الأقباط متحدون - احذروا الاغتيال المعنوى
أخر تحديث ٠٠:٢٦ | الجمعة ٣ يوليو ٢٠١٥ | ٢٦بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٠السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

احذروا الاغتيال المعنوى

أسامة هيكل
أسامة هيكل

تعرضت كما تعرض ملايين المصريين لاغتيال معنوى صاحب اغتيال الشهيد هشام بركات النائب العام فى جريمة إرهابية نكراء. وفى اليوم التالى انفجرت سيارة ملغومة بمدينة 6 أكتوبر قبل وصولها لهدفها. وهو ما كان يتفق مع التوقعات التى أشارت لاحتمالات تصعيد إرهابى كبير خلال الفترة من 30 يونيو حتى 3 يوليو على الأقل.

وأمس الأول جاء الحدث الأخطر وهو الحرب الحقيقية التى دارت على أرض سيناء فى الصباح الباكر واستمرت طوال اليوم. وقد بدأت الأخبار التى بُثت حول هذا الحدث بأن إرهابيين استهدفوا عدة كمائن للقوات المسلحة بشكل متزامن، وتواترت الأنباء عن سقوط شهداء بين صفوف القوات المسلحة، وبدأت وكالات الأنباء العالمية تبث أخباراً بأرقام متصاعدة بشكل مدروس عن أعداد الضحايا من القوات المسلحة، وأفردت القنوات العربية والعالمية مساحات بث مباشر للتعليق على هذه الأحداث وسط صمت إعلامى مصرى تام. وفى الظهيرة صدر بيان مقتضب من القوات المسلحة لم يُفهم منه سوى أن رجال القوات المسلحة ردوا على الإرهابيين ويلاحقونهم.

واستمر الشحن المعنوى السلبى ضد الشعب المصرى فى مقابل نقص المعلومات الرسمية عن الحدث، ووصل الأمر ذروته حينما أعلنت بعض وسائل الإعلام الدولية عن أسر عدد من الجنود المصريين. وبدأ الجميع يصاب بالإحباط نتيجة تناقل تلك الأخبار عبر وسائل الإعلام المرئية الإلكترونية بسرعة صاروخية. وشعر كثيرون أن القوات المسلحة تفقد السيطرة على أرض سيناء. وكان ذلك هو الهدف الواضح للعمليات الإرهابية فى سيناء، فالمطلوب هو هز ثقة الشعب فى قواته المسلحة.

ولأننى أعرف جيداً طبيعة عمل القوات المسلحة، فإن صمتها يعنى أن عمليات ما تدور على أرض سيناء، وعلمت من بعض المصادر أن هذا يحدث بالفعل وأنها عملية ضخمة شاركت فيها القوات الجوية ولكن حتى وقت الإفطار لم يكن المصريون يعلمون ماذا يحدث على وجه التحديد، وربما خفف من وطأة الإحباط قيام الشرطة باتخاذ إجراءات إيجابية تجاه أحد أوكار الإخوان فى 6 أكتوبر. وحينما صدر بيان القوات المسلحة فى الثامنة إلا عشر دقائق مساء كشف أن القتلى الإرهابيين تجاوزوا 100 قتيل، وحسب معلوماتى أنهم أكثر من ذلك. وأن الهجوم على الكمائن فى الصباح أدى لاستشهاد 17 من أبناء القوات المسلحة البررة. وهنا تنفس المصريون الصعداء فالسيطرة لا تزال موجودة، وعادت الثقة من جديد حينما بدأ بث صور القتلة الجناة الذين استخدموا أسلحة ثقيلة ضد قواتنا المسلحة فنالوا جزاءهم، وحسب معلوماتى أن الأمر متصل ولا يزال هناك الكثير.

والمؤسف أن الإعلام الغربى الذى كنا نظنه متزناً، لعب دوراً مسانداً تماماً للإرهابيين فى مهمتهم، ومن بين هذا الإعلام وكالات أنباء كبيرة ومواقع إلكترونية لصحف ذات سمعة عالمية، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، رويترز وأشوسيتدبرس وسكاى نيوز. وزاد من تأثيرها السلبى صمت الإعلام المصرى نتيجة نقص المعلومات.. والمعروف أن الإعلام وقت الأزمات تزداد حاجته للمعلومات أكثر من الأوقات الطبيعية.

وعلنياً أمام تلك الأحداث أن نضع فى اعتبارنا مجموعة من ثوابت الأمور:

أولاً: أن العمليات الإرهابية الأخيرة لم تكن تقليدية ومن الواضح فيها الاحترافية الشديدة، وهو ما يؤكد أن هناك أجهزة مخابرات دولية تقف وراءها، وهذا يعنى أن الحرب الحالية لها أطراف دولية يهمها ضرب الاستقرار فى مصر.

ثانياً: أن الإرهابيين الذين هاجموا كمائن القوات المسلحة أمس الأول كانوا يرتدون ملابس عسكرية، ومن الواضح أن ملامح الكثيرين منهم ليست مصرية، كما أن مواصفاتهم البدنية تشير إلى تدريب متخصص عالى المستوى.

ثالثاً: أن هناك تطوراً نوعياً فى العمليات الإرهابية، وأن استخدام هؤلاء الإرهابيين للأسلحة الثقيلة يطرح تساؤلات مهمة عن مواقع تخزين تلك الأسلحة، وهل هى داخل مصر من الأسلحة التى كانت تدخل مصر وقت حكم الإخوان أم أنها تدخل عبر الأنفاق من غزة. وهنا يجب أن نسأل عن طرق أخرى أكثر فاعلية فى مواجهة تلك الأنفاق التى تشكل خطراً داهماً على الأمن القومى المصرى بغضّ النظر عن اعتبارات عاطفية لم يعد لها ما يبررها حالياً.

رابعاً: أن مصر تتعرض الآن لهجوم، و أصبح القتال مفروضاً عليها، وأن هناك أعداء لنا فى الداخل والخارج، ولا يحول بين هؤلاء وتحقيق هدفهم إلا تماسك الجبهة الداخلية المصرية ووقوفها خلف القوات المسلحة مهما طال الأمر، وكذلك التفافها حول القيادة السياسية التى جاءت بشعبية غير مسبوقة وبتفويض شعبى فى مواجهة الإرهاب.

خامساً: أن الإعلام فى مصر فى حاجة ماسة لتطوير خطابه ليتماشى مع الأحداث، وعلى الجهات المسئولة أن تدرك ذلك، فالزمن تغير، ومن الواجب أن نسبق بالمعلومة الدقيقة من مصادرها الأصلية لئلا تستخدم وسائل إعلام أخرى معلومات مضللة من مصادر تخدم أهداف القوى الإرهابية وتؤثر معنوياً على الشعب المصرى.

سادساً: أن الحرب التى تخوضها مصر حالياً هى حرب قد تطول لسنوات، وهذا يحتاج قدرة هائلة، فهى ليست حرب تقليدية بين جيشين ولكنها حرب يعيش جزء من الخصوم فيها بيننا، وهذا يزيد من صعوبة الموقف.

سابعاً: أن مصر سوف تنتصر فى النهاية، لأنه لم يحدث أن نجحت منظمة إرهابية فى العالم فى القضاء على دولة. وعلينا أن نثق فى ذلك مهما طال الزمن.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع