الأقباط متحدون - تم «التوريث» بحمد الله!
أخر تحديث ١٧:٣٢ | الجمعة ١٣ نوفمبر ٢٠١٥ | ٣ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تم «التوريث» بحمد الله!

عبد العظيم درويش
عبد العظيم درويش

وكأننا كنا فى حاجة إليها لتكتمل دائرة «التوريث» وتطوقنا بداخلها لنصبح «ميراثاً» لأبناء البعض ممن يتصورون أننا ملك لهم.

فإذا كنا قد اعتدنا على توريث مقعد البرلمان لأى من أفراد العائلة بمعنى أن يكون المقعد دائماً «لأبناء العم» مثلاً أو للشقيق أو لأبناء القبيلة أو العشيرة فالمهم أن يكون الوريث حاملاً لـ«لقب» العائلة، فإن انتخابات مجلس النواب -التى نستعد لمرحلتها الثانية- قد أزاحت الستار عن ظاهرة بدأت تتسرب إلينا وهى محاولة قصر «توريث المقعد» على الابن أو الابنة فقط دون غيرهما ممن يحملون لقب العائلة.

غريب أمرنا نحن المواطنين نختار ما يحلو لنا ويتفق مع وجهة نظرنا ونرفض أن نلتزم بما يفرضه علينا هذا الاختيار.. بمعنى أننا «نثور.. نستنكر.. ندين تصرفاً ما»، ثم فجأة نعود لننتج هذا التصرف الذى صوبنا إليه جميعاً «رصاصات الإدانة»، ولكن لصالحنا الخاص جداً هذه المرة!!

هذا هو ما أصبح منهجنا فى الحياة فنحن نعود دوماً لنسعى بأنفسنا إلى تحقيق ما سبق أن رفضناه أو ما حاول البعض فرضه علينا ولكن بأيدينا هذه المرة ولصالحنا.. هو ذات العمل وهى ذات المهمة وكأن ما أنفقناه من وقت وجهد لرفضه لم يكن له لزوم إلا لنحاول تطبيقه لتحقيق مصلحة خاصة ضيقة للبعض منا..!

ملايين خرجوا إلى الميادين تهتف بحناجرها.. صدور خضراء اخترقتها رصاصات الغدر لتستقر فى قلوب ملأها حب الوطن.. «خونة» رقصوا على أسفلت مغطى بدماء شهداء أبرياء.. عيون فُقئت.. أطراف تناثرت فى ميادين وشوارع الوطن.. أمهات ثُكلت.. زوجات ترملت.. أطفال تيتموا كل ذلك رفضاً لمبدأ «توريثُنا» للابن، ثم فجأة نسعى جاهدين لنعيد «عملية التوريث» -التى رفضناها- ولكن لأبنائنا هذه المرة..!!

فى كل مجال أو موقع نجد هذه الظاهرة.. ويكفى هنا ما كشفت عنه «الوطن» قبل نحو أسبوع من محاولة «كبار وزارة الرى» توريث «وظائفهم» لأبنائهم.. وهو ما تفضحه على «صفحة الوفيات» يومياً فى أى جريدة، إذ لا بد أن يتضمن نعى المسئول أسماء لأبناء العائلة فى الموقع الذى يشرف عليه «والد كل من.. و.. فى إدارة.. وشقيق.. و.. فى إدارة..»..!!

فى السابق اعتدنا هذا الأمر «عملية التوريث» فى مجالات عدة.. فمن النادر جداً بل ومن المستحيل أن تجد ابناً لأستاذ فى كلية الطب يعمل مهندساً مثلاً أو محاسباً.. أو تكتشف أن ابن اللواء قد تخرج فى كلية الزراعة وليست كلية الشرطة.. أو ابن القاضى لا يعمل فى أى مجال خارج السلك القضائى.. حتى تلك التى تحتاج إلى مهارات ومواصفات ومواهب خاصة لم تسلم من التوريث «الإعلام.. كرة القدم.. حتى الغناء والتمثيل»!!

ولأن «نائب البرلمان» يمثل أبناء دائرته ومواطنيها وآمالهم وآلامهم وطموحاتهم وسلطاتهم وبابا غنوجهم.. وإذا كان «أبناء» النواب السابقين قد اجتازوا الانتخابات وأصبحوا «نواباً» فإن دائرة «توريثنا» قد اكتملت بالفعل فقد جرى «توريثنا» تشريعياً وقضائياً وتعليمياً وطبياً وتنفيذياً وأمنياً وإعلامياً وصحفياً ورياضياً وفنياً أيضاً.!!

ولذا يُخيّل لى أنه لو كان الزعيم أحمد عرابى يدرى ما سيفعله أحفاد أحفاد أحفاده فى القرن الحادى والعشرين ما كان قد صرخ فى وجه الخديو توفيق بجملته الشهيرة: «لن نورث بعد اليوم».. فقد تم بالفعل «التوريث» بحمد الله!!

إذا كان «أبناء» النواب السابقين قد اجتازوا الانتخابات وأصبحوا «نواباً» فإن دائرة «توريثنا» قد اكتملت بالفعل فقد جرى «توريثنا» تشريعياً وقضائياً وتعليمياً وطبياً وتنفيذياً وأمنياً وإعلامياً وصحفياً ورياضياً وفنياً أيضاً.!!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع