الأقباط متحدون - .. وحساب عمر عبدالرحمن عند ربه
  • ٠٥:٥٩
  • الاربعاء , ٢٢ فبراير ٢٠١٧
English version

.. وحساب عمر عبدالرحمن عند ربه

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

أعرف أن هذه السطور مرفوضة مسبقاً من الغالبية العظمى من المتابعين، ومن حقهم، بل والحملة على كاتبها ولعن صاحبها، لا ضير، لعل وعسى نفتح كوة فى حائط الكراهية المستعرة بين من احتكروا الحديث باسم الإسلام، ومن احتكروا الحديث باسم الوطنية، ويقيناً هناك فريق ثالث يبحث عن طريق ثالث، وقوام حكمته: فليعذر بعضنا بعضا.

شخصياً مع الفريق القائل بإعادة جثمان الدكتور عمر عبدالرحمن ليدفن فى مسقط رأسه (الجمالية/ دقهلية) كما أوصى، ولا يجرمنكم فى إنفاذ وصية الراحل شَنَآنُ قوم، الرجل لقى ربه، وحسابه عند ربه، واحتراماً لقدسية الموت الدفن بطريقة لائقة وكريمة، نحن شعب كريم العنصرين، ويقف إجلالاً موحداً عند مرور الجثمان مسجى، ونوحد برفع السبابة كناية عما فى القلب من توحيد.

مثل هذا الشعب الراقى الذى يتوشح بأخلاقية وتحضر وتمدن، لن يقف أبداً أمام مواراة جسد «فان» تراب الوطن، عودة جثمان عمر عبدالرحمن إلى وطنه بعد غربة طالت من أخلاق هذا الشعب، وأكثر منها بيان عملى على قمة السماحة والتسامح الذى يستبطنها هذا الشعب الكريم حتى مع من خرجوا عليه يوماً بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، لنضرب مثلاً لأنفسنا أولاً فى التسامح، وللعالم أجمع، شعب السماحة.

سيناولنى البعض بما لا أحب، وهذا شأنهم، الموت كالحب مابقالهوش جلال يا جدع، الله يرحم صلاح جاهين وينير قبره، وسيتلو علينا نفر من الرافضين لعودته ثبتاً من أقواله وفتاواه وما ترتب على تعاليمه لتلاميذه الذين قتلوا وخربوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد.

ومثلى يحفظ عن ظهر قلب سيرة عمر عبدالرحمن داخليا وخارجيا، ولست فى حاجة إلى مزيد من الشروحات على المتون، ولكن أخلاقياً هو ما يستوجب النظر إليه، وإنسانياً هو ما أتلمسه، ودينياً هو ما أستبطنه، «لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى»، من حديث الرحمة المهداة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.

لنضرب مثلاً لمرضى القلوب من الإخوان والسلفيين والتابعين، وسيلقى منهم ومنا ربه الكثير، إذا جاء أجلهم، الموت حق، وكل واردها، فإذا كانوا هم من يشمتون فى الموت ويلعنون موتانا، ويستكثرون على أبنائنا الشهادة، ويتوعدونهم بالسعير، فلنقف نحن منهم موقفاً كريماً، سبق أن وقفه أعظم الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ممن قاتلوه وآذوه وتآمروا على إطفاء نور الحق، «يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره». صدق الله العظيم.

والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذى وقف عند مرور جنازة يهودى، ترك فينا من إنسانيته وتحضره، ما إن تمسكنا به لن نضل أبداً فى مثل هذه القضية المثارة بضراوة فيسبوكياً، وستثار كلما لقى أحدهم ربه، وأثيرت أخيراً عند دفن جثة قاتل الجند عادل حبارة وورى التراب، وأعلم أن الغالبية تستبطن كراهية لعمر عبدالرحمن، وتحمله إثماً عظيماً، وترفض عودة جثمانه، وتخشى أن يتحول قبره إلى مزار لجماعته، شاهد القبر باسم صاحبه لا أصحابه.

وعطفاً على ما سبق، إذا سئلت الفاضلة السيدة جيهان السادات، وعمر عبدالرحمن هو من أفتى بقتل زوجها البطل الشهيد محمد أنور السادات، ستجدون قلباً أبيض من البفتة البيضاء، قبلاً سامحت قتلة السادات وهم أحياء يرزقون، ألا تسامح من بات بين أيادى الله، يقيناً ما تحمله هذه السيدة من أخلاق وإنسانية أكبر كثيراً مما يستبطنه البعض من حنق وثأر وكراهية للمسجى فى أصقاع بعيدة.

أخشى أننا فى حاجة لتحكيم العقل فى هذه القضية الحرجة، وقبلها أن ننظر ملياً إلى ما صرنا عليه من كراهية صارت تسد علينا نوافذ الرحمة، عمر عبدالرحمن حسابه عند ربه، حسابه فى السماء، لا تضنون بالدفنة الكريمة على أسرته، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولا تحكموا فى الجثمان عدالتكم، ادفنوه واتركوا حسابه للمولى عز وجل.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع