الأقباط متحدون - ترسيم الحدود المصرية السعودية والحظر الدستورى
أخر تحديث ٠٥:٤٦ | السبت ٩ ابريل ٢٠١٦ | ١برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٨٩٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ترسيم الحدود المصرية السعودية والحظر الدستورى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

هاني دانيال
فى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من اقليم الدولة، هكذا تنص المادة 151 من الدستور التي توضح كيفية إبرام المعاهدات ولكم دون المساس بالحدود، حيث أكدت على أن “رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، ونكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور”.

عدت إلى نصوص الدستور في ضوء إثارة الجدل مؤخرا حول جزيرتى تيران وصنافير، بعد الإعلان عن توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وتدخل الجزيرتين في الاتفاقية.

حتى الآن لا يوجد أي معلومات رسمية بشأن هذه الجزر، ولم يطلع المجتمع عن فحوى نصوص هذه الاتفاقية، وهو ما فجر نوبة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل غياب الشفافية في التعامل مع الأمر، فهناك جدل حول تنازل مصري عن ملكية هذه الجزر لصالح السعودية، بينما هناك رأى أخري يقول أن مصر قامت بتأجير الجزر للسعودية بمقابل مالي غير معلن، مع التنازل عن 25% من أي ثروات يتم اكتشافها مستقبلا، وفى كل الحالات لم تفصح رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء عن تفاصيل هذه الاتفاقية.

وحسب الموقع الرسمي لوزارة البيئة، اعتبر الوزارة أن محمية راس محمد وتيران وصنافير جزر مصرية ومحمية طبيعية منذ عام 1983، تبعد جزيرة تيران حوالى 6 كم من ساحل سيناء الشرقى وهى من الجزر والشعاب المرجانية العائمة ، بينما جزيرة صنافير، توجد غرب جزيرة تيران وعلى بعد حوالى 2.5 كم منها يوجد بها خليج جنوبى مفتوح يصلح كملجأ للسفن عند الطوارئ.

وفى ضوء اعتراف وزارة البيئة بمصرية هذه الجزر، يصبح الحديث عن أن هذه الجزر ملكية سعودية أمرا غير صحيح، وبالتالي أي تأجير او تنازل يصبح فى إطار التفريط فى الأراضي المصرية والمخالف لنصوص الدستور، ومن ثم الأمر مرهون بتعامل مجلس النواب مع الأمر، خاصة وانه المنوط به التصديق على هذه الاتفاقيات من عدمه.

يضاف إلى ما سبق، ما نص عليه قانون رقم 102 لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية، والذى ظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنھا تدمير أو إتلاف أو تدھور البيئة الطبيعية ، أو

الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواھا الجمالى بمنطقة المحمية، ومن ثم أى مشروعات يتم تشييدها على هذه الجزر يعد مخالفة قانونية صارخة!

وحتى الآن لا توجد أي معلومات حقيقية بشأن تنازل مصر أو تأجيرها للجزر، ولكن الأبرز هنا تدوينة أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام – الجريدة القومية الأولى فى مصر – حين كتب” سلاما لحدود مصر من جزر تيران وصنافير إلى السلوم.. الشعب المصرى العظيم بذل أذكى الدماء وأنبل الأرواح دفاعا عن استقلاله الوطنى وحدوده من حلايب وشلاتين وجزر تيران وصنافير وطابا ورفح شرقا إلى السلوم والعوينات غربا، ومن أبو سمبل جنوبا إلى البحر المتوسط شمالا، وما زال مستعدا للبذل والعطاء بلا حدود من أجل صون كنانته وسيدة حضارات الدنيا”.

والسؤال هنا.. هل وصلت للأهرام أي معلومات بشأن نية الدولة فى التعامل مع هذه الجزر؟، أم انها تكهنات وتعليقات فقط؟

أقول ذلك وأنا أعلم أن هناك خلافا كبيرا نشب فى الأشهر الماضية بين رئيس مجلس ادارة الأهرام والسفير السعودي بالقاهرة، على خلفية اتهامات التجار للسعودية ومسئولياتها عن الأزمة اليمينة والسورية، ومن ثم ربما تعد هذه التدوينة محاولة اعتراض جديدة من النجار على الخطوات السعودية الأخيرة.

الكرة الأن في ملعب مجلس النواب لكى يحسم مصير اتفاقية ترسيم الحدود، مع الوضع فى الاعتبار أن الذاكرة المصرية لا تزال حاضرة بشأن ما اثير من التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وكذلك قرار وزير الدفاع – عبد الفتاح السيسي فى ذاك الوقت- الذى صدر فى الوقائع المصرية وحمل رقم 203 لسنة 2012 ، ونصت المادة الاولي أنه يحظر تملك أو تقرير حق انتفاع، أو ايجار اي نوع من التصرفات في الاراضي والعقارات في المناطق الاستراتيجية ذات الاهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية لجمهورية مصر العربية، بمسافة 5 كيلومتر غربا، ما عدا مدينة رفح والمبانى المقامة داخل الزمام وكردونات المدن فقط، والمقامة على الطبيعة قبل صدور القرار الجمهوري رقم 204 لسنة 2010، أو إيجار أو إجراء أى نوع من التصرفات فى الأراضى والعقارات الموجودة فى الجزر الواقعة فى البحر الأحمر والمحميات الطبيعية، والمناطق الأثرية وحرمها، وهو ما دفع لجنة الخمسين للنص صراحة عن حظر التنازل عن أي أرض مصرية، وبالتالي هناك مأزق دستوري يلوح في الافق واحراج سياسي بين البلدين يضاف للتوتر الذى شاب رؤية القاهرة والرياض للأزمة السورية، والمحاولات المستمرة من العاهل السعودي لتخفيف حدة التوتر بين القاهرة وأنقرة.. فهل من مخرج؟!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع