمريكية واشنطن، أول إبريل الماضي، واستغرقت الزيارة عدة أيام، بدعوة من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وألتقى خلالها السيسي بنظيره الأمريكى.
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب
بحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتصالين هاتفيين مع كل من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التطورات في منطقة الشرق الأوسط وسبل إيجاد «حلول سياسية» للأزمات فيها. ووفقاً لبيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، بحث الملك مع ترامب خلال اتصال هاتفي  الثلاثاء «علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات». واستعرضا «المساعي الرامية للتوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تمر بها المنطقة، إضافة إلى جهود محاربة الإرهاب ضمن استراتيجية شمولية». من جهة أخرى، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص مصر على مواصلة تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، ودفعها نحو آفاق أرحب، وتطلعه للقاء الرئيس ترامب خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية، المقرر عقدها في الرياض يوم الأحد المقبل، معرباً، عن ترحيبه بزيارة ترامب للقاهرة في أقرب فرصة، لمواصلة التباحث حول سبل استعادة الاستقرار والتصدي للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.  وقال بيان صادر عن الرئاسة المصرية، إن السيسي تلقى اتصالا هاتفيا، أول أمس الإثنين من الرئيس ترامب، أكد فيه قوة العلاقات الاستراتيجية، التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة، وحرصه على مواصلة تطوير الشراكة بين البلدين في كل المجالات، كما أعرب عن تطلعه للقاء السيسي في الرياض، مشيراً إلى دور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط، ومثمناً جهودها في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في المنطقة.
 
كما أكد الرئيس ترامب اعتزامه زيارة القاهرة في أقرب فرصة، مشيراً إلى أهمية استمرار التنسيق والتشاور المكثف بين البلدين، حول كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتأتي اتصالات ترامب قبيل أيام فقط من زيارته المرتقبة إلى السعودية.
الملك عبدالله الثاني عاهل الأردن
بحث العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في لقاءين منفصلين بعمان، – مع المبعوث الرئاسي الأمريكي للتحالف الدولي لمحاربة داعش، السفير برت مكجورك، والممثل الخاص للرئيس الأمريكي للمفاوضات الدولية، جيسون جرينبلات، التطورات الراهنة بالمنطقة، وجهود الحرب على الإرهاب، بالإضافة إلى عملية السلام. وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي، أنه جرى خلال لقاء الملك عبدالله الثاني مع المبعوث الرئاسي الأمريكي للتحالف الدولي لمحاربة داعش، السفير برت مكجورك، بحث الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، والتطورات الراهنة في المنطقة. كما تناول لقاء العاهل الأردني مع الممثل الخاص للرئيس الأمريكي للمفاوضات الدولية، جيسون جرينبلات، عملية السلام، والتطورات الإقليمية الراهنة. وجرى، خلال اللقاء التأكيد على أهمية كسر الجمود في العملية السلمية، والدور المهم للولايات المتحدة، ومواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المؤكدة التزامه العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي.
 
وأكد الملك عبدالله الثاني، أن التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، عبر إطلاق مفاوضات جادة بين الفلسطينيين والإسرائيليين استنادا إلى حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. بدوره، أعرب جرينبلات عن تقديره لجهود ومساعي الأردن المستمرة، بقيادة الملك عبدالله الثاني، لتحقيق السلام في المنطقة.
 
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت 18 فبراير  2017 عن نية بلاده إقامة ما سماها بالمناطق الآمنة في سوريا بتمويل من بلدان الخليج العربية لمنع تدفق اللاجئين على الغرب. وفي كلمة ألقاها في حشد من المواطنين في ولاية فلوردا، قال ترامب: “ما أريد فعله، هو إقامة مناطق آمنة في سوريا وغيرها بما يتيح للسكان البقاء في بلادهم والعيش فيها بأمان”.  وأضاف: “سوف نستحدث مناطق آمنة، وسنعمل على أن تقوم بلدان الخليج بتغطية الإنفاق”. وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن هدفه الرئيس من وراء تطبيق خططه للمناطق الآمنة، “تفادي استقبال أعداد هائلة من اللاجئين تقدر بعشرات الآلاف ممن لا نعرف عنهم شيئا”، معربا رغم ذلك عن ترحيب بلاده بالوافدين. وختم بالقول: “نريد قدوم المهاجرين إلى بلادنا، إلا أننا نفضل استقبال من يحبوننا ويحترمون عادات وتقاليد بلادنا”. يذكر أنه سبق لدونالد ترامب وعلق الشهر الماضي دخول اللاجئين عامة إلى الولايات المتحدة لأربعة أشهر، وحظر حتى أجل غير مسمى دخول اللاجئين السوريين إلى بلاده، كما علق منح التأشيرة الأمريكية لمواطني سبعة بلدان بذريعة حماية الأمريكيين من الهجمات الإرهابية.  وكشف استطلاع للرأي أجرته وكالة “رويترز” للأنباء بالتعاون مع مؤسسة “إيبسوس” الإحصائية عن أن زهاء خمسين في المئة من الأمريكيين يؤيدون قرار رئيسهم بصدد تعليق استقبال اللاجئين، فيما أوقفت المحاكم الأمريكية المختصة تنفيذ قرارات ترامب للهجرة، الأمر الذي حمل إدارته على بحث سبل إصدار أوامر تنفيذية بديلة تفيد في الالتفاف على القضاء وتطبيق أوامر ترامب بلا قيود.
مروان كنفاني المستشار السياسى للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات
كتب مروان كنفاني المستشار السياسى للرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات: زيارة الرئيس الأمريكى ترامب.. الحقائق والأوهام:  ينزع الكتّاب والصحفيون والمفكرون والسياسيون فى بلدان العالم العربى المختلفة إلى التوقع والتأكيد والتحذير مما ينوى أو يخطط له الرئيس الأمريكى المنتخب الجديد من تغيير فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وإعادة ترتيب العلاقات مع أوروبا والمكسيك وحلف الناتو وروسيا والصين وكوريا الشمالية والشرق الأوسط. كما تكثر الأحاديث عن طموحه لوضع الأسس خلال زيارته القصيرة القادمة لمنطقة الشرق الأوسط لحل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى. تتكرر هذه الظاهرة مع تسلّم كل رئيس أمريكى جديد مهام قيادة الولايات المتحدة، ويخبو بريقها بعد مرور الأشهر الأولى لفترته الرئاسية. من الأمور المعروفة فيما يتعلق بولاية وتخصص الرئاسة الأمريكية، والتطورات والإضافات المتعلقة بهذا الشأن فى الدستور الأمريكى، أن سلطة الحكومة الفيدرالية ورئيسها، الذى هو الرئيس الأمريكى، معدومة عملياً فى كل الأمور الداخلية، ومحددة بصرامة فى مواضيع ذات طبيعة فيدرالية، منها السياسة الخارجية والقوات المسلحة والضرائب الفيدرالية والغابات وخفر السواحل وإصدار العملة الموحدة وبضعة أمور أخرى. الرئيس الأمريكى لا يحكم الولايات المتحدة ولا شعبها، والذى يقوم بذلك هو السلطات المدنية المنتخبة على مستوى النجوع والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة والولايات الخمسين، التى وافقت على الانضمام إلى دولة الولايات المتحدة الأمريكية.
 
البيت الأبيض فى واشنطن يدفع تكاليف الماء والكهرباء والنظافة المترتبة عليه لبلدية مدينة واشنطن، ولا يستطيع موكب رئيس الولايات المتحدة الخروج من خلف أسوار البيت الأبيض إلى شوارع مدينة واشنطن إذا لم يرسل مدير الشرطة المدنية للمدينة سيارات الشرطة لمرافقة وقيادة موكب الرئيس، الذى لا يملك هو أو حراسته العتيدة حق إغلاق الشوارع أو منع المواطنين من المرور أو القيادة. سلطة الرئيس الأمريكى الأهم والأوسع هى فى مجال تخصصه، الذى نص عليه الدستور وإضافاته فى الإشراف وتقرير وتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولكن هذا الاختصاص أيضاً مُكَبّل بتداخلات المجلسين التشريعيين الأمريكيين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وخاضع أيضاً بشكل أو آخر لجماعات الضغط. اكتسب مجلس النواب- المفروض أنه مجلس مختص بشكل محدد بفرض الضرائب وتوزيع الميزانية- نفوذه على وزارة الخارجية الأمريكية وسياساتها وقراراتها بربط صرف ميزانية الوزارة بتعديل أو وقف أو تنفيذ بعض قراراتها وفق قرارات مجلس النواب، الذى هو بالمناسبة صاحب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس منذ سنوات طويلة، والذى تمت المساومة عليه بأن تقوم الحكومة الأمريكية بتقديم مذكرة للمجلس كل ستة أشهر بالأسباب المتعلقة بالمصالح العليا للشعب الأمريكى، والتى تقف عائقاً أمام تنفيذ رغبة مجلس النواب الأمريكى.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
وهذه العوامل تقلّص بشكل كبير صلاحيات الرئيس الأمريكى فى تقرير وتنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط بشكل عام، والشأن الفلسطينى بشكل خاص، والتاريخ والتجربة هما دليل لا يقبل الدحض. لقد تراجع أو عدّل أو ألغى الرئيس ترامب تقريبا معظم تصريحاته وقراراته التى صرّح بها بعد توليه الرئاسة الأمريكية. كما استغرق الرئيس أوباما الفترتين الرئاسيتين ولم ينجح فى إغلاق معتقل (جوانتانامو) كلياً بعد. وأعلن الرئيس كلينتون، بعد ثمانى سنوات فى البيت الأبيض، عن فشله فى تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بسبب عدم تأييد المجلسين التشريعيين والحزبين الرائدين لجهوده وأفكاره.
 
وتم تعديل مؤثر فى قانون الصحة، الذى يُعتبر الإنجاز الأكبر فى رئاسة الرئيس أوباما، بعد أقل من مائة يوم على مغادرته المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض. بدون توافق وموافقة قيادات الحزب الديمقراطى ومجلسى النواب والشيوخ، وقادة البنتاجون وكبار ضباط القوات المسلحة الأمريكية، فإن الرئيس ترامب لن يحارب إيران، ولن يهاجم كوريا الشمالية، ولن ينسحب من حلف الناتو، ولن يجبر المكسيك على دفع تكاليف الجدار الفاصل على حدودها مع الولايات المتحدة، ولن يقنع أو يجبر السعودية على دفع حصتها من تكاليف وصواريخ وأسلحة الجيش الأمريكى فى مخططات الدفاع عن المنطقة، ولن يستطيع تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حتى لو آزرته جميع الدول العربية، لأن المشكلة ليست الدول العربية، ولا حتى أمريكا، ولكنها إسرائيل والفصائل الفلسطينية. ولن يساعد اعتناق الرئيس الأمريكى مؤخراً لمقولة إن مشكلة فلسطين هى أساس الإرهاب فى المنطقة والعالم فى دفع إسرائيل والفلسطينيين، وربما الدول العربية، للسعى لتحقيق السلام، لأن الإرهاب الذى يتحدث عنه ويحذّر منه الرئيس الأمريكى، والذى ضرب معظم دول العالم تقريباً.. لم يضرب إسرائيل بتاتاً. الرئيس الأمريكى سيزورنا حاملاً معه ملفين أساسيين له وللولايات المتحدة، ويحظيان أيضاً باهتمام مشروع لقادة دول المنطقة:
 
1- ملف الإرهاب، الذى سيشغل وقت وعقل مَن سوف يجتمع معه ترامب من قادة المنطقة. محاربة الإرهاب أصبحت تحالفاً دولياً، ربما يجمع كافة دول العالم، وهو الموضوع ربما الوحيد الذى تترأسه وتدعمه القوتان الأعظم. سوف يكون الرئيس الأمريكى مستمعاً جيداً لرأى الرئيس السيسى والملك سلمان والملك عبدالله، الذين أيديهم فى النار وعقولهم مدركة لأبعاد وأخطار الإرهاب، لا يعرف الشوق إلا مَن يكابده، والمنطقة وشعوبها قد كابدت الكثير الكثير. هناك التزامات سياسية ومالية واقتصادية كثيرة وكبيرة يجب أن يتعهد بها الرئيس ترامب، الذى يعرف أن المزاج السياسى الأمريكى الحكومى والتشريعى والإعلامى والشعبى ميّال لتأييده فى هذا الجهد.
 
2- ملف تحجيم الجهود الإيرانية تجاه حدودها الغربية سوف يأخذ وقتاً واهتماماً، خاصة أن دولاً عربية عديدة بدأت تتحسس الخطورة على الأمن والسلام المجتمعى فى بلادها. يسعى الرئيس ترامب لتمتين ما يمكن تسميته «تجمع الدول السنيّة» وتعاونها فى عمل جماعى سياسى، وربما أمنى، لوقاية نفسها من مصير يشهده العالم كل يوم فى بلاد عربية قريبة وعزيزة. يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دوراً مؤثراً فى هذه الأزمة الإقليمية، التى تبدو ليست قريبة الحل.
 
أسهل الملفات التى يحملها الرئيس الأمريكى ترامب معه هو ملف النزاع الفلسطينى الإسرائيلى!! فلا الإسرائيليون مستعدون لأخذ خطوة للأمام، ولا الفلسطينيون قادرون على الاتفاق بينهم على ما يريدون. والهوة كبيرة بينهما، وميزان القوة لا يرحم، وليس إلا بعض خطوات رمزية وقليلة الكلفة ومريحة لاستمرار الأمور على ما هى عليه. ربما مساعدات مالية مشروطة للسلطة الوطنية، وبعض الأسلحة والتدريب، ورفع بعض الحواجز، وتخفيف الحصار على غزة، وإعادة تشغيل بعض عمال غزة فى إسرائيل، وربما السماح للصيادين فى غزة بميل أو ميلين بحريين، ويمكن التوسط لإنهاء اعتصام المعتقلين المناضلين الجائعين، واحتمال تسهيل المرور من معبر بيت حانون وزيادة ساعات عمل معبر رفح.. وهكذا دواليك. الإسرائيليون سوف يتلقون من الرئيس الأمريكى الزائر مساعدات ورشاوى أخجل من مقارنتها بنصيبنا كفلسطينيين. والجميع سيكون مسروراً وفرحاً، بينما نبقى- نحن الفلسطينيين- وفق المثل المعروف: «قامت الحزينة تفرح…»،.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع