الأقباط متحدون - خِدْمَتُنَا لِضَحَايَا الاِضْطِهَادِ المُعَاصِرِ
  • ١٧:١٩
  • الجمعة , ٣ مارس ٢٠١٧
English version

خِدْمَتُنَا لِضَحَايَا الاِضْطِهَادِ المُعَاصِرِ

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

تأملات كنسية

٥٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ٣ مارس ٢٠١٧

خِدْمَتُنَا لِضَحَايَا الاِضْطِهَادِ المُعَاصِرِ
خِدْمَتُنَا لِضَحَايَا الاِضْطِهَادِ المُعَاصِرِ

بقلم : القمص أثناسيوس چورچ
في أعقاب الهجمة الشرسة والمسعورة التي شنتها الجماعات الإسلامية الإرهابية؛ التي دُمرت فيها وأُحرقت مئات الكنائس والبيوت المسيحية في كل ربوع مصر؛ وسُلبت ونُهبت محتوياتها؛ ثم هدمتها وجعلتها خرائب وأطلالاً.واليوم يتم تطهير وتهجير قسري للاقباط مدينة العريش .يقتلعون من ارضهم فارين من الارعاب والقتل علي الهوية .مشردين من ديارهم قهرا وقسرا . تهجيرا وتشتيتا جماعيا بلا بوصلة .لذلك

نجد أنه من اللازم على هيئات المجتمع والكنيسة تكثيف تعاملها ودورها في عمل الإغاثة الفورية. فالكل يدرك أن قدرًا من التباطؤ قد يحدث بسبب الكم الهائل من الخراب بطول البلاد كلها؛ وبسبب العداوة والجهل الممعن وفداحة حجم الخسائر؛ بالرغم من كل المجهودات المبذولة على كل الأصعدة. كذلك لا يقتصر الدور فقط على التلبية الجزئية لسد الخسائر المادية الفادحة؛ دون أن ننتبه إلى وجوه الرعاية الروحية والمعنوية؛ بما فيها من تقوية وتثبيت وتشجيع النفوس؛ حتي لا يكون عملنا عاجزًا عن أن يصل بالمضطهَدين والمهجَّرين والمحروقين والمسلوبين ماديًا ومعنويًا إلى الغاية الأهم التي بها يكمن خلاصهم وخلاصنا. إن ما حدث ويحدث في هذة الغزوات البربرية فاق وشابه عصور اضطهاد تم التأريخ لها... وسادتنا وإخوتنا الذين خُطفوا ونُهبوا وحُرقوا وسُحلوا قدموا شهادة واعترافًا وشركة في كأس مسيحنا؛ ترقىَ إلى مستوى اضطهادات كنيسة العصر الرسولي الأول. لذلك مواكبتهم لتعليم الكنيسة الأولى وبرامجها التي أعدتها في زمن الاستشهاد، أمر حتمي ولازم.

كثيرون على مدي زمني كبير حاربوا حروب الرب واستشهدوا وقُطِّعوا واستُبيحت أعراضهم، بيد هؤلاء القتلة الإرهابين تحت شلال من دماء سُفكت في مدن وقري برُمّتها. فواجبنا من نحوهم وواجبهم علينا كأعضاء في جسد واحد يستدعي كل همة؛ لأن الشهادة هي أولاً تجاه أنفسنا. أما لو تغاضينا عنها نكون قد استعفينا به عن تقديمها معهم، بالصورة التي دُعينا لتقديمها بها، شهادة حسنة بالأعمال والعطاء ومحبة الخير وتثبيت الأخوة حتى الفلس الأخير.

خدمتنا لإخوتنا المأزومين والمضطهدين وضحايا العنفاء، هي ليست وظيفة مؤسساتيه فقط، أو مجرد عمل خيرﻱ أو واجبًا إنسانيًا نقوم به، لكنه في منظورنا المسيحي هو وجودنا وشركتنا وشأننا جميعًا بلا استثناء؛ نقدمه بكل غيرة ولياقة وترتيب وعلم وفاعلية... فهل أحسسنا واستشعرنا كم المخاوف والمخاطر وحبس الأنفاس والمذلة والتحقير التي عاشها إخوتنا ويعيشونها وسط ذئاب مفترسة؟ عَلّنا نعي أن إخوتنا في وسطنا قد دفعوا ثمنًا باهظًا نظير إيمانهم المسيحي، وصل إلى تبديد ممتلكاتهم وهدم كنائسهم ونبش قبورهم. وهم اليوم ليسوا عبئًا أو رقمًا أو وسيلة لإثبات الوجود والمتاجرة؛ لكنهم مستوجبين كل عناية روحية وتعليمية ومادية؛ من أجل شخوصهم وكرامتهم وهمهم في متابعه مسيرة حياتهم... إنهم أسياد لنا لأن الله شاء وجعلهم نماذج وأمثلة لاستمرار الإيمان على خطىَ الذين سبقونا... فلن يكون مبنى الكنيسة الحجرﻱ الذﻱ نبنيه مهما كان فخمًا من معالم رضى الله؛ بل هيكل الله الحي ( ٢ كو ٦ : ١٦ ) شعبه البار الحافظ الأمانة المشرد والمطرود من أجل اسمه، نبكي معهم بإسم المسيح وكما للمسيح... نجوع ونشاركهم كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء، نملك بوليصة التأمين الأبدية التي تحفظ لنا نصيب حياتنا فوق؛ حيث الغنى الذﻱ لا يفسد ولا يفنى.

وإخوتنا الذين اجتازوا الكرب وذاقوا معاني العدم والطرد؛ فقد أعد لهم الرب مدينه ليست في دلجا ولا في صعيد مصر؛ لكن فوق؛ لها الأساسا؛ ولن يبخَسهم حظهم؛ كما لم يبخس حظ لعازر المسكين البلايا.. كونهم فضلوا عار المسيح فعُذبوا ولم يجدوا أين يسندوا رؤوسهم، وقد افزعتهم النيران والمتفجرات ورماد الحطام؛ لكن الله سينظر لمعاناتهم كسِرِّ جحد للعالم وسيعوضهم بإسمه ولقبه وملكوته.

إن كل محتاج هو مذبحنا؛ متي خدمناه وأطعمناه خبز الأرض، ننال الخبز السماوﻱ ودواء الخلاص الأبدﻱ؛ فلا تصبح تعاليمنا مجرد شعارات بل نقدم عطاءًا فائضًا ملبدًا؛ فيعوض لنا الله كل شيء ويزاد؛ وننال نعمه فوق نعمه يصبغها علينا ربنا ورب كل أحد؛ ليقلع بها كل زرع لم يزرعه الآب السماوﻱ، ويمنحنا روح قدسه حتي تمتلئ المخازن السماوية من القديسين.