الأقباط متحدون - الحكم باعدام مصطفى خميس ومحمد البقرى العامﻻن بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار
أخر تحديث ١٢:٠٧ | الأحد ٢٨ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٢٢ | العدد ٤٠٣٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الحكم باعدام مصطفى خميس ومحمد البقرى العامﻻن بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار


كتب : سامح جميل

فى مثل هذا اليوم 28 اغسطس 1952م ..

ابتدأ الحادث بتنظيم عمال كفر الدوار وقفة احتجاجية بعد عشرين يومًا من ثورة 1952 لإعلان مطالبهم منددين بنقل العديد من العمال لفرع "كوم حمادة" وتدني الأجور والحوافز وتدهور سكن العمال، فقامت قوات أمن كفر الدوار بمحاصرة المصنع وأطلقت النيران على العمال فسقط عاملا قتيلا.
وهو ما دعا العمال في اليوم نفسه لعمل مسيرة لباب المصنع وعندما سمعوا بحضور الرئيس محمد نجيب رددوا هتافات" يحيا القائد العام... تحيا حركة الجيش" وعندما تأخر نجيب – الذي لم يحضر– خرج العمال لانتظاره عند "مدخل المدينة".
وفي طريقهم مرت مسيرة العمال على أحد نقاط الجيش وألقى العمال التحية عليهم. وبدأت المعركة بين الجنود والعمال ولم تستمر المعركة لأكثر من ساعات فتم القبض على مئات العمال وتشكلت المحاكمة العسكرية برئاسة عبدالمنعم أمين أحد الضباط الأحرار ومن كوادر الإخوان المسلمين، ونصبت المحاكمة العسكرية في فناء المصنع، واتهم مئات العمال بالقيام بأعمال التخريب والشغب وكان من ضمن المتهمين طفل عمره 11 عامًا.
وتم النطق بحكم الإعدام على العامل محمد مصطفى خميس البالغ التسعة عشر عامًا، وتم النطق بذات الحكم على العامل محمد عبد الرحمن البقري البالغ من العمر السبعة عشر سنة.
ومن جانب الرئيس محمد نجيب قام بمقابلة أحد العاملين المحكم عليهما بالإعدام، وساومه بأن يخفف الحكم إلى السجن المؤبد في مقابل قيامه بالاعتراف على رفاقه العمال وإدانة حركتهم إلا أنه رفض، وتم تنفيذ حكم الإعدام على "محمد مصطفى خميس" و"محمد عبد الرحمن البقري" في يوم 7 سبتمبر من العام نفسه بسجن الحضرة بالإسكندرية تحت حراسة مشددة وسط أصوات العاملين "حنموت وإحنا مظلومين".
فى يوم 12 و13 اغسطس 1952 خرجت مظاهرات عمالية كبيرة بشركة مصر للغزل والنسيج والتى كان يراسها من قبل قيام الثورة حافظ عفيفى..واشتبكت قوات الشرطة مع العمال فقتل 9 بينهم شرطيان ..وجرح23 شخصا ..واشتعلت النيران فى المبانى والسيارات وعقدت محكمة عسكرية برئاسة
قائد الجناح عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة ..وقضت هذه المحكمة باعدام كل من مصطفى خميس ومحمد البقرى ..العامﻻن بالمصنع..وسجن 12 اخرين..وبراءة عدد من المحالين للمحكمة..واسلوب المحكمة التى ضمت كمال الدين حسين والبكباشى عبد المنعم امين اﻻخوانى الهوى..
ووضعت تنظيم حدتو الشيوعى فى مأزق وفى وضع بالغ الحرج حيث كان مؤيدا للثورة ولكن الدفاع عن العمال كانت قضيته المقدسة ..ويقول احمد حمروش الضابط بالصف الثانى من ضباط الثورة وعضو حدتو ان مجلس قيادة الثورة قد صدق على الحكم باﻻغلبية وليس باﻻجماع وبمعارضة جمال عبد الناصر وخالد محى الدين والقائم مقام يوسف صديق ..وفى مذكراته "كنت رئيسا لمصر"لمحمد نجيب "يقول ارسل لى عبد المنعم امين الحكم للتصديق عليه وتوقفت وطالبت بان التقى بخميس والبقرى وحضر مصطفى خميس وكان ثابتا مرفوع الراس وكانه فى حفل زفاف وسالته عمن ورائه فقال ﻻاحد ورائى وانه لم يرتكب مايستحق اﻻعدام..ولم اجد مفرا من ااتصديق على الحكم..ونجد ان سيد قطب كتب مقالة فى مجلة التحرير وهى مجلة الثورة حينئذ والتى كان يرأسها صﻻح سالم عضو المجلس وطالب سيد قطب بتطبيق حد الحرابة من تقطيع اﻻطراف على العمال وخاصة خميس والبقرى..والذى دافع عن خميس فى المحكمة الخاصة الصحفى موسى صبرى الصحفى لعدم وجود محام وﻻنه حاصل على ليسانس القانون..
وكانت هذه اﻻعدامات التى نفذت فى 7 سبتمر من نفس العام صفحة سوداء بين العمال والثورة ..!!
مع قيام ثورة 23 يوليو 1952 زادت آمال وطموحات الشعب المصري بجميع طوائفه من فلاحين وعمال في العيش الكريم وعودة حقهم المنهوب في الحياة التي يستحقونها، إلا أن الواقع أبى، وكانت قصة “خميس والبقري” وإعدامهم قبيل عيد الأضحى وكأنهم أضحية، أكبر شاهد على استمرار القهر.
بداية المأساة.. والمؤامرة
بدأت الأحداث 12 أغسطس 1952 خلال وقفة احتجاجية سلمية نظمها عمال بمصنع كفر الدوار؛ مطالبين بزيادة أجورهم محتجين على نقل مجموعة من العمال من مصانع كفر الدوار إلى كوم حمادة بدون إبداء أسباب، مما أدى إلى إعلان إضرابهم عن العمل وذلك ليصل صوتهم للجيش.
ولأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فوجئ العمال بقوات الأمن التابعة لكفر الدوار تحاصر المصنع من جميع الاتجاهات، تحت توجيهات القيادة العامة في حركة الجيش الذين ظنوا أنهم هم المنقذ لهم ومحقق مطالبهم، حيث أطلقت قوات الأمن النيران علي العمال فسقط أحد العمال قتيلا.
ولأنهم أيضا مازالوا معتقدين أنه المنقذ، وبمجرد علمهم أن رئيس الجمهورية محمد نجيب وقتها، سيمر عند باب المصنع، نظم العمال مسيرة أخرى أمام المصنع مرددين هتافات مساندة للجيش والقائد العام؛ إلا أن نجيب لم يأتِ بالأساس فخرج العمال عند مدخل المدينة بالمسيرة وفي طريقهم مروا على أحد نقاط الجيش وهتفوا للجيش الذي كان شاهرا سلاحه في وجه العمال!.
كانت المفاجأة الكبرى، انطلقت رصاصة من جهة العمال على أحد العساكر فسقط قتيلا، مما أشعل الأمر بين الجنود والعمال العزل فتم إلقاء القبض علي مئات منهم ومن بينهم محمد مصطفى خميس 19 عاما، ومحمد عبد الرحمن البقري 17عاما، ومن ضمنهم من أيضا لم يتجاوز الحادية عشر عاما.
تشكلت المحكمة العسكرية برئاسة “عبد المنعم أمين” أحد الضباط الأحرار وبحضور الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” الذي شغل منصب وزير للداخلية في ذلك الوقت ووجهت المحكمة للعمال تهم بالقيام بأعمال التخريب والشغب وانتهت المحكمة في أربع أيام وصدر الحكم على خميس والبقري بالإعدام شنقا.
ولاكتمال المسلسل كان دفاع المتهمين هزيل وضعيف بكلمتين شكليتين أدانتهم أكثر من أن دافعت عنهم، وتم تنفيذ حكم الإعدام على خميس والبقري في يوم 7 سبتمبر من نفس العام قبل العيد الكبير بأيام بسجن الحضرة بالإسكندرية تحت حراسة مشددة وسط أصوات خميس والبقري اللذان صرخا “حنموت وإحنا مظلومين” وهكذا انتهت حياة الشابين ولم يتركبوا أي ذنب يدينهم سوى علو صوتهم في المطالبة بحقوقهم البسيطة.
هذا، فضلا عن عشرات الأحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة بجانب ذلك بث الرعب في قلوب العمال بإجبارهم على الجلوس في دائرة كبيرة تحت حراسة مشددة من جنود الجيش وأذاعت عليهم الأحكام غير المعقولة من خلال مكبرات الصوت وسط ذهول ورعب الجميع وكان ذلك في النادي الرياضي في المدينة.
ومن المؤلم، وافق مجلس قيادة الثورة على الحكم، رغم اعتبار العمال أنه من المفترض يكون هو حاميا لهم، بل زاد من الألم أن صدق نجيب على الحكم، وبعد أن أقنعه عبد الناصر بضرورة ردع التمرد حتى لا يجرؤ أحد على تكرار ما حدث، على حد قوله في كتابه «شهادتي للتاريخ»، رغم اقتناع نجيب نفسه ببراءة الشابين المظلومين!.
ودارت نقاشات داخل مجلس قيادة الثورة انتهت إلى تنفيذ حكم الإعدام للسيطرة على الأوضاع و حتى لا تتكرر إضرابات أخرى ضد السلطة الجديدة كما حدث في كفر الدوار.
ويقول “طه سعد عثمان” في كتابه “خميس والبقري يستحقان إعادة المحاكمة” أن محمد نجيب التقى بخميس وساومه بأن يخفف الحكم إلى السجن المؤبد في مقابل قيامه بالاعتراف على رفاقه العمال وإدانة حركتهم ولكن خميس رفض.
تعتبر بعض القيادات العمالية حكم إعدام القياديين العماليين “خميس والبقري” وصمة عار في جبين أعضاء مجلس قيادة الثورة سنة 1952، وذلك لصغر سنهما كما أن حكم الإعدام ناقض مبادئ الثورة و نشر خبر إعدامهم الرعب في صفوف الحركة العمالية وأعطى انطباعا بأن “الإعدام” سيكون مصير المعارضين للنظام الحكم الجديد وسياساته.
وتسبب الحكم في كسر الحركة العمالية لعدة سنوات، خاصة أنه حدثت مساومات بين الضباط والعمال لإجبار المتهمين على الاعتراف بوقائع الاشتباكات التي وقعت على خلفية الإضراب رغم عدم وجود علاقة بين الحدثين.
رغم الامتيازات التي حصل عليها العمال في الفترة الناصرية الا ان فكرة إعدام خميس والبقري بقيت اهم ما يعيب ثورة يوليو بالإضافة الي تأميم الحركة العمالية وإحكام السيطرة عليها جعلت المكاسب والامتيازات ماهي الي سراب زائف...!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter