الأقباط متحدون - ويبقى الخلط بين الدين والسياسة
  • ١٩:٠٣
  • الثلاثاء , ٢١ فبراير ٢٠١٧
English version

ويبقى الخلط بين الدين والسياسة

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٠٦: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

رفضت دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا، الدعوى المقامة من أحد المحامين بحل حزب النور السلفى، وذلك لقيامه على أساس دينى، مؤكدة أنه ليس من حق أى فرد أن يطالب بحل حزب سياسى، وأن من له الحق فقط هو لجنة شئون الأحزاب. وبهذا الحكم يستمر حزب النور وغيره من الأحزاب الدينية التى ظهرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، وهو أمر يُمثل قمة التناقض مع دستور البلاد الحالى، وفى الوقت نفسه يكشف عن عدم الرغبة فى فتح المجال لبناء نظام سياسى ديمقراطى حقيقى ينهض على الفصل بين الدين والسياسة.

فتجارب البشر عبر قارات العالم المختلفة، من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، إضافة إلى أفريقيا وآسيا، كشفت أن التطور الديمقراطى يتحقق فى حال النجاح فى الفصل بين الدين والسياسة، فقد دفعت شعوب العالم المختلفة ثمناً باهظاً لظاهرة الخلط بين الدين والسياسة، وعانت البشرية كثيراً من تحالف رجال الدين مع رجال السلطة، رجال الدين يبرّرون لرجال السلطة أفعالهم، حتى إن ناقضت الدين، ورجال السلطة يملأون جيوب وخزائن رجال الدين بذهب المعز. عانت الشعوب الأوروبية كثيراً من تحالف الكنيسة مع الملوك والأباطرة، ومن تعاونهما جاءت أفكار شيطانية من قبيل بيع الفردوس وصكوك الغفران، وغيرها من الاتجار بالدين، أعاق هذا التحالف تكريس مبادئ حقوق الإنسان، كما أعاق عملية التطور الديمقراطى، وعندما ثارت الشعوب كان الثمن باهظاً بالنسبة للشعوب والأديان أيضاً، فسلوك رجال الدين وانحرافاتهم رفعت من معدلات الإلحاد فى المجتمعات الغربية عامة، والأوروبية خاصة، وكان الثمن فى روسيا القيصرية باهظاً للغاية، فمن علاقة القيصر برأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية جرى صك مقولة «الدين أفيون الشعوب»، فى إشارة إلى دور رجال الدين فى إطفاء جذوة الاحتجاج والغضب الناجم عن انتهاكات القيصر. تعلمت شعوب العالم الغربى الدرس، ومن ثم حرصت على الفصل بين الدين والسياسة، وبهذا الفصل تم حصر نشاط الكنيسة فى المجال الروحى الذى يربط الفرد بالرب، ولا شأن لها بالمجال العام فى البلاد.

ارتكب المجلس الأعلى السابق للقوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوى جريمة بحق البلاد عندما وضع يده بيد جماعة الإخوان والتيار السلفى وسلمهم مهمة تعديل دستور ١٩٧١، فمنح رئاسة اللجنة إلى المستشار طاق البشرى، وفى عضويتها صبحى صالح، كانت مهمة اللجنة فتح الطريق أمام شرعنة تأسيس الأحزاب على أساس دينى، وهو ما تحقق لهم بالفعل، فظهرت أحزاب دينية، منها «الحرية والعدالة» لجماعة الإخوان وحزب النور للجبهة السلفية، وغيرهما من الأحزاب التى نشأت على أساس دينى. وتواطأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع تيار الإسلام السياسى مرة ثانية من خلال ترك أحزاب التيار تقوم بتديين المجال العام فى البلاد وتستخدم المساجد فى الحشد للانتخابات، وترتكب عشرات المخالفات خلال العملية الانتخابية دون محاسبة. كانت النتيجة المنطقية لكل ذلك فوز تيار الإسلام السياسى بنحو ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان، هيمنوا على البرلمان بمجلسيه، وسيطروا على جميع لجانه، وبدأوا فى تدشين بنية قانونية لدولة دينية. وقد اكتملت حلقات الجريمة بتواطؤ المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرة ثالثة مع تيار الإسلام السياسى عندما سمح بترشّح محمد مرسى الذى كان هارباً من السجن، ولم يُحقق المجلس فى المخالفات التى ارتُكبت فى جولة الإعادة، سواء بالتحقيق فى بطاقات «المطابع الأميرية»، أو منع قرى قبطية بالكامل فى صعيد مصر من التصويت بقوة السلاح.

وللحديث بقية..
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع