الأقباط متحدون - المشير حسين طنطاوى.. «المؤتمن»
  • ٠٢:٣١
  • الخميس , ١٢ يناير ٢٠١٧
English version

المشير حسين طنطاوى.. «المؤتمن»

مقالات مختارة | بقلم : محمود بسيونى

٠٢: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧

محمود بسيونى
محمود بسيونى

 قبل أن تجرفنا تصريحات وأقاويل وحكايات وأسرار 25 يناير مع اقتراب ذكراها، يمكن أن نتوقف قليلًا ونتذكر بمزيد من التأمل دور "المؤتمن" على مصر، المشير محمد حسين طنطاوى، وما تحمله فى ذلك التوقيت من ضغوط وتحديات تفوق طاقة البشر.

 
لقد تعرضت مصر لكل أنواع الأزمات الداخلية والخارجية، والتآمر من كل القوى السياسية على اختلاف تنوعاتها، كان الكثيرون حول المناصب.. قليلون حول الوطن.
 
"إحنا صابرين صابرين صابرين.. شايفين حضراتكم اللى حوالينا.. عايزينا نبقى كده.. مصر لن تسقط"، بهذه الكلمات لخص المشير طنطاوى مهمته وربط مصيره بمصير الوطن الذى ظل يدافع عنه طوال 60 عامًا من عمره، ولعله قاد معركة الحفاظ على "الأمانة" بنفس الإرادة والتصميم التى قاد بها رجال الكتيبة 16 مشاة فى معركة "المزرعة الصينية " ضد جنود شارون فى حرب أكتوبر 1973.
 
واجه المشير طنطاوى والجيش المصرى بعد تنحى الرئيس مبارك تحديات دقيقة وغير مسبوقة فى تاريخ مصر الحديث، كان مطلوبًا منه قيادة الوطن والجيش فى ظروف تقترب كثيرًا من حالة مصر بعد نكسة 1967، فقد كانت الأسلحة تتحرك من الحدود الغربية والشرقية والجنوبية إلى داخل مصر، وفى الشارع شباب غاضب وتظاهرات لا تتوقف، توابع حرب فى ليبيا، وحركة لجوء مصاحبة للقتال فى سوريا، تآمر كامل من جماعة الإخوان المسلمين وتمويل بلا حدود قادم لها من قطر، قوى سياسية لا تجيد سوى الكلام والمزايدات، ونشطاء يعرون الدولة فى كل مكان وأجهزة أمنية تلقت ضربات عنيفة فضلًا عن انهيار فى قدرات الشرطة على فرض الانضباط، عمليات سلب ونهب واسعة وتعدى على الأراضى الزراعية والنيل واستيلاء على أراضى الدولة، انهيار فى الاحتياطى النقدى مع أزمة اقتصادية عنيفة.. كان صوت الثورة ومعها الفوضى عاليًا.. وصوت الدولة ضعيفًا خافتًا ومتواريًا.
 
بخبث شديد بدأت هتافات "يسقط حكم العسكر" تتسلل إلى الميدان، وبدأت تقود الشباب للابتعاد أكثر عن القوات المسلحة، بل واستباحة منشآتها والاعتداء على جنودها الموجودين فى الشوارع لتأمينهم، حتى أن ناشطًا يُدعى سامح نجيب من الاشتراكيين الثوريين، قال بوضوح إن هدفهم إسقاط الدولة لبناء دولة الثورة الجديدة، وإن المجلس العسكرى لا يحمى مصالح الشعب المصرى بل يحمى مصالح الأغنياء وأمريكا وإسرائيل.. تصاعدت النغمة وبدأ الإعلام فى استخدامها والإخوان فى استغلالها.. وتحمل المشير طنطاوى كل ذلك حتى يعود الوعى مرة أخرى للناس، كان يُدرك أن الصدام فى ذلك الوقت فى غير صالح الدولة المصرية.. وقت الحساب لم يأتى بعد.
 
انشغل من أطلقوا على أنفسهم شباب الثورة بالمكاسب والسفريات والمناصب والتمويل الأجنبى، وانشغل الإخوان بالتمكين، وانشغلت القوى السياسية بمن يتولى الرئاسة، وعلى رأسهم محمد البرادعى الذى كان يملك تأييدًا أمريكيًا و تبشيرًا إعلاميًا لا ينقطع، بينما هو يحتقر الجميع كما ظهر فى تسريباته الأخيرة، وكان على المشير طنطاوى أن يستوعب كل ذلك، وأن يتحمل إهانات بلا سقف حتى يتخطى الوطن محنته.
 
حافظ المشير طنطاوى على الأمانة وظل الجسم الصلب للدولة المصرية متماسكًا فى مواجهة عواصف وأعاصير لم تتوقف لحظة واحدة، سلم السلطة للإخوان لكن لم يسلم الوطن أبدًا، كان يعلم أن لحظة الإفاقة قادمة لا محالة، وقد تأتى فى عدم وجوده، كان واثقًا فى معدن الشعب المصرى وأنهم الرهان الرابح على الدوام.
 
ظهوره فى ميدان التحرير يوم 11 نوفمبر الماضى كان رسالة لمن خطط ونفذ الربيع العربى وتحرك لتفكيك وحدة الوطن وإيذاء قواته المسلحة.. نحن فى الميدان وأنتم خارج البيت الأبيض.. المشير طنطاوى مد يده ليسدل الستار على معركة فى حرب مُمتدة للحفاظ على الدولة المصرية.. المشير لقن بهدوء من تآمر على مصر درسًا قاسيًا جديدًا يشبه الدرس الذى لقنه للعدو فى المزرعة الصينية.
نقلا عن مبتدا
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع