الأقباط متحدون - الشيخ كريمة وخفّة ظِل المصريين
أخر تحديث ٠٥:٥١ | الاثنين ١ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب ١٧٣٢ش ٢٥ | العدد ٤٠٠٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الشيخ كريمة وخفّة ظِل المصريين

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

 وقع الشيخُ الجليل د. أحمد كريمة في الفخّ ذاته الذي يتصيّدنا به المتربصون الذين يكرهون التنوير ويزرعون الظلامَ في أركان العقول. هو الفخُّ ذاتُه الذي حاكه حولى وحول غيرى من الأدباء، حُواةُ «القصّ واللصق»، واجتزاء الأقوال من سياقها ليتشوّه المعنى، فيكفّرنا هواةُ التكفير مهووسو الشهرة القافزون فوق أكتاف الجادّين.

 
قال الشيخ كريمة: إن ديننا بريءٌ مما ينسبه له المغرضون من فتاوى سخيفة مثل أن «ذنوب المسلمين سوف توضع في ميزان اليهود والمسيحيين!!»، فحذف الحاذفون الشطر الأول من كلامه، فبدا كأنما يؤكد المعنى المغلوط الذي ودّ نفيه. وهذا مستحيلٌ على ربّ العزّة الذي حرّم الظلمَ على نفسه في حديث قدسى: «يا عبادى إنّى حرّمتُ الظلمَ على نفسى، وجعلتُه بينكم محرّمًا؛ فلا تظالموا».
 
وبالمثل، قلتُ أنا في أحاديثَ تليفزيونية: «سيدنا إبراهيم مش نبى، ده أبوالأنبياء»، فحذف الحاذفون الشِّطرَ الأخيرَ من كلامى، وكتبوا مانشيتات الصحف بالبونت العريض: (فاطمة ناعوت: سيدنا إبراهيم مش نبي!!) وصدّق مَن صدّق، مثلما صدقوا ما وُضِع على لسان د. كريمة! لكن الفارق بيننا، هو أن المتربصين بنا نحن العلمانيين والكتّاب، أشدُّ مكرًا وقسوة واستعدادًا للكذب، من المتربصين بشيوخنا الكرام.
 
لن أعاتب الشيخَ الجليل على تبديل موقفه منى، بعدما منحنى شهادةً ممهورة بتوقيعه موثّقة بختم مكتبه، تُفيد براءتى من التهمة الكذوب: «ازدراء الأديان»، تلك التي رمانى بها المتصيّدون ضعيفو الإيمان، ثم عاد لسبب غامض واتهمنى بالردّة في برنامج تليفزيونى، فقط سأقول له ببساطة ما قاله الرسولُ عليه الصلاة والسلام: إنه قد باءَ بما رمانى به.
 
لكننى سأنحو بالمقال منحًى أخفّ وطأة من التشويه العمدى والاغتيال المعنوى والتكفير، نحو خفّة ظل المصريين في تعليقاتهم على الشيخ الفاضل حين ظنّوا أنه أفتى بتوزيع ذنوبنا نحن المسلمين على أشقائنا المسيحيين.
 
قال عادل جرجس: «إذا كانت ذنوب أخى المسلم هتنزل عليّ، لكى يدخل الجنة، فمرحبًا بذنوبه ومبروك عليه جنته. ولكن مادامت هشيل ذنوبه فرجاءً يتعامل معى بإنسانية ونحن على الأرض». وقال ريمون مكرم ضاحكًا: «على الإخوة المسلمين أن يتقوا ربنا فينا وميعملوش ذنوب كتير علشان إحنا اللى هنشيل في الآخر.‫ هتودونا جهنم منكم لله». وقال آخر: «أنا مسلم وأول مرة أسمع الكلام ده. بس من بكرا هانزل أبلطج وأعمل كل الحرام براحتى. مش كنتوا عرفتونا الفتوى دى بدرى شوية هههههه». وقال صفوت سدراك أمين: «الله يسامحك يا شيخ كريمة. ‫كنتُ ومازلت أحبك». ‫وعلى سبيل الهزار: «أنا ممكن أختار اللى هاشيل ذنوبهم، ‫واللا هايكون إجبارى؟!». وقالت سوزى صبرى مرجان: «هو المسلم مش عاقل وراشد ومسؤول عن تصرفاته؟! ولا ها نلبس على الأرض وحتى في السما كمان؟!». وقال شنودة عبدالمسيح: «يا بخت الملحدين والبوذيين والهندوس، ملهمش ذنوب!»، أما مايكل مايكل، كتر خيره، فقد خصّنى بكرمه وحجز ذنوبى مسبقًا ليحملها عنى قائلا: «أنا حاجز ذنوبك يا أستاذة فاطمة»، فرددتُ عليه بأننى سأحاول أن أقلّل من ذنوبى منذ اليوم، عرفانًا بفضله، سوى أن سكرتيرتى الجميلة الأستاذة منى فؤاد كانت قد سبقته وحجزت ذنوبى، لكنها أردفت ضاحكةً: «هنيالك ياللى هتعيشها دنيا وآخرة يابن المحظوظة يا مسلم!».
 
تحية احترام للشيخ أحمد كريمة، وطوبى لقومٍ يحوّلون المحنَ الطائفية إلى ابتسامات ومحبة، بدلًا من ردّ الإساءة بالإساءة.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع