الأقباط متحدون - غياب الإدارة السياسية
  • ١١:٤٦
  • الأحد , ٢٦ فبراير ٢٠١٧
English version

غياب الإدارة السياسية

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

١٣: ٠١ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 تخوض قواتنا المسلحة ورجال الشرطة حرباً شرسة ضد الإرهابيين فى شمال سيناء، ويواجهون إرهابيين جبناء يحاربون قوات بلادنا عبر عمليات الكر والفر، التفجير والعبوات الناسفة، ويدفع أبناء القوات المسلحة والشرطة المدنية ثمناً غالياً من دمائهم وأرواحهم فى مناطق جبلية وعرة، ويواجهون إرهابيين من مختلف الجنسيات، جاءوا إلى بلادنا فى زمن حكم المرشد والجماعة، استوطنوا شمال سيناء، وتولى الفرع الفلسطينى للجماعة -حركة حماس- إمدادهم بالسلاح والإعاشة والأسلحة وتقديم العلاج، ووفر لهم الملاذ الآمن داخل القطاع عندما تزايد ضغط رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية. ورغم أن المنطقة الملتهبة فى شمال سيناء؛ رفح، العريش والشيخ زويد، تقع ضمن المنطقة (ج) ووفق الملحق الأمنى لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية محظور وجود أفراد القوات المسلحة المصرية والأسلحة بكافة أنواعها والزوارق والطائرات، فإن قواتنا المسلحة توجد اليوم بكثافة فى هذه المنطقة ولنا نحو ٤٥ كتيبة قوامها نحو ٢٥ ألف عسكرى وأسلحة ثقيلة وطائرات بكافة أنواعها من أجل القضاء على عناصر تطلق على نفسها «أنصار بيت المقدس» تقاتل قواتنا وتنحر مدنيينا ولا تصوب رصاصة واحدة صوب من يحتلون بيت المقدس على بُعد بضعة كيلومترات إلى الشمال الشرقى من مدينة العريش.

 
وعلى مدار الأسبوع الماضى اقتحمت قواتنا جبل الحلال، المعقل الرئيسى لهذا التنظيم، وقامت بتمشيط المنطقة، وتواصل ملاحقة عناصر التنظيم، وكان متوقعاً بعد هذا النجاح أن تقوم عناصر التنظيم بالتركيز على ما تعتبره نقاط ضعف للضغط على الدولة المصرية، وأن يكون المدنيون على رأس هذه الأهداف بصفة عامة والأقباط منهم بصفة خاصة، وقد أصدر التنظيم بياناً قبل أيام بهذا المعنى، ثم بدأ فى عملية استهداف منظم للأقباط فقتل على مدار الشهر الحالى سبعة منهم بطرق بشعة باتت أساليب معتادة للتنظيم فى المنطقة مثل النحر والحرق. وقد أحدث ذلك حالة من الذعر فى صفوف المدنيين بصفة عامة والأسر القبطية بصفة خاصة التى أخذت فى الهرب باتجاه مدينة الإسماعيلية.
 
ما يؤخذ على الحكومة والنظام هنا هو الغياب التام عن المشهد على النحو الذى أضر كثيراً بالأسر المصرية وبصورة الدولة المصرية أمام العالم الخارجى، ففى الوقت الذى نتحدث فيه عن نجاحات لقواتنا المسلحة والشرطة المدنية فى ملاحقة العناصر الإرهابية واقتحام معقلهم الرئيسى، فإن مشاهد فرار العائلات القبطية والفوضى وغياب التنظيم واختفاء الدولة المصرية من المشهد، أضر بنا جميعاً وأعطى الفرصة لكل كارهى مصر والمصريين للشماتة فيما جرى، فقد غاب المسئولون عن المشهد فى شمال سيناء، فتركوا المواطنين يفرون بشكل فوضوى وعشوائى، وغابوا أيضاً فى الإسماعيلية فاضطرت الأسر للجوء إلى الكنائس التى تولت مع مجموعة من الشباب ونواب فى البرلمان عملية الاستقبال والتسكين وتوفير مستلزمات الإعاشة، والوحيد الذى ظهر فى المشهد هو المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، الذى استجاب على الفور لمطلب فتح بيوت الشباب لاستقبال بعض الأسر الفارة، وكان الرجل عند قدر المسئولية فله كل التحية والتقدير.
 
كنا نتمنى أن تبادر الدولة المصرية بالوجود المبكر وتشكيل خلية لإدارة الأزمة تتولى نقل المواطنين المصريين، من مسلمين ومسيحيين، من مناطق الخطر بطريقة منظمة وحضارية وتسكينهم فى مساكن تابعة للدولة، وذلك بهدف حمايتهم من ناحية وإتاحة الفرصة للقوات المسلحة والشرطة المدنية للتعامل الحر مع الإرهابيين، ثم إعادتهم إلى مناطقهم بعد القضاء على الإرهاب تماماً.
 
لم ينقطع تدفق الأسر المصرية على مدينة الإسماعيلية، وتواصل الكنائس والشباب ونواب من البرلمان وبمساعدات من قبَل عدد من رجال الأعمال عمليات الاستقبال والتسكين وتوفير مستلزمات الإعاشة، وفى نفس الوقت لدى هذه الأسر مطالب محددة تتعلق بالانقطاع عن العمل ويطلبون تسوية هذا الأمر إلى حين العودة، إضافة إلى الحاجة الماسة للحصول على المرتبات ومعالجة أوضاع أبنائهم الذين غادروا مدارسهم.
 
الملاحظة الجوهرية على ما جرى ويجرى هو غياب الدولة المصرية وغياب العقل السياسى اللازم لإدارة الأزمة الأمر الذى أضر بنا جميعاً وبصورة الدولة المصرية، لذلك نأمل فى تحرك عاجل من الحكومة المصرية لمعالجة الموقف وتلبية احتياجات الأسر التى فرت إلى الإسماعيلية.
نقلا عن الوطن
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع