الأقباط متحدون - رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية
أخر تحديث ٢٠:٢٦ | الجمعة ٦ مايو ٢٠١٦ | ٢٨برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٢٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية

بقلم - شريف الشوباشي
أَعلم ياسيادة الرئيس أنك لن تطلع على هذه الرسالة حتى لو افترضنا أنها تكتسى أهمية فى ظل الظروف الحساسة التى تمر بها البلاد لأنه مع هذا الافتراض فإن المحيطين بك سوف يحجبونها عنك لسبب بسيط وهى أنها تتعارض مع فلسفة الحكم التى يؤمنون بها.

 
وارجو أن تعلم أننى من المؤيدين لك والمساندين لحكمك فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر لسبب واحد وهو أنك الدرع الوحيد ضد فكر الهكسوس الجدد الذين يحلمون بأن يسوسوا البلاد بالحديد والنار باسم الإسلام وديننا السمح برىء منهم ومن عقائدهم الشاذة. ومن المؤكد أنك تعلم أنك تحظى بشعبية كبيرة فى البلاد وإن كانت هذه الشعبية قد بدأت تتآكل للأسباب التى سأسعى لطرحها هنا بإيجاز شديد.
 
لا شك عندى أنكم قد درستم فنون الاستراتيجية فى الكلية الحربية وكيف كان أعظم العباقرة العسكريين من أمثال اسكندر الاكبر ويوليوس قيصر ونابليون يتفادون مواجهة شاملة مع أعدائهم وكانوا يسعون إلى تفتيت صفوف الجيش المعادى على أرض المعركة. وقد خسر نابليون معركة واترلو لأنه لم ينجح فى الفصل بين جيش ولنجتون وجيش بلوخر فاضطر ان يواجه الجيشين معا.
 
أما فى علم السياسة فإن من أهم مبادىء المواجهة كما شرحها ماكيافيل للأمير الإحجام عن مواجة أكثر من خصم فى وقت واحد. وهناك أمثلة معروفة من محمد على باشا ومن جمال عبد الناصر الذى كان يواجه فلول النظام القديم تارة والشيوعيين تارة أخرى والإخوان تارة ثالثة لكنه لم يكن أبدا حتى وهو فى عز قوته وشعبيته يقدم على مواجهة أكثر من خصم فى نفس التوقيت.
 
لذلك فإن واجبكم الأول فى هذه الظروف هو تحديد خصمكم الرئيسى الذى يهدد نظام الحكم ويتربص بالوطن، وتعبئة كافة الإمكانيات من اجل القضاء عليه أو تحجيمه. وفى رأيى المتواضع فإن الخصم الحقيقى للحكم الآن هو التيار الدينى المتطرف بكافة أشكاله وهو التيار الذى تحركتم ضده بجسارة فى ٣ يوليو ٢٠١٣. 
 
أما أن نجد أجهزة الدولة فى مواجهة مع التيار الدينى من ناحية وشباب الثورة من ناحية أخرى واليسار المصرى والليبراليين ومنظمات حقوق الإنسان من ناحية ثالثة ثم نفاجأ بعد كل هذا بعملية استعداء للصحفيين ومحاولة تأليب الرأى العام عليهم فهذا بعيد تماما عن كل فنون السياسة وقواعدها. كما أن تأليب الرأى العام على الصحفيين سياسة أثبتت فشلهها وكان حسنى مبارك أول من أطلق مقولة “ هو الصحفى على راسه ريشة؟ “ خلال أزمة قانون حبس الصحفيين التى انتهت بسحب مشروع القانون.
 
ولأن مواجهة التيار الدينى المتطرف هى مواجهة فكرية وثقافية فإنه لن يخوض هذه المعركة سوى المثقفون والكتاب والصحفيون وهم الذين تصدوا لنظام الإخوان بنجاح وعبأوا الشعب ضده خلال حكم محمد مرسى، وهذا الموقف كفيل بأن يغفر لهم خطاياهم التى أعلم انها كثيرة. ولولا رفض الشعب لنظام الإخوان لما استطعتم سيادتكم القيام بتحرككم البطولى فى ٣ يوليو ٢٠١٣. 
 
لكن ما نراه على أرض الواقع يدل على غير ذلك. فأحكام السجن على المفكرين وأصحاب القلم وترويع الناس بقانون ازدراء الأديان وإطلاق العنان لشيوخ الضلالة وتجار الدين لإرهاب المجتمع باسم تعاليم الإسلام تصب كلها فى خانة دعم التطرف والتعصب. 
 
حدد خصمك الرئيسى ياسيادة الرئيس وركز على كشف أغراضه واحرمه من أدوات الهيمنة على عقول الناس ونشر افكار التطرف والتعصب فى المجتمع باسم الدين وأفسح المجال للذين يحاربون تجار الدين ويضطلعون بتعرية مزاعمهم الباطلة. فقوى التطرف الدينى هى العقبة الأساسية فى سبيل تقدم مصر وازدهارها الذى نتمناه جميعا لأن هذه القوى لا تؤمن بمصر أساسا وتعتبرها ولاية فى الأمة الإسلامية التى يحلمون بإقامتها على أنقاض وطننا الحبيب. 
وأتمنى أن يوفقك الله فى مهمتك الشاقة وأن يحيط بك برجال لا يؤمنون بسياسة البطش والجبر وإنما يؤمنون بسياسة المواءمة والعقلانية والتخطيط وتحديد الأولويات.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter