الأقباط متحدون - السيناريست الذى فقد فيلمه
أخر تحديث ٠٥:٤٨ | الاربعاء ٢٢ يوليو ٢٠١٥ | ١٥أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٢٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

السيناريست الذى فقد فيلمه

خالد منتصر
خالد منتصر

صديقى كاتب السيناريو والمفروض أنه مؤلف أحد أفلام العيد والذى قام ببطولته واحد من أشهر نجوم الكوميديا الشباب، حكى لى هذا الصديق عن تجربته المدهشة والغريبة والعجيبة مع هذا الفيلم عندما شاهده فى إحدى دور السينما مع الجمهور فى ثانى أيام العيد، المفاجأة أن كاتب الفيلم لم يتعرف على الفيلم الذى كتب السيناريو والحوار له!! 75% من الفيلم لا يمت لما كتبه بصلة، ما شاهده هو شذرات وطراطيش وفتات ما كتبه، ما شاهده السيناريست على الشاشة هو فيلم آخر تماماً، شك فى نفسه متخيلاً أنه دخل فيلماً آخر، لم يعرف أنها قصته إلا من خلال اسم الفيلم، قال لى صديقى إنه غاص فى كرسيه وسد أذنيه عن شتيمة الصالة للبطل ولعن سلسفيله أيضاً بالتبعية، ظل على كرسيه لا يستطيع الوقوف،

لا تحمله قدماه، خجلان ومقهوراً وغاضباً، خرج يكلم نفسه فى الشارع، يسأل نفسه: ما هو الحل؟ ماذا أفعل؟ ما هى قيمتى وحجمى وتأثيرى ككاتب سيناريو فى ماكينة تلك الصناعة؟ ما هذه الشراهة والشراسة فى احتكار كل تفاصيل الفيلم من هذا النجم وأمثاله وهم تقريباً الأغلبية؟!! أسئلة كثيرة دارت فى ذهنه، عندما ألقاها أمامى كنت قاسياً للأسف عليه وانتقدته وألقيت باللوم عليه واتهمته بأنه السبب برضوخه لشروط هذا النجم، لكن عندما تأملت المسألة بموضوعية وجدت أن العيب هو فى صناعة السينما والدراما الجديدة ككل، وفى شروطها المستحدثة التى جعلت النجم قليل الثقافة والوعى هو المسيطر والمحتكر والحاكم بأمره، بداية ومفتتح الكلام لكى نتكلم بوضوح وشفافية، لا يوجد إلا وحيد حامد الآن ومن قبله أسامة أنور عكاشة، رحمه الله.

هما اللذان استطاعا أن يفرضا شروطهما على صناع الفيلم أو المسلسلات ولم يسمحا بأى تغيير فى سيناريوهاتهما إلا بعد موافقتهما وتوقيعهما، ومن احترم نفسه مثل عاطف بشاى ومحفوظ عبدالرحمن وقلائل غيرهما ممن أصروا على موقفهم ولكن ليست لديهم شركة إنتاج مثل وحيد حامد تم عقابهم وإبعادهم عن جنة الإنتاج الرمضانى والشوالى!! وباتت سيناريوهاتهم حبيسة الأدراج لسنوات طويلة لا تخرج إلى النور ولن تخرج فى ظل هذا النظام الدرامى العشوائى.

الطبيعى والبديهى والذى كان يحدث فى الماضى أن نقطة الانطلاق كانت هى السيناريو الذى يعرض على شركة الإنتاج ويتم اختيار المخرج وتعقد جلسات عمل ما بين المخرج وكاتب السيناريو، ثم تأتى خطوة الكاستنج أو توزيع الأدوار واختيار البطل والممثلين المساعدين... إلخ. هذه هى الخطوات الطبيعية المتعارف عليها والصالحة لإنتاج فيلم أو مسلسل جيد. كان هذا الترتيب الطبيعى يحدث قبل مرحلة ظهور السيناريست الترزى والنجم نصف الإله!! الترتيب صار معكوساً مقلوباً بهلوانياً: البداية هى النجم الذى يختار السيناريست الملاكى تبع سيادته أو سيادتها، وأحياناً تكون البداية من المنتج الخليجى صاحب الفضائية اللى عليها العين، يقول المنتج: أبغى هذا النجم الزين أو أبغى هذه النجمة اللطيفة الظريفة، ثم تبدأ العجلة الجهنمية فى الدوران، تبدأ جلسات العمل أو بالأصح جلسات الاستعباد والسخرة الفنية، يجلس السيناريست الترزى تحت قدمى النجم أو النجمة وبدلاً من أن يعمل لها المانيكير والباديكير يكتب لها سيناريو، وبديلاً عن شراء الخضار وتنظيف الشقة يكتب للنجم فيلماً أو مسلسلاً!! وبالطبع يهبط الوحى على الممثل إذ فجأة وبقدرة قادر يتحول إلى شكسبير، اكتب دى واشطب دى وقلوظ الجزء ده على مقاسى وظبط المشهد ده، عايز الناس تعيط هنا وتضحك هناك... إلخ، يظل النجم يؤلف أو بالأصح يولف من القص واللصق الذى جمعه من حصيلة أفلام قديمة ومشاهد رثة وذكريات مملة لا تصلح إلا لعملها قراطيس لب

لا سيناريوهات أفلام محترمة، هذا هو حال كاتب السيناريو البائس فى مصر. يظل الوسط الفنى يطلق على ما يكتبه «الورق» وكأنه ورق تواليت أو بفرة!! يدلعه المنتج والنجم طالما هو فى مرحلة الكتابة وأول ما «يتلايموا» على الورق يصبح هذا الكاتب شيطاناً رجيماً وضيفاً غير مرغوب فيه، وبمجرد دخوله من باب الاستديو يتأفف النجم ويختنق المنتج، فوجوده الثقيل على قلوب النجم والنجمة والمنتج يضيق عليهم فى استبدال المشاهد وطبخهم لوجبة اليخنى والحواوشى الدرامية الرثة البايتة التى سيخرجونها إلى الناس من بلاعة الصرف الدرامى التى انفتحت، وصار لكل عابر سبيل الحق فى إلقاء نفاياته خلالها، فيصبح من حق الذى يقدم النسكافيه للنجم أن يؤلف مشهداً، ومن حق الكوافير الذى يصفف شعر النجمة ويفرد لها بالكيرياتين أن يضيف ويحذف ما يروق لصاحبة العصمة ويطمئنها ويريح بالها.

تعريف السيناريست فى مصر «شخص يكتب مسودة الفيلم لكى يشطبها البطل وتعترض عليها البطلة ويأيفها المنتج ويشتمه الجمهور».
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع