الأقباط متحدون - التعصب أسلوب حياة
أخر تحديث ٠٢:٠٧ | الاربعاء ٦ يوليو ٢٠١٦ | ٢٩ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

التعصب أسلوب حياة

سحر الجعارة
سحر الجعارة

اليوم، وأنت عائد من صلاة العيد «فى الخلاء».. تخيل أنك تعيش فى وطن يحرمك حق ممارسة شعائرك الدينية، لأنك «مختلف» عن الأغلبية، وأن فى وطنك «عمائم» تلعنك جهاراً نهاراً، وتسخر من دينك بل تكفرك.. لا لشىء إلا لتتكسب من وراء تلك اللعنات!

تصور أن تكون «مضطهداً» بسبب «خانة الديانة» فى الرقم القومى، رغم أنك لم تختَر تلك الديانة بل ورثتها عن والديك، وخروجك عنها يعنى فى أفضل الأحوال «قتلك» وتشريد عائلتك من بعدك لأن «التعصب أسلوب حياة»!

ومن المضحكات المبكيات أن يكون فى هذا الوطن من يطنطن بسماحة «دين الأغلبية» ووسطيته، ومن يستفيض فى الثرثرة عن الحريات الدينية.. رغم أنك محروم من تقلد العديد من المناصب العليا، محروم من بناء دار للعبادة، تسكن خانة ضيقة يصنفونها «أقلية دينية» فى السجلات الرسمية.. وتخفى اسمك الذى يعلن هويتك المسيحية أحياناً (إن كنت تعمل طبيباً مثلاً)، ولا تجاهر بالأكل والشرب فى نهار رمضان لأن كتائب «النهى عن المنكر» لا تعترف بوجود مسيحيين فى مصر! (نائب رئيس حى العجوزة «ياسر فرج»، شكّل حملة للأمر بالمعروف وضبط أكثر من 100 شخص مفطر فى نهار رمضان)!

حتى «الدولة» التى تحدثك عن الأمن والاستقرار وتدغدغ مشاعرك بقانون «دور العبادة الموحد» تتخلى عنك فى أول كارثة، وتسلمك «تسليم أهالى» لتعقد «جلسات صلح».. وكأن لا دماء سالت ولا منازل أُحرقت ولا أسر تم تهجيرها ولا كنائس أغلقت!!

لا تصدق ما يروجون له عن «تجديد الخطاب الدينى»، فالأزهر (المؤسسة الدينية الرسمية) وهابى الهوى، مخترق من الإخوان، وممول (فى هيئة تبرعات) من «عاصمة الصحراء».. وإمامه الأكبر لا يخفى تكفير الأقباط!

يقول شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب»، فى حوار مسجل ومذاع وموجود على «يوتيوب»: إن المسيحيين «كفار» لأنهم لا يؤمنون بسيدنا «محمد»، عليه الصلاة والسلام، ولا بالقرآن الكريم. أيضاً يقول «الطيب» إن المسيحيين يرون المسلمين «كفاراً» لأنهم لا يؤمنون بالتثليث ولا بالمسيحية كما هى الآن.

فهل تسأل بعد هذا عمن يشعل الفتنة؟!

هل العقائد الدينية «عباءة» يمكن أن نتبادلها، أو (نقيّفها على مقاس الآخر)؟

لا تصدق ما يروجون له فى المؤتمرات الدولية عن (نشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب).. هذا «خطاب تجميلى» مثل عمليات التجميل التى تخفى وجهاً قبيحاً مشوهاً بالعنصرية والتطرف والتخلف معاً.

هل تنتظر فى بلد هذه هى ثقافته السائدة ألا يتم تهجير أسرة مسيحية بسبب شائعة، مثلما حدث فى قرية «الكرم»، وألا يتجمهر أهالى القرية لتعرية امرأة مسيحية مسنة وسحلها والتنكيل بها؟

هل تتوقع أن نكون «أرحم» بمسيحيينا من «داعش»؟.. لقد أعلن تنظيم «داعش» مسئوليته عن اغتيال القس «رافائيل موسى»، كاهن كنيسة العريش، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية التى نقلت بيان التنظيم، فإن التنظيم سيقوم بعمليات شبيهة لاغتيال من وصفهم بـ«النصارى الكفار»!

هل ترى فرقاً كبيراً بين أن يهدر دمك «عالم جليل» أو «شيخ سلفى» أو «تنظيم إرهابى»؟.. وهل يختلف الموت برصاص «أعداء الوطن» عن الاغتيال بأيادى «أبناء الوطن»؟

الموت واحد، واليتم واحد، و«الفتنة الطائفية» سيناريو واحد يتكرر بنفس مشاهده تقريباً: (فتوى متطرفة أو شائعة، فى قرية فى الصعيد أو سيناء، وسلاح مجنون فى يد شاب يدعى الإسلام.. ثم قتل وحرق وتهجير.. يعقبها جلسات صلح تُسقط حقوق الأقباط وعدة تصريحات إعلامية لتجميد الموقف).. ويبقى الحال على ما هو عليه حتى حريق آخر ونزيف آخر!

شائعة جديدة، آخر أيام رمضان، سرت كالنار فى قرية «كوم اللوفى» بشمال «المنيا»، عن تحويل الشاب المسيحى «أشرف خلف» منزله إلى كنيسة، كان من نتائجها إحراق 4 منازل لأقباط القرية. ولأول مرة تصدر «مطرانية سمالوط» بياناً ترفض فيه اللجوء إلى جلسات الصلح العرفى، وتطالب بتعويض الأقباط المتضررين خلال الأحداث، وتجدد مطالبتها السلطات بالموافقة على طلبها ببناء كنيسة فى القرية.. تصوروا أن المطرانية تقدمت للسلطات منذ 10 سنوات ببناء كنيسة فى أرض تابعة للمطرانية، حتى لا يضطر الأقباط للذهاب للصلاة فى كنيسة القديس «أبوسيفين» بعزبة «رفلة» التى تبعد عن القرية أكثر من ثمانية كيلومترات.. ولا حياة لمن تنادى.

هناك مشكلة حقيقية لدى الأقباط، وهى أنهم -أحياناً- يكتفون بالعزلة داخل كنائسهم، يعتبرون الحديث عن حقوق المواطنة والمساواة مسئولية «البابا»، ويفضلون «الصمت» لتجاوز مخاوف الحرب الأهلية.. وهذا خطأ من وجهة نظرى.

حين قال البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية: (وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن).. كان يصر على وجود وطن يصون الحق فى الحياة، وليس وطناً يعتبر كل مسيحى هدفاً سهلاً للاغتيال والجنون والتطرف الدينى.

لا بد أن يطالب الأقباط باحترام عقيدتهم وإنسانيتهم فى الإعلام والتعليم ودور العبادة.. ويصرون على تنفيذ «وعد الرئيس» بإعادة بناء الكنائس.. حتى لا يكون مصيرهم هو انتظار الموت وسط نيران الحرائق.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع