الأقباط متحدون - السادات والبرلماني الدولي والمسودة السرية
  • ١٤:٣٧
  • السبت , ٢٥ فبراير ٢٠١٧
English version

السادات والبرلماني الدولي والمسودة السرية

سعيد السنى

مساحة رأي

٥٥: ١٢ م +02:00 EET

السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٧

محمد أنور السادات
محمد أنور السادات

سعيد السني
يتسارع العد التنازلي لإسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات من مجلس النواب، متهماً ومداناً بـ«إرسال أكاذيب للاتحاد البرلماني الدولي، وتزوير توقيعات عدد من النواب على مشروعي قانوني الجمعيات الأهلية والإجراءات الجنائية»، وشكوى الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن، ضده بـ«تسريب مسودة مشروع قانون الجمعيات الأهلية للسفير الهولندي»، وهو ما نفاه السفير قطعيًا.

من المُرّجَّح استكمال إجراءات الإبعاد خارج البرلمان، ليس عقاباً على هذه الاتهامات التي ينفيها «السادات» بشدة، وإنما تأديباً على تجاوزه الخطوط الحمراء المرسومة للنواب، والخروج على طاعة الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، كي يكون عبرة لغيره من أعضاء البرلمان حتى لا تدير خمر العضوية رؤوسهم، فيصدقون واجبهم الدستوري الرقابي على الحكومة، بتوجيه الأسئلة وطلبات الإحاطة وتقديم الاستجوابات.

السادات يستحق إسقاط العضوية البرلمانية عنه، بالتوازي مع اغتياله معنوياً، كونه تجرأ، خروجاً عن النص، منتقداً في الممنوع، تمييز فئات معينة بزيادة معاشاتها دون غيرها، ولم يكتف بهذا الإثم العظيم، تفجيراً لفضيحة شراء السيارات الفارهة الثلاث المصفحة، للدكتور عبدالعال ووكيليه، بمبلغ 18 مليون جنيه، بخلاف مجموعة سيارات فخيمة أخرى بـ 39 مليون جنيه، وكلها بأسعار ما قبل تعويم الجنيه.. بينما يتوالى إرهاق الشعب بالمزيد من القرارات المؤلمة، فرضاً للغلاء الحارق، وأعباءً ضريبية، ورسوماً طالت كل الأوراق والخدمات، وتجفيفاً للخدمات الصحية، والتعليمية.. بينما الكرم الحاتمي الحكومي مع «البرلمان»، بلغ قرابة المليار جنيه سنوياً، يُنفِقها الأخير إلا قليلاً، على رفاهية الأعضاء ومكافآتهم، وبدلات حضورهم للجلسات واجتماعات اللجان، وجولات وسفريات داخلية وخارجية، وخدمات صحية، وغيرها، بشكل مُبالغ فيه ومستفز.. بينما الشعب المنكوب لا يكاد يشعر بأي إنجاز لمجلس النواب في مواجهة تجبُّر الحكومة وتوحُّش الغلاء.

موضوعياً.. مع التذكير بأن الاتحاد البرلماني الدولي قد نفى هو الآخر تلقيه أي شكاوى ضد مجلس نوابنا.. فإن إرسال «السادات» مثل هذه الشكوى (التي لم تُرسل)، ليس فيها ما يُدين أو يُشين.. فهذا الاتحاد ومقره جنيف بسويسرا، يضم في عضويته البرلمان المصري، ضمن برلمانات 143 دولة، ويتولى منصب الأمين العام له، السفير مختار عمر، وهو مصري الجنسية.. من أهداف هذا الاتحاد الدولي (مُؤسَّس عام 1889م)، تعزيز الاتصالات وتبادل الآراء بين برلمانات دول العالم والبرلمانيين بها، كما أن مارتن شونج، سكرتير «الاتحاد»، كان مدعواً وحاضراً، في أكتوبر الماضي، لاحتفالية مجلسنا النيابي بمرور 150 عاماً على تأسيسه، وأشاد في كلمته بالرئيس عبدالفتاح السيسي.. بما مفاده أن تقديم شكوى من السادات ليست جريمة، مادام لديه سبب وجيه للشكوى.

مسألة تزوير توقيعات سبعة أو عشرة أعضاء على مشروعات قوانين، فإنها تهمة هزلية وغير لائقة.. إذ المعلوم بالضرورة واليقين أن توقيع نواب المجلس كله على مثل أي مشروع قانون، أيًّا كان اسمه وموضوعه، لا يعني السير في خطوات سَنّه وتشريعه ما لم يكن مشروعاً «حكومياً» أو حائزًا على الرضا الحكومي.. فإذا كان حكومياً، فلسوف يتم إرساله إلى البرلمان مباشرة، دون وساطة الأعضاء، أو الاستعانة بتوقيعاتهم، ثم إن لديهم «ائتلاف دعم مصر» صاحب الأغلبية موجود وجاهز.

تأكيدًا، السادات يدرك جيدًا هذه الاعتبارات، مثلما يعلم أنه مستهدف.. فلماذا يُقدم على تزوير توقيعات زملائه، وما هي الفائدة من هذه التوقيعات؟.. على أنه لا يفوتنا أن كثيرًا من النواب وأعضاء المجالس الشعبية المحلية يوقّعون على مثل هذه الاقتراحات أو الطلبات بـ«التمرير»، وعلى سبيل المجاملة، وغالبًا دون قراءتها.

اتهام «السادات» بتسريب مسودة مشروع قانون الجمعيات الأهلية إلى جهات اجنبية، سواء كان السفير الهولندي أو غيره، هو اتهام ساذج وسخيف.

فمثل هذه المسودة تُعدها لجنة بوزارة العدل، ويتم عرضها على «الحكومة»، التي ترسلها إلى مجلس النواب، الذي يحيلها إلى مجلس الدولة للمراجعة، بخلاف تداولها بلجان المجلس.. فأي منطق يقول إن هذه «المسودة»، ستظل «سرية» طوال هذه الرحلة؟ وما هو وجه «السرية» فيها أصلاً، ودرجتها (سري، أم سري جدًا أم للغاية)، ولماذا، وهل هي سرية مقررة بالقانون، أم أن السرية جاءت من خيال الوزيرة الدكتورة غادة والي، وفهلوةً منها؟.. سيما أن المواقع الإلكترونية والصحف تتسابق على نشر مثل هذه المشروعات بقوانين أو المسودات.. كما أن هذا القانون تحديداً يحظى باهتمام دولي ومتابعة في ظل القمع الساري لمنظمات المجتمع المدني وملاحقتها حنائياً وغلقاً لمقارها.. فكيف يتم اختزال كل هذه الرحلة الطويلة للمسودة «السرية» ونشرها وتسريبها، في النائب السادات دون غيره؟

مهلاً يا سادة، وقليلٌ من المنطق والحكمة والرُشد مطلوب.

نسأل الله السلامة لمصر

Saidalsonny2@gmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع