الأقباط متحدون - لماذا رد الفعل الروسي الهادئ
  • ٠٣:٥٩
  • الاربعاء , ٢١ ديسمبر ٢٠١٦
English version

لماذا رد الفعل الروسي الهادئ

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١٦

اغتيال السفير الروسي
اغتيال السفير الروسي

د. مينا ملاك عازر
شاهدنا جميعاً المشهد الدموي المخيف والموجع باغتيال السفير الروسي بتركيا وتألمت لسماع صوت صراخ النساء فور إطلاق النار، فما أوجع من رؤيتك لامرأة تتألم خوفاً، وما أقسى أن ترى أمن عاجز كالولايا يقف ليستمع باهتمام مبالغ فيه لبيان قاتل يقطر مسدسه دماء ضحيته، وسط استنفار أمني لتأمين القاتل، وهدوء لترك الضحية ترحل عن عالمنا في هدوء، كل هذا كان ملخص ما رأيته في مشهد الاغتيال المؤسف بكل حال من الأحوال.

لكنك إذا ما قارنت بين مشهد سقوط الطائرة الروسية بمصر وسقوط الرمز الروسي سفيرها بتركيا مدرجاًفي دمائه، تدرك أن ثمة بون شاسع بين ردفعل روسيا في الحالتين والسؤال لماذا هذا التباين؟ لماذا لم تمنع روسيا سياحها من السفر لتركيا كما فعلت حين سقطت طائرتها بمصر؟ وكما فعلت سابقاً حين سقطت طائرتها القاذفة بأيدي تركيا في سوريا، كيف يلتقي بوتين وأردوغان في روسيا في القمة التي تجمعهما ونظيرهما الإيراني.

أولاً لا يمكن وصف الرد الفعل الروسي بالهادئ، كما يتصور البعض فتصعيد روسيا الموقف لمجلس الأمن يعد اعتبار روسي بأن ما جرى اعتداء من دولة على الأخرى، وأنها لا تثق في التحقيقات التركية، واتجاه روسي لزيادة التركيع التركي أمامها حتى يصبح انبطاح خاصةً مع تخلي الغرب بأكمله عن تركيا بعد أحداث الانقلاب، وارتماء أردوغان في الأحضان الروسية، ما أسفر عن رغبة روسية متزايدة في الانتقام لإسقاط طائرتها الحربية وطائرتها المدنية بأيدي تركيا، لأن الروس يعلمون أنه وإن كان ثمة تراخي أمني مصري أدى لتفجير طائرتهم المدنية لكن هناك أيضاً ضلوع تركي في إسقاطها، فالروس ينتقمون بنار باردة حتى يكون انتقامهم أكثر أثراً.

كما أنهم في الوضع المصري، كانوا يريدون أن توقع مصر اتفاقية المفاعل النووي معهم، وهو ما يكاد يقتربون منه كلما تخطو المفاوضات خطوة نحو إتمام الاتفاق تلوح في الأفق بوادر عودة السياح الروس لمصر، كما أن الأمور في البداية لم تكن قد حُسِمت بأن ثمة عمل إرهابي في سقوط الطائرة، فكان الرد الفعل الروسي متمهلاً، غير أننا زدنا الأمور سوءاً بعدم تعزيتنافي الضحايا، وإقامتنا مهرجانات بشرم الشيخ، وقولنا بالعمل أننا لسنا بحاجة للروس، وأننا لم نقبض على الفاعل للآن، ولم نحاكمه أو نسلمه للروس، أما في اغتيال السفير الروسي فالأمر واضحاً للعيان أن ثمة عمل إرهابي وتواطؤ أمني، وليس تراخياً، حتى أن قتل الإرهابي من باب غلق الباب على روسيا بأن تطلبه لتحاكمه أو على الأقل تشارك في التحقيق معه لتنكشف أصابع أردوغان الواضحة،ما جعل قلب تركيا قوي، وترحب بإيفاد فريق تحقيق لها لمتابعة التحقيقات،كل هذا تفهمه روسيا وهي فقط تنتظر لتعرف الوسيلة التي تضغط بها على أردوغان، فإن كانت الوسيلة واضحة في مصر ومبررة بوقف وصول السياح لها لكنها يجب أن تكون واضحة في تركيا وأيضاً مبررة.

وأخيراً، وأهم ما في القول أن للروس سياساتهم التي تعرف جيداً أن الموقف لا يحتمل الضغط المباشر على تركيا، فهي لم تزل تلعق جراحها في سقوط حلب بأيدي الأسد، وجراحها بمقتل أربع من جنودها على أيدي الروس في ذكرى إسقاط الطائرة الحربية الروسية وجراح ركوع أردوغان أمام الدب الروسي ولأن للروس مصالحهم التي يجب مراعاتها، فكان يجب إتمام اللقاء الذي يجمعهم والإيرانيين والأتراك، فكان على الروس الوقوف رويداً ليعرفوا أين وكيف يسددوا ضربتهم التالية؟ لكن المهم بالنسبة لي ألا تكون هذه الضربة إلا حرباً عالمية ثالثة لتكون الحرب العالمية الأولى اندلعتا لاغتيال شخص مهم، فالحرب اندلعت لمقتل ولي عهد النمسا، وربنا يستر ألا تكون الثالثة ستندلع لاغتيال السفير الروسي، لأن بلادنا وببساطة اقتصادياً لاتتحمل أن تقع في قلب حرب عالمية ثالثة، مع فشل الحكومة الاقتصادي الذي نعاني منه.

المختصر المفيد يا الله اعط حكمة لقادة العالم، وعزاء للروس.