الأقباط متحدون - الأمانة التى حملها الإنسان
  • ٠١:٢٦
  • الاثنين , ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
English version

الأمانة التى حملها الإنسان

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٥٣: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦

خالد منتصر
خالد منتصر

 كثير من المفسرين ورجال الدين حاولوا الإجابة عن سؤال مهم ومحير وهو: ما المقصود بالأمانة التى عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان؟، أقنع عقلى تفسير فيلسوف العقل المصرى زكى نجيب محمود فى كتابه «من زاوية فلسفية» لتلك الأمانة، أنها الإرادة الحرة التى وإن يكن صاحبها معرضاً للخطأ فيما يختار ويدع، فهو كذلك قادر على اختيار الصواب، بل هو قادر على أن يبتدع هذا الصواب ابتداعاً، الفرق بين الإنسان وبين الظواهر الطبيعية التى خشيت من حمل أمانة الحرية هى أن تلك الظواهر لا مناص من أن تحدث فى مستقبلها بنفس طريقة حدوثها فى الماضى، لا لأنها تريد شيئاً وقد أرغمت على سواه، بل لأن طبيعتها هى أن تقع على نحو ما قد شاهدناه منها ولن يتاح لها أن تنتقد نفسها!، يستكمل د. زكى نجيب تحليله الفلسفى مفسراً سبب عدم خطأ الطبيعة، ذلك لأن طريقها قد رسم لها رسماً لا انحراف فيه ولا شذوذ، لأنها أعفيت من أمانة الاختيار الحر، الذى يرفض أمانة ونعمة الاختيار الحر هو مجرد عبد لا يملك تصريف أموره، الإنسان ليس كمجرى الماء الذى ينحدر فى طريقه وإن قابله حائل دار حوله لينصرف إلى حال سبيله، أما الإنسان المؤتمن على وديعة الحرية فله حرية الاختيار بأن يقاوم، وكثيراً ما يختار طريق المشقة دون الحياة اللينة الهينة، لذلك الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يعرف الطموح!، الإنسان هو الوحيد المغامر المخاطر، أما الطبيعة فلا مغامرة فيها ولا مخاطرة ولولا مغامرة الإنسان فى عالم المجهول لما كان له الذى كان من ثقافة وحضارة، ويصف د. «زكى» كل كشف علمى بأنه مغامرة انتهت بصاحبها إلى نتيجة موفقة، ظل الإنسان فترة طويلة مستسلماً لمنهج التسليم بالمقدمات التى يصفها بالبديهية ويستخدمها مسطرة وهدفاً، كان يخشى المغامرة طلباً للأمان الزائف، وكأنه ساكن بيت لا يبرحه خوفاً من التعرض للأخطار!!، وإذا قال لك شخص: وماذا عن الطاعة؟ فلتكن إجابتك: إننى اخترت الطاعة المبصرة لا الطاعة العمياء، الإرادة البناءة هى الخلق والإبداع، والإنسان هو صاحب العلم وصاحب الفن، وهو الكائن الوحيد الذى من المفروض أن يعرف القيم الثلاث: الحق والخير والجمال، لذلك لا يمكن أن أعتبر من يهدر قيم الحق والخير والجمال بالذبح والتفخيخ والتفجير واللعب بالجماجم وحرق البشر أحياء، لا يمكن أن أعتبره إنساناً، وأحياناً أعتبره فى مرتبة أقل من الحيوان!!، إذا كان يفعل ذلك من منطلق إيمانى دينى فهو قد رفض الأمانة، أمانة ألا يكون عبداً لأمير جماعة يسلبه حريته ويغسل دماغه ويزيف وعيه، أمانة أن يفكر ويختار وألا ينومه أحد مغناطيسياً ويخدره ويجعله مسلوب الإرادة أو بالأصح مسلوب الأمانة، إنه شخص كفر بالأمانة التى حملها له الله واختار أن يكون مجرد حجر أخرس من جبل أصم!!.

نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع