الأقباط متحدون - لمحة من ميدان التحرير الأمريكى
  • ١٩:٣٢
  • الجمعة , ٢٤ فبراير ٢٠١٧
English version

لمحة من ميدان التحرير الأمريكى

مقالات مختارة | رامى جلال

١٩: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٧

رامى جلال
رامى جلال

حين سُئل «أنيس منصور» عن انطباعه عن مدينة نيويورك قال: «لا شىء، مجرد ناطحات سحاب عالية».. وهذا بالفعل جزء من الحقيقة، فالمدينة تتجه لأعلى؛ ففى ميدان «التايمز سكوير» وحده نحو عشرين ناطحة سحاب، جعلتنى لا أفهم السبب فى عدم وجود أى مثيل لها بمصر، خصوصاً أننا بنينا أطول مبنى فى العالم منذ خمسة آلاف سنة (الأهرامات)، فما الذى حدث لنا، وهل للأمر علاقة بارتباطنا الوثيق بالأرض؟ وهل يجب ألا نتجه للسماء إلا روحياً؟ لا أعرف.

تبدو مدينة نيويورك كعاصمة للعالم، وحين تمشى فى «التايمز سكوير» ستستمع من المارة إلى عشر لغات على الأقل..

سمى الميدان باسمه لوجود مبنى مكاتب جريدة «النيويورك تايمز» فيه سابقاً، وهو المبنى صاحب الرقم واحد الآن ويسمى «وان تايمز سكوير» (واحد ميدان التايم).. فى مصر هناك حالات عكسية، ففى القاهرة مثلاً اتخذ نادى الزمالك الرياضى اسم المنطقة التى وجد بها.

من ناطحات التايمز سكوير: مبنى «كوند ناست» الذى يرتفع لثمانية وأربعين طابقاً (نحو 250 متراً). وعليه هوائى طوله أكثر بقليل من تسعين متراً (تم تركيبه منذ خمسة عشر عاماً بدلاً من هوائى قديم كان أعلى منه بعشرة أمتار) والغرض منه هو تقوية الإرسال التليفزيونى والراديوى.. مصمما المبنى هما «فوكس وفاول» وهما أيضاً من صمما «مبنى رويترز»، فى الشارع ذاته، الواقع فى 3 ميدان التايمز ويتكون من 32 طابقاً (200 متر).. تنبع أهميته -بالنسبة لى- من كونه تابعاً لشركة «كوند ناست» للنشر والإعلام، التى يبلغ عمرها مائة وثمانية أعوام. وتنشر خمساً وعشرين مجلة أمريكية متخصصة فى مجالات عديدة مثل الموضة والطعام والموسيقى والعلوم والرياضة وغيرها.

المساحة الأرضية للمبنى بكل طوابقه تقترب من 150 ألف متر مربع، أى 37 فداناً، وهى للتخيل، مساحة قد تكفى، فى مصر، لزراعة ألف وثمانمائة طن قصب.. أى إن هذا المبنى، مجازاً، هو ألف وثمانمائة ألف كيلو قصب موضوعة فوق بعضها، بالتأكيد لا تعانى نيويورك من أزمة سكر.

كان لهذا المبنى حضور مهم فى فيلمين من أشهر أفلام الخيال الأمريكية وهما «الرجل العنكبوت»، و«سلاحف النينجا»، المبنى يجذب شخصيات هوليوود الخارقة، كما يجذب سنوياً عدة ملايين من الكائنات البشرية الحقيقية التى تزوره، وهو وضع يوضح مدى مصيبتنا السياحية التى تجلس بجانب ثلث آثار العالم.

رغم هذا الزخم فإن مبنى «كوند ناست» مجرد قزم يحتل المركز الواحد والعشرين ضمن قائمة أطول أبراج مدينة نيويورك. فأعلى مبنى هناك هو «مبنى التجارة العالمى رقم واحد»، الذى بُنى بعد أحداث 11 سبتمبر، ويُعد سادس أطول مبنى فى العالم، ومصممه هو الأمريكى «ديفيد شايلد» الذى صمم أيضاً أعلى بناء على سطح الكوكب، برج خليفة فى دبى.

«كوند ناست» أقصر بخمسة عشر متراً من «برج ترامب العالمى» الموجود على مقربة منه فى وسط مدينة مانهاتن وهو غير «برج ترامب» (58 طابقاً)، وكلاهما غير «مبنى ترامب» (71 طابقاً)، الذى هو مبنى بنك مانهاتن سابقاً. وكل هذا يختلف عن «قصر ترامب السكنى» (54 طابقاً). وكل ما سبق يقع بالطبع فى نطاق مدينة نيويورك العجيبة.. إن كانت القاهرة هى مدينة الألف مئذنة، فنيويورك هى مدينة الألف ناطحة، وهذا لا يعنى تفضيل طرف على الآخر، لكنها لمحة من الفروقات العميقة بيننا وبينهم.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع