الأقباط متحدون - العلمانية تحترم شعائر كل الأديان.. والجهلة يمتنعون
  • ١٧:١٤
  • السبت , ٢٩ ابريل ٢٠١٧
English version

العلمانية تحترم شعائر كل الأديان.. والجهلة يمتنعون

مقالات مختارة | د. محمد بسيونى

١٥: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٢٩ ابريل ٢٠١٧

د. محمد بسيونى
د. محمد بسيونى

أصبحت موضة هذه الأيام أن يخرج علينا عبر شاشات الفضائيات من يُفسّر مواقف الأديان تجاه العلم، تفسيرات جهنمية ليس لها أساس، وتعبّر عن جهل صارخ ومصالح شخصية دنيئة.. والأعجب أن بعض برامج الفضائيات يبحثون عن شواذ الأفكار ليُروّجوا جهلهم لتسخين الحلقة واجتذاب الجمهور والإعلانات وزيادة نسب المشاهدة، ولأهداف أخرى تحقق مصالح أعداء الوطن.. ومن المساخر التى يسوقها المذيع والضيف فى تلك الحالات أن كليهما يستند إلى الفكر العلمانى كمطية لإثارة التشكيك فى الأديان أو الوقيعة بين الأنبياء والرسل!!

ويستغل هؤلاء ضعف معرفة المشاهدين بمعنى العلمانية وأفكارها، ونرى الضيف الآخر من الجهلة الذين يدّعون التسلف ويجهلون معناه ويُبرّرون به القتل، ويطلقون الدعوات من فوق منابر الجمعة بالويل والجحيم للعلمانيين!!

ويتبارى مدعو العلمانية فى مهاجمة الأنبياء والرسل وكأن العداء بين الأنبياء والرسل له وجود!! وعلمياً لم تسجل عبر التاريخ مقولة واحدة عن رسول أو نبى ضد آخر من الرسل والأنبياء، فأى جهل هذا الذى نراه ويتأثر به الشباب وقطاعات من الجمهور المتابع للإعلام؟

ونرد فى إيجاز على هذه الأشكال بصحيح الأديان والحقائق العلمية عن العلمانية ونقول:

1 - اللهم صلِ وسلم وبارك على سادتنا ورسولنا وأنبيائنا محمد وإبراهيم وعيسى وموسى، وكل الرسل والأنبياء من نعلمهم ومن لا نعلمهم.. نصلى ونسلم عليهم لأن الله تعالى أمرنا بذلك، ونؤمن بهم جميعاً وفق ما جاء فى خواتيم سورة البقرة «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، ومن يقول إن الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى كل أنبياء الله ورسله ليست واجبة، فهو ينكر أهم أسس الإيمان فى الإسلام.. كما أن من يقول إن علمانية الغرب نفت إيمانهم بالمسيح يجهل أن اسم المسيح يُذكر مع كل فعل بشرى طوال اليوم فى الغرب، وليس فى الكنائس فقط!!

2 - تعريف «العلمانى» فى «المعجم الوسيط» هو اسم منسوب إلى لفظ علم يعنى بشئون الدنيا فقط ويفصل الدين عن نظام الدولة القانونى.. ومبتدع العلمانية الجديدة المفكر البريطانى جورج هوليوك 1851م، قال «لا تفهموا العلمانية بأنها ضد (الدين) المسيحية، هى فقط مستقلة عنها، ولا تفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها، والعلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه وتختبر نتائجها فى هذه الحياة».

3 - العلمانية فى كل تعريفاتها هى طريقة للحكم، ترفض وضع الدين أو سواه كمرجع رئيسى للسياسة والقانون.. والعلمانية الجديدة شرحها رئيس أمريكا توماس جيفرسون بـ«أن الإكراه فى مسائل الدين أو السلوك الاجتماعى هو خطيئة واستبداد وليس بعلمانية». وهذا المعنى ترجمه فى قوانين «إعلان الحقوق» الدستور الأمريكى 1789م، حين فصل الدين عن الدولة رسمياً مع احترام كامل للأديان، وحماية معتنقى أى دين وتمكينهم من ممارسة شعائرهم واستبعاد الطائفية، أو دين الأغلبية فى التأثير على التشريع أو فى تولى المناصب القيادية لترابط المجتمع وتطوره.

وليس من العلمانية والتسلف أن تهاجم أو تسخر أو تنتقد ديناً أو شعائر دينية، بل هو جريمة فى ديننا الإسلامى، وفى مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية.. وهذه المواثيق جميعاً ترفض الإساءة إلى الأديان أو الشعائر الدينية وتعتبره أحد أهم مسببات العنف والكراهية والانقسام فى المجتمع.. وكل هذه الوثائق توصف بأنها علمانية.

والسلفية التى تقتل البشر على الهوية الدينية ليست سلفية، ولا دين لها، كما أن العلمانى المتصادم مع الأديان ليس علمانياً، ولا يفهم معنى العلمانية.. والذى يستند إلى مقولات كنسية فى القرون الوسطى ضد العلمانية يخدعكم، لأن الكنيسة ذاتها تراجعت عنها واعتذرت واحترمت العلم والعلماء.

فحذارِ يا حفنة الجهلة من المتسلفين والمتعلمنين والإعلاميين من اللعب بصراع الأديان لإلهاء الناس، فأنتم تثيرون الفتن التى ستحرقكم أنتم فقط.. احذروا غضب شعب مصر.. ولنا الله.. والله غالب.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع