الأقباط متحدون - عادل إمام ومصر أم السينما
  • ٠٧:٠٨
  • الثلاثاء , ٨ نوفمبر ٢٠١٦
English version

عادل إمام ومصر أم السينما

مقالات مختارة | خالد منتصر

٣٩: ٠٧ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٨ نوفمبر ٢٠١٦

خالد منتصر
خالد منتصر

من الممكن أن تختلف مع الفنان عادل إمام على اختياراته الدرامية الأخيرة فى المسلسلات، كما كتبت أنا من قبل فى هذا المكان، لكنك لا يمكن أن تختلف على عادل إمام كقيمة فنية وتاريخ إبداع وبصمة كوميديا متفردة، عادل إمام ليس مجرد كادر أو لقطة فى شريط الفن المصرى والعربى، لكنه مساحة كبيرة ممتدة ومراحل فنية هى كالبحر الهادر فيها مد وجزر، عندما تجلس مع عادل إمام فأنت تجلس فى حضرة هرم فنى مصرى يستحق الاحتفاء بالفعل، لذلك اندهشت من هجوم بعض الشباب التونسى العنيف على «عادل» على صفحات الفيس بوك، وحماقة بعض الفنانين الصغار والنشطاء السياسيين هناك كرد فعل غريب وعجيب على قول «عادل» إن مصر هى أم السينما العربية!!، قال «عادل» تلك الكلمات وإذا بماسورة سباب على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى وكأنه نطق كفراً، صارت هناك حساسية شديدة عنصرية غير مفهومة ونعرات إقليمية غير مبررة خاصة من الأجيال الجديدة فى البلاد العربية، وبالتخصيص الأكثر حين يكون الحديث عن مصر، من الممكن أن نتجادل ونراجع بديهياتنا هل مصر أم الشعر أو أم المسرح أو أم الاقتصاد أو أم فن الرسم أو أم الرواية.. إلخ؟، معك كل الحق حين يكون الحديث عن الشعر مثلاً، لك الحق كعراقى أن تقول إن لدىّ المتنبى والسياب ونازك الملائكة، وكسورى أن تقول لدىّ «نزار».. إلخ، ممكن ومفيش مشكلة، وحين يكون الكلام عن الرواية من حقك أن تقول كجزائرى عندى واسينى الأعرج وأحلام مستغانمى.. إلخ، هذا كلام مقبول ولا مبالغة فيه، لكن عندما يكون الحديث عن السينما فلا مكان لحديث أو جدل أو حتى نبرة استنكار أن الأم والأب والجد والأسرة كلها هى مصر وسينما مصر من محمد كريم حتى محمد خان!، ما وجه الغرابة فى ذلك؟، لماذا الدهشة والعصبية؟، السينما كصناعة لا توجد إلا فى مصر، حقاً فيه كبوات لكنها ما زالت تنبض والقاعات ما زالت تضىء والجمهور ما زال يستمتع والنقاد ما زالوا يطمعون فى الأجمل،

ولو تركنا الصناعة واتجهنا إلى الفن نفسه، فلن تجد سينما عربية مرت بكل هذه التغيرات وولدت فيها كل هذه التيارات إلا السينما المصرية!، نعم هناك تجارب هنا وهناك فى البلاد العربية، نعم هناك فيلم يكسب سعفة ذهبية هنا و«تنين فضى» هناك فى الجزائر أو تونس، نعم هناك الأخضر حامينا وفريد بو غدير.. وآخرون متألقون، لكن السؤال أين التيار؟، أين التنوع الخلاق؟، أين السينما كحركة وتاريخ ونمو وتدفق وصراع وموجات وأيادٍ عاملة فنية تمثل قاعدة تحتية للصناعة من مونتيرين ومصورين وفنيى صوت وإضاءة.. إلخ، مصر كما قال عنها الشوام قبلنا هى هوليود الشرق، ولا أرى سبباً واحداً للغضب أو التنصل من الاعتراف بهذه الحقيقة الساطعة، وإذا كان الرئيس التونسى بنفسه قد أقر بهذه الحقيقة وكرَّم رمزاً من رموز الفن المصرى وهو الفنان الكبير عادل إمام، فلماذا يخرج بعض الحمقى ليشتموا ويسبوا وينزلوا فيديوهات بعناوين فلان يلقن «عادل» درساً وفلان يشتمه وفلان يعلمه الأدب.. إلخ، ويبدأ التربص بكل لفتة وحركة، مرة يقولون عادل إمام لم يصافح وزير الثقافة، ومرة دخن ونفث الدخان فى وجه الوزير، ومرة أخرى رفض باقة الزهور وتعالى على الصحفيين.. إلخ، ألستم أنتم الذين قدمتم الدعوة لعادل إمام؟، لماذا لم تكتفوا بأن يتم تكريم فنان تونسى أو جزائرى فى الحفل الختامى وخلاص؟!!، الإجابة التى تهربون منها هى لأن عادل إمام كاريزما وسوبر ستار وإضافة وفرصة للمهرجان، الإجابة تراها فى عيون التوانسة العاديين الذين فى الشارع وفى الأوتيل وفى كل مكان هناك من الذين يعشقون عادل ويحلمون بالسيلفى معه!، هؤلاء هم المعيار والترمومتر والصدق.

يا «عادل» ستظل أيقونة البهجة وقديس الفرح ولمسة الحنو التى تهدهد قلوبنا المكدودة، أما السينما المصرية فلها قاموس وأرشيف وتاريخ يحميها.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع