الأقباط متحدون - خطوات نحو التقدم
  • ٢٣:٤٨
  • الاثنين , ٢٣ يناير ٢٠١٧
English version

خطوات نحو التقدم

د. عايدة نصيف

مساحة رأي

٣٦: ٠٨ ص +03:00 EEST

الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د/ عايدة نصيف
من يتابع الخريطة الثقافية لمصر المعاصرة لا يمكن أن يتجاوز أحمد لطفي السيد ودوره الكبير في المساهمة في تشكيل الحياة الثقافية المعاصرة في مصر بل في العالم العربي كله؛ عن طريق نشر الفكر الوطني المستنير، فقد ترك لنا الكثير والكثير من الكتابات والنظريات والتأملات في الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع، بالإضافة إلى أنه ترك لنا "قصة حياتي"، والتي عرض فيها مراحل حياته وما يصحبها من مواقف فكرية وحياتية ومعارك قيمية، بل كان له آراء تربوية وآراء معاصرة عن المرأة.

وأتوقف عند جوهر الفكر السياسي عند أحمد لطفي السيد وكيف أنه أداة لتطبيق الفكر، أما الركيزة الأساسية والقاعدة المهمة هي الأخلاق، وهنا يذكرنا لطفي السيد بمقولة أرسطو عن أن الأخلاق هي القاعدة الأساسية التي تحقق الديمقراطية؛ فقد ربط الأخلاق بالسياسة وهذا ما لم يتحقق حتى اللحظة التي أكتب فيها مقالي؛ فهو فكر مثالي يهدف إلى ما ينبغي أن يكون للصالح العام، وأفكار لطفي السيد لم تكن جديدة بالنسبة إلى الفكر العالمي، ولكنها كانت جديدة بالنسبة للفكر المصري، فكان ينادى وقتذاك بالنظر إلى الأمة على أنها مصدر السلطات، وكان يطالب بالدستور والديمقراطية والحرية وكان يركز آراءه السياسية حول ثلاثة محاور أساسية هي: الحرية والديمقراطية والقومية. ومن يحلل فكره في الجانب السياسي وقتذاك يجد اتجاه المستنير والذي كان يتسم بالوطنية.

أما عن آراء لطفي السيد التربوية، فكان همه الشاغل والأهم، وكان التفكير في التعليم بصورة بالغة والعمل على نشره والارتقاء بوسائله وطرقه ومناهجه؛ فقد شغل قلوب المصريين وعقولهم وكان امتدادا من الناحية العملية لحاجة الدولة ومن الناحية العقلية في الارتقاء بالإنسان ورغبة المجموع في ذلك، بل كان يخاطب المشاعر الإنسانية؛ فقد جمع في منهجه في نشر التعليم والفكر المستنير بين الجانب العملي والجانب العقلي والجانب العاطفي، وكانت له فلسفة في تربية الجيل تربية صحيحة تنطوى على الثلاثة جوانب السالفة الذكر في خلق جيل مستنير وواعٍ؛ فكان يجمع بين الفلسفة العقلية والتربية في بناء المواطن الإنسان وهو في الحقيقة بذلك امتداد لرفاعة الطهطاوي.

فقد أثر لطفي السيد بمنهجه وفكره تأثيرًا كبيرًا في الثقافة المصرية؛ فكان ينادي بالحرية وفي نفس الوقت الالتزام بالمعايير في كل أمور الحياة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، بل كتب العديد من المقالات في جميع مناحي الحياة، وترجم أكثر من كتاب لآراء أرسطو العقلانية.

بالإضافة إلى ما سبق اهتم بالمرأة وكان يرى أنه إذ كانت الثقافة قاسمًا مشتركًا بين البنات والبنين فإنها ليس من المناسب وقتذاك أن يقتصر القبول في الجامعة على البنين دون البنات، ومن ثم جاهد لطفي السيد لفتح باب الجامعة للفتيات وهذه خطوة لم تكن سهلة على المجتمع في هذا الزمن الذي عاش فيه لطفي السيد، وكان يؤمن بأن الجامعة لها دور كبير في إثراء الحياة الفكرية؛ فكان هدفه تنوير العقول ووجدان ليس مصر فقط ولكن الأمة العربية، وتحدث عن دور الأسرة وأن صلاح دور الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع وسعادة النساء بل والحركة النسائية في مصر؛ فقد سبق هذا الرجل عصره ونادي بتعليم المرأة حتى الجامعة في مطلع هذا القرن وكان له دور كبير في تحرير المرأة المصرية.

كان لطفي السيد اجتماعيًّا من الدرجة الأولى وترك لنا مشروع يتضمن القيم والعادات الأصيلة في مجتمعنا والتي فقدنا جزءًا كبيرًا منها الآن، ونحاول بالمؤتمرات والحوارات الضيقة الأفق القليلة العدد أن نبحث عن كيفية إعداد منظومة القيم التي افتقدنا جزءًا منها، بل حلل لطفي السيد في كتاباته أبعاد النجاح والفشل، وبحث في مظاهر الاضطراب والخلل الاجتماعي وشخص المرض ووضع العلاج؛ فهو متفلسف ومفكر مصري وعربي بحق، هو من ميدان التنوير والتجديد والذي نبحث عنهما الآن بل هو من أصحاب الثقافة الإنسانية الرفيعة. نبحث ونبحث عن مشاريع تجديدية وإصلاحية ولا نلتفت إلى تراثنا المعاصر التنويري من المفكرين المصريين.

ومن ثم أدعو الجميع إلى قراءة مشاريع لطفي السيد التنويرية والبنائية للمساهمة في خطوات نحو التقدم في بناء الإنسان ومن ثم بناء الوطن.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع