الأقباط متحدون - أحاديث الدولار
أخر تحديث ٠٤:٤٠ | الثلاثاء ٤ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢٤ | العدد ٤٠٧٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أحاديث الدولار

د. محمود خليل
د. محمود خليل

فى هذه اللحظات.. لا صوت يعلو فوق صوت سعر الدولار، فمنذ أن التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، السيد طارق عامر محافظ البنك المركزى، والتكهنات تشير إلى أن ثمة ساعات معدودات تفصلنا عن خفض جديد لسعر الجنيه أمام الدولار، هكذا تؤكد العديد من التقارير، وهى تكهنات بدأت مع كلام الرئيس عن الدولار فى افتتاح مشروع تطوير منطقة غيط العنب بالإسكندرية، حين تحدث عن توجيهاته للحكومة بتوفير السلع والخدمات الأساسية للمواطنين، وضبط أسعارها، بغض النظر عن سعر الدولار!.

ليس ثمة مفر من هذه الخطوة، لسببين، أولهما سبب واقعى يتمثل فى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه فى السوق السوداء إلى معدلات تاريخية، بعد أن تجاوز الـ13 جنيهاً، وثانيهما سبب عملى يتعلق بالحصول على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى (4 مليارات دولار)، ومن ضمن شروط الحصول عليها تقليل الفجوة بين السعر الرسمى والسعر الموازى للدولار داخل السوق المصرية. وتراهن الدولة ومعها بعض الخبراء الاقتصاديين على أن اتخاذ هذه الخطوة سيساعد مصر فى الحصول على مليارات الدولارات -عن طريق القروض- تمكنها من ضبط السعر. فالمسألة ليست فى أن ترفع سعر الدولار البنكى ليصبح 11 أو 12 جنيهاً، فعملياً تجاوز سعر الدولار «الأسود» 13 جنيهاً، كما ذكرت لك، المشكلة فى توفير السيولة الدولارية التى تمكن الحكومة من توفير الدولار لمن يريد، حتى تستطيع تلجيم السوق السوداء. وإذا تم التعويم دون الحصول على الدولارات -عن طريق القروض أو المساعدات أو الودائع الأجنبية- فسندخل محنة كبرى لا يعلم سوى الله مداها، لأن تعويم الدولار دون توافره فى البنوك سيرفع سقفه فى السوق السوداء إلى أرقام غير مسبوقة، وسيكون تأثير ذلك عنيفاً على أسعار السلع، بشكل يفوق أى قدرة على التحمل!.

ونحن على أبواب التعويم -المدار أو الكامل- للجنيه المصرى لا بد أن يكون صانع القرار مطمئناً وواثقاً من أن الحصول على الدولارات من شرائح القروض العديدة التى دخلت فيها الحكومة سوف يتم فور اتخاذ القرار، لأن أى تأجيل أو تهنيج يحدث سيؤدى إلى عواقب غير مأمونة. الكل يعلم أن ثمة أطرافاً عديدة تلعب فى سوق الدولار: مضاربون ورجال أعمال وإخوان ومواطنون. ومن مصلحة هؤلاء أن ينطلق السعر فى السوق السوداء بلا لجام، ولا يأبه هؤلاء بأوضاع القطاعات العريضة من المصريين التى ستضار بشكل غير محتمل، نتيجة هذه الممارسات، ولا بالأوضاع التى تعيشها البلاد خلال الظرف الحالى. قرار تعويم الجنيه جزئياً أو كلياً ينطوى على قدر كبير من الخطورة، لذلك لا بد أن تكون الحكومة واثقة من قدرتها على إدارته بشكل لا يؤدى إلى إضافة المزيد من الفوضى إلى المشهد الاقتصادى فى مصر. نشرت صحيفة «المصرى اليوم» أمس الأول، أن مصادر حكومية توقعت تأجيل الاتفاق مع صندوق النقد لحين قيام القاهرة بتدبير 6 مليارات دولار بعيداً عن القرض، وأكدت وزيرة التعاون الدولى أن مصر تحشد أصدقاءها لتمرير قرض البنك الدولى. ويعنى ذلك أن بعض أعواد حزمة الدولارات التى يمكن الاعتماد عليها فى اتخاذ قرار التعويم لا تزال «علم غيب».. الأمر خطير!.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع